شهد يوم الثلاثاء 16 سبتمبر 2025 محطة جديدة في مسار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مع إعلان الجيش الإسرائيلي بدء هجوم بري موسع باتجاه مدينة غزة، في إطار عملية “عربات جدعون ٢” التي تشكّل أوسع تحرّك عسكري إسرائيلي في القطاع منذ سنوات.[1] لم يعد الصراع محصورًا في الغارات الجوية أو القصف المدفعي، بل انتقل إلى اجتياح بري يضع سكان القطاع، البالغ عددهم أكثر من مليوني إنسان، أمام تهديد مباشر بتصاعد الكارثة الإنسانية.[2]
هذا الطرح العسكري الذي أعلن عنه رسميًا رئيس الأركان الإسرائيلي، إيال زامير، في 3 سبتمبر[3] 2025 جاء مترافقًا مع أوامر إخلاء جماعية وفتح مؤقت لطريق صلاح الدين للسماح بخروج المدنيين جنوبًا،[4] وهو ما أثار جدلًا واسعًا حول الأبعاد الإنسانية والقانونية للعملية. وبينما وصفت إسرائيل هذه الخطوة بأنها ضرورة أمنية للقضاء على البنية التحتية للمقاومة في غزة، اعتبرها كثيرون بداية لمرحلة أشد قسوة من الصراع، تنذر بتداعيات غير مسبوقة في تاريخ القطاع.[5]
وفي أوائل أكتوبر 2025، أعلن الجيش الإسرائيلي تقليص نطاق عملياته البرية تدريجيًا تنفيذًا للخطة الأمريكية التي عُرفت إعلاميًا بـ“خطة ترامب لوقف الحرب”،[6] والتي نصّت على تحوّل القوات الإسرائيلية إلى وضع دفاعي داخل غزة تمهيدًا لاتفاق لوقف إطلاق النار.[7] وأوضحت مصادر عسكرية إسرائيلية أن هذه الخطوة تأتي في إطار “إعادة تموضع للقوات” بعد تحقيق أهداف محددة في شمال القطاع، إلا أن هذا التطور لم يُنهِ المخاوف من اتساع رقعة الدمار، بل أثار تساؤلات حول طبيعة المرحلة المقبلة وما إذا كان الانسحاب الجزئي مقدمة لتصعيد جديد أو تمهيدًا لضغوط سياسية متزايدة على المقاومة.[8]
في هذا السياق، يسعى المقال التحليلي إلى استعراض دوافع ومواقف الأطراف المعنية، إسرائيل وحماس من اجتياح غزة، بالإضافة إلى المحور الإقليمي وكذلك الجهات الدولية، مع التركيز على التداعيات السياسية والإنسانية التي تهدد الأمن الإقليمي وتضع العالم أمام تحديات جديدة في مسار الحلول والتسويات.
أولًا: دوافع وأهداف أطراف الصراع
شهد قطاع غزة تصاعدًا غير مسبوق في الأحداث مع بداية العام 2023، حيث تصاعدت المواجهات بين القوات الإسرائيلية والفصائل الفلسطينية على خلفية سلسلة من السياسات الإسرائيلية التي زادت من الاحتقان داخل القطاع. شملت هذه السياسات حملات اقتحام للمدن الفلسطينية، اغتيال قيادات المقاومة، زيادة الاعتداءات الاستيطانية، والتضييق على الفلسطينيين في الداخل المحتل. وفقًا لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، فقد سُجل منذ بداية العام وحتى أغسطس مقتل 172 فلسطينيًا، وإصابة أكثر من 7,372، وهدم 780 منزلًا، مع ارتفاع بنسبة 39% في الاعتداءات الشهرية على الفلسطينيين مقارنة بالعام السابق، ومقتل 40 طفلًا خلال الأشهر السبعة الأولى، ما يعكس حجم التصعيد العسكري وتأثيره على السكان المدنيين[9].
هذه الضغوط المتزايدة على الفلسطينيين في القدس شكلت عاملًا محفزًا على التصعيد العسكري من جانب الفصائل الفلسطينية، خصوصًا حركة حماس وكتائبها العسكرية[10].
ويعد التصعيد الإسرائيلي الأخير وما تبعه من اجتياح غزة ردًا على عملية طوفان الأقصى حيث في صبيحة يوم السابع من أكتوبر عام ٢٠٢٣ قامت كتائب القسام بعملية عسكرية أسفرت عن مقتل ١٢٠٠ واحتجاز ٢٥١ أسير حسب الأرقام الإسرائيلية، والتي على إثرها شنت إسرائيل حربًا شاملة وحصارًا مطوقًا على قطاع غزة، بدأت بحملة قصف واسعة على غزة ثم توغّل بري في أواخر أكتوبر تبِعه تقدّم تدريجي شمالًا وجنوبًا، وتخلّلتها هدنة قصيرة نهاية نوفمبر بوساطة من مصر وقطر والولايات المتحدة لتبادل أسرى قبل أن تنهار المفاوضات لاحقًا؛ وبحلول أغسطس 2025 تجاوز عدد الشهداء في غزة 62 ألفًا، فيما لا يزال عدد من الأسرى الإسرائيليين محتجزين ويُعتقد أن نحو 20 منهم أحياء حتى مطلع سبتمبر 2025.[11] توسعت العمليات بهجوم واسع النطاق في مايو ٢٠٢٤ على رفح والتي كانت تؤوي أكثر من مليون نازح فلسطيني مما فاقم الأزمة الإنسانية سيما مع القيود على المساعدات[12]، وتوصل الأطراف إلى اتفاق هدنة آخر دخل التنفيذ يوم ١٩ يناير إلى أن انتهكته إسرائيل في مارس من نفس العام بمهاجمة غزة في هجمات أدت لارتقاء نحو ٤٠٠ شهيدًا فلسطينيًا.[13] بالتوازي مع ذلك، اتسعت رقعة الصراع إقليميًا بسبب رغبة القيادة الإسرائيلية في توسيع نطاق الحرب، حيث أدى تبادل إطلاق النار اليومي مع حزب الله إلى غزو إسرائيلي لجنوب لبنان في أواخر عام 2024[14]، فيما شنّ الحوثيون هجمات على الملاحة في البحر الأحمر قابَلَتها ضربات أمريكية-بريطانية ضمن جهود حماية الشحن وأصبحت على إثرها اليمن هدفًا للهجمات الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية[15]، بالإضافة إلى مواجهات مباشرة غير مسبوقة مع إيران فيما عرف بحرب الاثني عشر يومًا[16]، وسط هذه السلسلة المتتالية من الحصار، التهجير، وتدمير البنية التحتية الغذائية والطبية، أُعلنت للمرة الأولى أواخر أغسطس 2025 المجاعة رسميًا في محافظة غزة، وهي كارثة إنسانية غير مسبوقة؛ حيث يعيش أكثر من نصف مليون شخص في ظروف كارثية من الجوع، مع توقع انتشار المجاعة إلى وسط وجنوب القطاع، من المتوقع أن يصل عدد الذين يعانون إلى نحو 640 ألف شخص بحلول أواخر سبتمبر [17]2025.
وفي ذات السياق، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الثامن من أغسطس 2025 أن إسرائيل “تنوي السيطرة العسكريّة على كامل قطاع غزة”، في خطوة تعكس نيتها مواصلة الضغط العسكري وتوسيع نطاق العمليات البرية في القطاع. وأقر “الكابينت” مجلس الأمن السياسي الإسرائيلي الخطة رسميًا، التي تتضمّن السيطرة على غزة سيّما مدينة غزة، مع الإعلان عن نيتها منع حماس من الحكم، وضمان أمن إسرائيل، ودفع الفلسطينيين نحو جنوب القطاع ضمن “مناطق آمنة” مؤقتة مع توجيهات بإجلاء مدنيين من مناطق القتال لإفساح المجال للقوات الإسرائيلية[18]. وهو ما تعتبر قد بدأته عمليًا باستدعاء جنود الاحتياط[19] واستهداف الأبراج السكنية في مدينة غزة كما كررت هجماتها على المدينة ووزعت منشورات تحذيرية لإخلاء المدينة.[20]
- الدوافع والأهداف الإسرائيلية
منذ 7 أكتوبر 2023، بلورت إسرائيل أهدافًا عسكرية معلنة تشمل:
أولًا: تفكيك البنية العسكرية لحماس وهو الهدف الأكثر تكرارًا في تصريحات الجيش والحكومة حيث تعمل على تدمير الصواريخ، الأنفاق، ومراكز القيادة والتجهيزات العسكرية داخل غزة لتقليص قدرة الحركة على شن هجمات مماثلة. فهو هدف تكتيكي واضح ومباشر، وتعتمد إسرائيل في ذلك على الغارات الجوية والعمليات البرية لاستهداف المنظومات تسليحية والبُنى تحتية للحركة.[21]
ثانيًا: تحرير الرهائن
فقد أصبح ضغط إطلاق الرهائن هدفًا سياسيًا وإنسانيًا مركزيًا للحكومة الإسرائيلية وللرأي العام الداخلي الضاغط، وهو ما ظهر في مفاوضات ومبادلات الأسرى المتقطعة، وهو يمثل أساس ضغط الداخل الإسرائيلي على الحكومة.[22]
ثالثًا: إعادة فرض الردع ومنع تكرار الهجمات
الهدف الاستراتيجي المعلن: استعادة «الردع» بحيث يعتقد خصومُ إسرائيل أن كلفة أي هجوم مماثل ستكون غير مقبولة. الردع هنا يشتمل على هزيمة تكتيكية لحماس وفرض تكاليف جسيمة عليها وعلى بنيتها العسكرية والسياسية، بالإضافة لإلحاق الضرر بحلفائها وداعميه.[23]
هذه الأهداف موثقة في تصريحات القادة الإسرائيليين والتحليلات العسكرية والسياسية، وتُعبر عن منظور تقليدي يستخدم القوة لتثبيت الأمن القومي.[24]
على الصعيد الداخلي، يرى بعض المحللين أن استمرار الحرب على غزة يخدم بالدرجة الأولى بقاء نتنياهو السياسي أكثر من كونه يحقق أهدافًا عسكرية حاسمة؛ فوقف القتال في الظروف الحالية قد يُفسَّر كفشل يفتح الباب أمام تحقيقات وانتخابات مبكرة تهدد موقعه، بينما يتيح له إطالة أمد الحرب كسب الوقت على أمل تغير الظروف أو تحسن شعبيته. كما أن اعتماد نتنياهو على وزراء اليمين المتطرف، من أحزاب مثل الصهيونية الدينية والقوة اليهودية، وشاس، ويهدوت هاتوراه[25]، الذين يرفضون أي هدنة أو تسوية، يجعله مضطرا لمجاراة الخط المتشدد حفاظًا على تماسك الائتلاف الحاكم. في الوقت ذاته، تمنحه أجواء الطوارئ الناتجة عن الحرب فرصة لتأجيل الانتخابات وإضعاف المعارضة التي رغم قوتها الشعبية تجد صعوبة في إسقاطه خلال حالة الصراع المفتوح.[26]
أما على المستوى الاستراتيجي طويل المدى، فتهدف إسرائيل لتغيير البيئة الإقليمية بالكامل لضمان أمن إسرائيل وضمان نزع سلاح القطاع بشكل كامل وإبقاء حرية عمل الجيش الإسرائيلي فيه بلا سقف زمني، ومنع عودة حماس أو أي بديل راديكالي عبر عملية طويلة من “نزع التطرف” في المؤسسات التعليمية والدينية والاجتماعية. كما تسعى إسرائيل – في أحد التصورات المطروحة لليوم التالي للحرب – لفرض إدارة مدنية محلية غير مرتبطة بحماس أو بجهات تعتبرها داعمة للإرهاب، مع رفضها القاطع لفرض حل الدولتين أو الاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية، باعتبار ذلك مكافأة للإرهاب. وترى إسرائيل أن إعادة إعمار غزة يجب أن تبقى مشروطة بشروطها الأمنية والسياسية، وبمصادر تمويل عربية مقبولة، بما يدمج القطاع في مشاريع اقتصادية إقليمية أوسع. وفي الوقت ذاته، تسعى إسرائيل إلى استثمار نتائج الحرب في تعزيز تحالفاتها الإقليمية مع الدول العربية البراغماتية تحت المظلة الأمريكية، وبناء جبهة أوسع لمواجهة إيران ومحورها.[27]
- موقف حماس من اجتياح غزة
مع اتساع رقعة الاجتياح البري لمدينة غزة وتصاعد وتيرة القصف الإسرائيلي خصوصًا بعد العمليات البرية المكثفة التي طالت أحياء سكنية في وسط وغرب وشرق المدينة، دخلت الأوضاع الإنسانية مرحلة أكثر خطورة، مع انقطاع شبه كامل للاتصالات، ونقص حاد في الخدمات الصحية والأساسية، فضلاً عن نزوح جماعي من المناطق المشتعلة. في هذا السياق المشحون، جاء موقف حركة حماس، ممثلًا في بيانات كتائب القسّام، كرد فعل مباشر على التصعيد الميداني والضغط العسكري المكثف، محاولةً إعادة تشكيل السردية ورفع سقف التفاوض مع إسرائيل.[28]
جاء بيان يوم الخميس ١٨ سبتمبر ٢٠٢٥ ليعكس استراتيجية متعددة الأبعاد في مواجهة الاجتياح الإسرائيلي الأخير لمدينة غزة.[29] فعلى المستوى العسكري الميداني، سعت الحركة إلى تأكيد استمرار قدرتها على القتال رغم شدة القصف والتوغل وعزمها على استكمال ما بدأته مهما كانت الخسائر. كما أنها في البيان استخدمت أسلوب الضغط من خلال التلويح بورقة الأسرى الإسرائيليين. إذ أعلنت أن هؤلاء الأسرى موزعون داخل أحياء المدينة، وأعلنت أكثر من مرة أن إسرائيل باجتياحها غزة “لن تستعيدهم أحياء أو أموات”، في رسالة تهدف إلى تقويض أي خطط لإنقاذهم عبر عمليات خاصة، وإظهار التوغّل الإسرائيلي باعتباره مغامرة خاسرة.
أما على المستوى السياسي والإعلامي،حماس تُقدّم نفسها كقوة صامدة في مواجهة أعتى آلة عسكرية وتربط بقاءها بالشرعية الشعبية الفلسطينية. وقد حرصت حماس على تحميل نتنياهو المسؤولية المباشرة عن مصير الأسرى من خلال القول “طالما أراد قتلهم”، معتبرة أن قراره بالتصعيد العسكري يعني عمليًا تعريضهم للموت. هذه اللغة التي تهدف إلى نقل الضغط من ساحة المواجهة العسكرية إلى الداخل الإسرائيلي، إذ أن الخطاب موجه للداخل الاسرائيلي بقدر ماهو موجه للعالم حيث تُشكّل قضية الأسرى موضوعًا حساسًا للرأي العام وتؤثر في استقرار الحكومة من خلال المعارضة.[31]
وعلى المستوى النفسي والمعنوي، تسعى الحركة عبر خطاباتها إلى رفع معنويات الفلسطينيين والتأكيد على صمودها رغم الكلفة البشرية والمادية الكبيرة، وفي الوقت ذاته إرسال رسالة تهديد إلى المجتمع الإسرائيلي بأن استمرار العمليات البرية لن يؤدي سوى إلى خسائر مضاعفة وهو ما يضع اسرائيل في مأزق نظرًا للاحتقان الشعبي الداخلي من ممارسات حكومته. [32]ولم يقتصر رد فعل حماس على مجرد البيانات والخطابات السياسية، بل تحوّل سريعًا إلى تحرك عسكري ملموس على الأرض. فقد بثت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية، في الخامس من سبتمبر/أيلول ٢٠٢٥، مشاهد تظهر استهداف آليات الاحتلال الإسرائيلي ضمن حقل عبوات شرق مفترق الصفطاوي، شمالي قطاع غزة، في إطار سلسلة عمليات أطلقت عليها اسم “عصا موسى”.[33]
وتدل هذه الخطوة على أن حماس تتبنى استراتيجية الرد المباشر على العمليات الإسرائيلية، في محاولة لتحقيق توازن تكتيكي يوازي الضغط العسكري الذي تمارسه تل أبيب على القطاع، حيث تسعى حماس إلى استهداف الأصول العسكرية للعدو بطريقة مدروسة، دون الانجرار إلى مواجهات مفتوحة قد تكبدها خسائر أكبر.
تؤكد هذه التحركات أن حماس لن تكتفي بالدور السياسي أو الإعلامي، بل تسعى إلى تأكيد حضورها الميداني واستمرار القدرة على الضغط العسكري في مواجهة الاحتلال، وهو ما يجعل أي تقييم لمستقبل القطاع مرتبطًا بتوازن القوى بين العمليات الإسرائيلية والمقاومة الفلسطينية، ومؤشرات القدرة على إدارة الصراع دون انزلاق نحو تصعيد شامل.
- موقف الأطراف الإقليمية:
إن الاجتياح الإسرائيلي لغزة وأطروحته ضمن عملية «عربات جدعون 2» لم يكن حدثًا عسكريًا فحسب، بل محطة كاشفة لموازين القوى الإقليمية، حيث وجدت الدول العربية والإسلامية نفسها مضطرة لتحديد مواقف أكثر وضوحًا بين الإدانة، الضغط الدبلوماسي، وحسابات المصالح الوطنية.
أصدرت السعودية بيانًا أدانت فيه الاجتياح “بأشد العبارات”، وطالبت مجلس الأمن بالتدخل لوقف ما وصفته بجرائم القتل والتهجير القسري. كما دعت، بحسب بيان وزارة الخارجية، أعضاء مجلس الأمن إلى التحرك العاجل لوقف ما وصفته بعمليات القتل والتجويع والتهجير القسري للفلسطينيين.[34] كما أن المملكة رحبت ببيان صادر عن 26 دولة طالبوا بإنهاء الحرب على قطاع غزة وتقديم المساعدات الإنسانية، مؤكدة موقفها الدائم الداعم لحل الدولتين كحل عادل ودائم للقضية الفلسطينية. [35]وهو موقف يعكس رغبتها في تعزيز دورها القيادي عربيًا وإسلاميًا، مع الحفاظ على وزنها الدولي.
أما قطر، فتبنت لهجة أكثر حدّة، معتبرة أن ما يجري يمثل “استمرارًا لحرب الإبادة”، بالتوازي مع دورها كوسيط رئيسي في المفاوضات والجهود الإنسانية. أكد رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري تقدير بلاده للتضامن العربي والإسلامي ضد الهجوم الإسرائيلي على غزة. وشدد على أن قطر لن تتهاون مع أي تهديد لسيادتها أو أمنها الوطني، مؤكدًا استعدادها لمواجهة أي تهديد بكل الوسائل القانونية. وفي سياق الاجتياح، برزت الدوحة كمنصة حوار إقليمي، حيث أعادت تفعيل قنواتها مع الولايات المتحدة وإيران وحماس، لتثبيت موقعها كلاعب لا غنى عنه في أي تسوية مقبلة.[36]
بينما تركز مصر على رفض أي سيناريو ينطوي على تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، مؤكدة أن إعادة إعمار غزة يجب أن تتم دون تغيير ديموغرافي[37]، كما حذرت مصر من أن التصعيد الإسرائيلي في غزة يشكل تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي. وأعلنت أن أي اجتياح لحدودها سيواجه “بكل قوة ودون تردد”. كما عززت وجود الجيش المصري في شبه جزيرة سيناء بعشرات الآلاف من الجنود والمعدات العسكرية، بالتنسيق مع تل أبيب وفق ما ينص عليه الملحق العسكري لاتفاقية السلام بين البلدين. وهو موقف يتناغم مع دورها المحوري كجار مباشر له اعتبارات أمنية داخلية في سيناء ودور تقليدي في الوساطة.[38]
على الصعيد الأوسع، برزت تركيا كطرف تصعيدي في الخطاب السياسي ضد إسرائيل. أدانت تركيا التوسع العسكري الإسرائيلي في غزة، بوصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الهجوم الإسرائيلي على غزة بأنه “إبادة جماعية مستمرة منذ 700 يوم”، مؤكدًا أن “شعب غزة يُقتل بسلاح التجويع”، داعيًا جميع الدول إلى الاعتراف بدولة فلسطين.[39] ولطالما كان توجه تركيا لا يتركز فقط على إدانة التوسع العسكري الإسرائيلي وإنما بالمطالبة بضغوطًا دولية واضحة، بما في ذلك مراجعة العلاقات التجارية، لوقف الانتهاكات المستمرة. ودعت المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل وفرض عقوبات فعلية.[40]
في المحصلة، رغم اختلاف اللهجات والمواقف، يظهر تنسيق عربي وإسلامي متنامٍ، تجلّى في بيانات مشتركة واجتماعات وزارية، مثل القمة الطارئة في الدوحة التي انعقدت قبل الاجتياح لكنها اكتسبت بعده زخمًا إضافيًا، مؤكدة رفض التهجير والدعوة لوقف إطلاق النار وتوفير الحماية الدولية للمدنيين.
- موقف الأطراف الدولية
الولايات المتحدة الأمريكية:
يتسم الموقف الأميركي من اجتياح غزة بقدر من التباين والازدواجية. فمن جهة، تؤكد واشنطن على التزامها التاريخي بدعم إسرائيل عسكريًا وسياسيًا، وتوفر لها الغطاء اللازم في مواجهة الانتقادات الدولية. ومن جهة أخرى، تكشف المداولات الداخلية عن قلق عميق من أن يؤدي الاحتلال الكامل للقطاع إلى كارثة استراتيجية، سواء عبر تحويل إسرائيل إلى دولة منبوذة أو عبر تورطها في استنزاف طويل الأمد على غرار الفخ الذي نصبه قادة حماس. وقد عكست تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذا التناقض بوضوح، إذ منح نتنياهو ما وصفه بـ”الضوء الأخضر” للحسم العسكري، لكنه في الوقت نفسه حذّر من أن استمرار الحرب يلطخ سمعة إسرائيل ويضعف موقعها داخل الكونغرس وفي الساحة الدولية. هذا التباين لا يقتصر على ترامب وحده، بل يشمل أيضًا مؤسسات الدولة الأميركية العميقة التي أوصت منذ البداية بالاكتفاء بعمليات محدودة وعدم الانجرار إلى اجتياح شامل، وهو ما تجاهلته حكومة نتنياهو. ومع ذلك، لا تزال واشنطن محكومة باعتبارات التحالف التاريخي واللوبيات المؤثرة التي تمنعها من ممارسة ضغط مباشر لوقف الحرب حتى عقد مؤتمر “السلام الدائم” بالشراكة بين ترامب ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وهو ما يفسر استمرار خطاب الدعم المبدئي لإسرائيل مقابل تحذيرات ضمنية من مخاطر الاستنزاف وتراجع المكانة الدولية.[41] ويعكس هذا الموقف كيف تتجاهل الولايات المتحدة الأمريكية في دعمها المفتوح للعدوان الإسرائيلي التكلفة المدنية الهائلة لاجتياح مدينة غزة حيث إنها أكثر مدن القطاع اكتظاظًا بالسكان لاستقبالها النازحين من المدن الأخرى وسيؤدي اجتياحها لخسائر فادحة في الأرواح.
الاتحاد الأوروبي:
اتسم الموقف الأوروبي بالتنديد بالأوضاع الإنسانية المتدهورة في غزة والدعوة لسلام دائم ومستقر على أساس حل الدولتين والدعوة لوقف إطلاق النيران وتحرير الرهائن وهو ما أظهر بيان الاتحاد الأوروبي الصادر عقب قمة بروكسل في ٢٦ يونيو ٢٠٢٥[42] فيما تباينت مواقف العواصم الأوروبية تجاه قرار اجتياح غزة بين تحذير قاسٍ ودعوات لإجراءات ملموسة حيث دعت دول أوروبية ووزارة الخارجية الأوروبية دعوات عاجلة لتحسين الوضع الإنساني ومنع تصعيدٍ قد يفضي إلى انتهاكات واسعة للقانون الدولي، في بيان مشترك طالب بوقفٍ فوري وإجراءات ملموسة لتأمين وصول المساعدات.[43] رغم ذلك، ظلّ التكتّل منقسمًا حول خطوات أقوى (كفرض قيود دبلوماسية أو اقتصادية)، إذ ظهرت فروقٌ ملحوظة بين دول تدعو إلى مزيد من الضغط والعقوبات وأخرى تحرص على خطوط اتصال مع تل أبيب لتفادي تدهور العلاقات الإستراتيجية.[44] بعض العواصم صعدت لهجتها علنًا حيث وجهت إدانة صارمة لخطط السيطرة على مدينة غزة باعتبارها خطوة قد تؤدي إلى «كارثة إنسانية» وتشكل خرقًا لقواعد القانون الدولي، بينما ناقشت حكومات أخرى تعليق شحنات أو مبيعات أسلحة رافقته إشارات إلى خطوات تقييدية مؤقتة.[45] على المستوى العملي، أظهر الإعلام الأوروبي وحوارات وزراء الخارجية أن القرار الأوروبي النهائي لا يزال مرهونًا بمدى اتساع الاجتياح ومآلاته الإنسانية والسياسية، ما يجعل موقف الاتحاد مرنًا لكن متجهًا تدريجيًا نحو مزيد من الضغط المشروط على إسرائيل.[46]
الأمم المتحدة:
أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش عن قلق بالغ إزاء قرار الحكومة الإسرائيلية بـ “السيطرة على مدينة غزة”. وقال “إن هذا القرار يمثل تصعيدًا خطيرًا ويخاطر بتعميق العواقب الكارثية بالفعل على ملايين الفلسطينيين، وقد يزيد من تعريض مزيد من الأرواح للخطر، بما في ذلك أرواح الرهائن المتبقين”[47].
فيما أطلقت قيادة مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان نداءً علنيًا للقبول بأن الوضع قد يصل إلى درجة تطابق معايير “الإبادة الجماعية”، مشددةً على مسؤولية المجتمع الدولي في منع انتقال هذه التوصيفات من إطار القانون إلى واقع على الأرض.[48]
من جهة أخرى، يدعو مجلس حقوق الإنسان ودول عضو متعددة إلى فرض حظر دولي فعلي على توريد الأسلحة إلى إسرائيل، مستندين إلى قرارات سابقة تدين استخدام الجوع كسلاح ومحاولة استنزاف السكان المدنيين. هذا الموقف يأتي بالتوازي مع مطالبات بوقف فوري لأي عمليات عسكرية واسعة وتأمين ممرات إنسانية دون معوقات.[49]
خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة
تحت عنوان خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة، برزت مبادرة أمريكية جديدة تهدف إلى استبعاد حركة حماس من أي تسوية مستقبلية، عقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اجتماعًا مع قادة ومسؤولين من عدة دول ذات أغلبية مسلمة، بينها السعودية والإمارات وقطر ومصر والأردن وتركيا وإندونيسيا وباكستان، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة إدارة غزة بعد الحرب. قدم ترامب خلال الاجتماع خطة انتقالية تستبعد حركة حماس وتشجع هذه الدول على المساهمة بقوات ودعم مالي لإعادة الإعمار، في خطوة تهدف إلى إعادة ضبط السلطة السياسية في القطاع وتقليل نفوذ الفصائل المسلحة، وهو ما يعكس تصاعد الاهتمام الدولي بالمسار السياسي بعد الحرب.[50]
ولم يقتصر الأمر على هذا الاجتماع، بل تلاه مؤتمر أعلن فيه ترامب ما أسماه ‘خطة السلام الأبدي’ في الشرق الأوسط والتي أعلنها في مؤتمر مشترك مع بنيامين نتنياهو مساء الإثنين ٢٩ سبتمبر والتي تتضمن ٢٠ بندًا أبرزهم إلزام الدول العربية المنخرطة في المفاوضات بضمان إخلاء القطاع من حركة حماس تمامًا ونزع سلاحهم خلال ٧٢ ساعة ومن ثم تتولى إدارة القطاع هيئة دولية برئاسة ترامب نفسه ولا يسمح بإشراك أي عناصر من حركة حماس أو من السلطة الفلسطينية في الإدارة، وهو الحل الذي لا يكاد يختلف عن رؤية نتنياهو السابقة لإنهاء الحرب، وقد رحب به وأشاد بالرئيس ترامب في المؤتمر المذكور[51]، وأعقب المؤتمر صدور بيان مشترك من كل من: وزراء خارجية كل من جمهورية مصر العربية، والمملكة الأردنية الهاشمية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية إندونيسيا، وجمهورية باكستان الإسلامية، وجمهورية تركيا، والمملكة العربية السعودية، ودولة قطر، يرحب بمبادرة الرئيس ترامب لإحلال السلام في المنطقة، مؤكدًا على منع التهجير وعلى حل الدولتين[52]، وبالمثل فقد رحب رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا بإحلال السلام في المنطقة مؤكدًا على حل الدولتين كذلك[53]، وتأتي هذه المواقف في ظل ترحيب عالمي كبير بخطة الرئيس ترامب لإحلال السلام بالمنطقة[54]، فيما لم تصرح حركة حماس بردها حتى وقت كتابته، ولا يخفى ما في مضمون الخطة من تناقض مع مبدأ حل الدولتين الذي تؤكد عليه الدول العربية ورئيس المجلس الأوروبي حيث صرح ترامب بأن نتنياهو لن يعترف بالدولة الفلسطينية.
ثانيًا: التداعيات السياسية
لم تعد نتائج الاجتياح الإسرائيلي لغزة محصورة بالبعد العسكري، بل انعكست مباشرة على التوازنات السياسية في المنطقة والعالم، لتعيد رسم المشهد الدبلوماسي وتفرض حسابات جديدة على الأطراف الدولية والإقليمية.
أول هذه التداعيات تمثّل في تدهور الشرعية الدولية لإسرائيل. فعدد متزايد من الحكومات الغربية بات يوازن بين دعمه التقليدي لتل أبيب وبين تصاعد الانتقادات المرتبطة بالانتهاكات الموثّقة بحق المدنيين. على سبيل المثال، أعلنت ألمانيا تعليق بعض صادرات الأسلحة الحساسة خشية استخدامها في غزة، فيما دفعت الضغوط الأوروبية المفوضية الأوروبية إلى التوصية بتجميد اتفاقيات التجارة الحرة مع إسرائيل. هذه الخطوات تُشير إلى بداية تحوّل سياسي أوروبي، حيث لم تعد الاعتبارات الأمنية وحدها كافية لتبرير الدعم غير المشروط.[55]
التداعي الثاني يكمُن في تعزيز الاعتراف الدولي بدولة فلسطين. فخلال 21–22 سبتمبر، أعلنت المملكة المتحدة وكندا وأستراليا [56]وفرنسا [57]اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، في خطوة غير مسبوقة في تزامنها وتوقيتها. هذا الاعتراف لم يكن قرارًا رمزيًا فقط، بل رسالة سياسية مفادها أن الحل العسكري في غزة لم يعد مقبولًا، وأن المجتمع الدولي بات أكثر ميلاً لدفع مسار «حل الدولتين» كخيار وحيد لتجنّب الانزلاق نحو فوضى أوسع.
كذلك، شهدت العملية تصاعد الضغط الدبلوماسي والاقتصادي على إسرائيل. الاتحاد الأوروبي بدأ يناقش علنًا فرض إجراءات عقابية تشمل فرض رسوم أو حتى عقوبات على صادرات إسرائيلية، في حين تزايدت الدعوات داخل برلمانات أوروبية لإعادة النظر في التعاون العسكري والأمني.[58] هذه الضغوط تترافق مع تقارير أممية تتحدث عن «خطر الإبادة الجماعية» و«جرائم حرب»، وهو ما يفتح الباب أمام المساءلة أمام محكمة العدل الدولية (ICJ) والمحكمة الجنائية الدولية (ICC).[59]
إلى جانب ذلك، هناك خطر يتمثّل في تأجيج التطرف. فإن استهداف الأحياء السكنية في غزة يغذّي مشاعر الغضب داخل الشارع الفلسطيني والعربي، ما قد ينعكس في زيادة شرعية الفصائل الأكثر تشددًا على حساب أي مسار سياسي معتدل. في الداخل الإسرائيلي أيضًا، قد تتصاعد الانقسامات الحزبية بين مؤيدين للنهج العسكري المتشدد وقطاعات أخرى تخشى من التكلفة السياسية والدبلوماسية المتراكمة.
أما على صعيد القضية الفلسطينية نفسها، فقد أضفت هذه التحولات الدولية زخمًا جديدًا لمسار الاعتراف بفلسطين في المحافل الأممية. غير أن غياب قيادة موحّدة وقادرة على استثمار هذا الزخم يثير المخاوف من أن يظل الاعتراف شكليًا ما لم يقترن بقدرة فلسطينية على توحيد الموقف الداخلي وتقديم مشروع سياسي واضح.
في المحصلة، يتضح أن العملية لم تُنتج نتائج ميدانية فقط، بل أطلقت سلسلة من التداعيات السياسية التي تهدد بعزل إسرائيل دوليًا، وتعيد ترتيب مواقف القوى الكبرى، وتفتح الباب أمام مكاسب دبوماسبة للقضية الفلسطينية. وهي تداعيات قد تمتد لسنوات، بما يجعل من «عربات جدعون 2» نقطة تحوّل لا تقل أهمية عن نتائجها العسكرية.
ثالثًا: التداعيات الإنسانية في قطاع غزة
1. زيادة أعداد الشهداء والجرحى
منذ انطلاق العملية الإسرائيلية المكثفة على مدينة غزة في 13 سبتمبر 2025، تحوّل المشهد إلى أزمة إنسانية حادة متعددة الأبعاد. فعلى صعيد الخسائر البشرية، وثّقت المستشفيات ما يقارب 47 حالة وفاة يوميًا في الأيام الأولى، معظمهم من المدنيين وبينهم أطفال.[60] ومع اتساع نطاق العمليات، وزارة الصحة في غزة سجّلت خلال الفترة ما بين 10 و17 سبتمبر نحو 416 شهيدًا و2,194 جريحًا، أي أن الغالبية الساحقة من الضحايا كانوا من غير المقاتلين، وهو ما يعكس حجم الاستهداف المباشر للأحياء السكنية، بما في ذلك الأطفال الذين تكبدوا نصيبًا كبيرًا من الخسائر.[61]
2. النزوح وإدارة الملاجئ
يعتبر النزوح الجماعي من أبرز تداعيات الاجتياح. مع بدء المرحلة البرية في 15 سبتمبر، ارتفع عدد النازحين تدريجيًا ليبلغ حوالي 250 ألف شخص في يوم واحد تقريبًا، بحسب تقديرات وكالات الأمم المتحدة.[62] وأشارت تقارير إنسانية إلى نحو نصف من أكثر من 246,800 حالة نزوح مسجّلة منذ منتصف أغسطس 2025 وقعت خلال الأسبوع الممتد تقريبًا بين 17 و24 سبتمبر 2025. ونتيجة لذلك، باتت أعداد كبيرة من الأسر تنام في الشوارع أو في خيام مؤقتة وتكافح من أجل البقاء. هذا الضغط الهائل انعكس مباشرة على مراكز الإيواء التابعة للأونروا، والتي كانت تستضيف نحو 94 ألفًا فقط في بداية التصعيد. كما تعرّضت 11 منشأة تابعة للأونروا، كانت تؤوي نحو 11,000 نازح، لأضرار مباشرة نتيجة القصف، فيما تجاوزت أعداد النازحين قدرة الملاجئ الاستيعابية بأضعاف.أما أماكن النزوح، فتشمل مناطق مثل دير البلح والمواصي في الجنوب، إضافة إلى أن العديد من السكان يفضلون البقاء في مناطقهم الأصلية داخل غزة، حيث يقيمون في شوارع المدينة أو بالقرب من المباني المدمرة. ويعاني النازحون من نقص حاد في الخدمات الأساسية مثل الغذاء والمياه والرعاية الصحية، وسط استمرار العمليات العسكرية التي تجعل العثور على مناطق آمنة أمرًا صعبًا.[63]
3. انهيار الخدمات الأساسية وانقطاع المياه
انهارت الخدمات الأساسية بوتيرة متسارعة. فقد انقطع التيار الكهربائي بشكل شبه كامل عن معظم الأحياء منذ 14 سبتمبر، فيما حُرم مئات الآلاف من السكان من المياه الصالحة للشرب بسبب تدمير الشبكات وتعطل محطات الضخ. [64]ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل شمل أيضًا تعطيل شبكات الاتصالات والإنترنت بفعل القصف، الأمر الذي عرقل عمليات الإنقاذ وأدى إلى عزل مجتمعات كاملة عن العالم الخارجي.[65] مثّل الوصول إلى المياه وخدمات الصرف الصحي تحديًا أكثر خطورة. بحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، يقع أكثر من ثلثي مرافق المياه والنظافة اليوم داخل مناطق نزوح أو مناطق عسكرية مغلقة، فيما رفضت السلطات الإسرائيلية جميع طلبات ضخ المياه بالصهاريج منذ 11 سبتمبر. فقد دمّر القصف المباشر أجزاء واسعة من شبكات المياه والصرف، ما أدى إلى فيضان المجاري في شوارع المدينة ورفع مخاطر انتشار الأمراض المعدية بشكل حاد. ويُضاف إلى ذلك تهديد توقف المحطة المركزية للضخ وعدم القدرة على الوصول إلى بحيرة الشيخ رضوان، الخزان الرئيس لمياه الصرف، منذ أسابيع، وهو ما ينذر بحدوث فيضانات وتلوث بيئي واسع في الأحياء المحيطة.[66]
تفاقم هذا المشهد بتراكم آلاف الأطنان من النفايات في الأحياء السكنية ومراكز الإيواء، إذ لم تعد سوى 20% من مركبات جمع النفايات تعمل، الأمر الذي حوّل مناطق مكتظة بالنازحين إلى بؤر محتملة للأوبئة. ورغم محاولات محدودة لإنعاش بعض خطوط المياه عبر تدخلات طارئة بدعم دولي، فإن الطاقة التشغيلية الحالية لا تتجاوز خمس القدرة المستهدفة، ما يترك غالبية الأحياء دون مصدر آمن للمياه.[67] بهذا الشكل، يتحول انهيار البنية الخدمية في غزة إلى عنصر مضاعِف للأزمة الإنسانية، حيث يتجاوز تأثيره البعد المعيشي المباشر ليخلق بيئة حاضنة للأمراض، ويقوّض آخر ما تبقى من مقومات الصمود المدني.
4. تردي حالة القطاع الصحي والقدرة على الاستجابة الطبية
فإن القطاع الصحي أصبح بين الأشد تضررًا. مستشفى الشفاء، وهو أكبر مرافق غزة الطبية، استقبل عشرات الجثامين يوميًا ومئات الجرحى في ظل نقص حاد في المستلزمات. ورغم محاولات الطواقم الطبية الصمود في وجه الضغوط المتزايدة، فقد دخل النظام الصحي في مدينة غزة مرحلة انهيار متسارع منذ انطلاق الاجتياح البري. فإن وزارة الصحة سجّلت خلال الفترة ما بين 10 و17 أيلول/سبتمبر 2025 ما لا يقل عن 416 قتيلاً و2194 جريحًا نتيجة العمليات العسكرية، وهو ما فاق قدرة المرافق الصحية المتبقية على الاستيعاب. كما يشير التقرير نفسه إلى أنّ معدلات إشغال الأسرة في بعض المستشفيات تجاوزت 180% وصولًا إلى 300%، ما يعكس ضغطًا غير مسبوق على القدرة الاستيعابية.[68]
في السياق نفسه، أعلنت (الأونروا) عن تعليق خدماته الصحية في منشأتين رئيسيتين بمدينة غزة في 13 أيلول/سبتمبر بعد تعرضهما لأضرار مباشرة بذلك، يتضح أن الانهيار لم يكن مقتصرًا على النقص في المستلزمات الطبية فحسب، بل شمل أيضًا تعطيل منشآت أساسية وتجاوز طاقة المرافق الصحية أضعافًا، ما جعل المشهد الإنساني أقرب إلى الكارثة الشاملة.[69]
5. انعدام الامن الغذائي
شهد الأمن الغذائي انهيارًا فعليًا، حيث تجاوزت الأوضاع مرحلة انعدام الأمن الغذائي الحاد إلى مستويات توصف بالمجاعة وفق معايير الأمم المتحدة. فإن آلاف الأسر لم تعد قادرة على الحصول على الحد الأدنى من الغذاء، بينما تراجعت أنشطة الفحص والعلاج التغذوي للأطفال بسبب القيود الأمنية وانعدام الوصول الإنساني. هذا التحول يشير إلى أن الأزمة لم تعد مجرد خطر محتمل، بل واقع قائم يهدد بآثار ممتدة على الصحة العامة والاستقرار الاجتماعي. وقد تفاقم الوضع بصورة حادة بعد اجتياح 13 سبتمبر، إذ وثّق إغلاق مراكز التغذية والعلاج الغذائي في غزة وتعليق بعض الخدمات الصحية الأساسية التابعة للأونروا داخل المدينة، مما دفع قطاعات واسعة من السكان نحو دائرة المجاعة المؤكدة.[70]
وختامًا، يُظهر الاجتياح الإسرائيلي لغزة في سبتمبر 2025 مدى تعقيد الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، حيث تتقاطع الأبعاد العسكرية والسياسية مع التحديات الإنسانية والقانونية. تحرك الجيش الإسرائيلي وفق عملية “عربات جدعون ٢” يعكس دوافع أمنية ورغبة في فرض تهجير واسع للسكان المدنيين، لكنه من المرجح ألا يؤدي إلى حسم عسكري نهائي كما دلّت تجربة عملية “جدعون ١”. في الوقت نفسه، تشير الأدلة إلى أن العمليات العسكرية أدت إلى نزوح واسع للمدنيين وتفاقم الأزمات الانسانية، وتشكل خسائر على الجانبين، المدنيين الفلسطينيين والأسرى الإسرائيليين، مع احتمال تعرضهم للقتل أو المعاملة غير الإنسانية. وقد حذّرت أكثر من 20 منظمة إغاثة دولية رئيسية، من بينها “أطباء العالم” و”أنقذوا الأطفال” و”المجلس النرويجي للاجئين”، من أن حجم الدمار وتوقف الخدمات الأساسية يتقاطع مع مؤشرات انتهاك القانون الدولي الإنساني ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية عاجلة للتدخل وحماية المدنيين.[71] هذه المعطيات توضح أن أي تحليل للوضع لا يكتمل دون مراعاة الأبعاد الحقوقية والقانونية، وتبين مدى هشاشة الأمن الإقليمي أمام استمرار هذا النمط من العمليات. يبقى المشهد الحالي مفتوحًا أمام سيناريوهات متعددة، من استمرار المواجهات المباشرة وتصاعد التوتر الإقليمي إلى ضغط دولي محتمل لإيقاف العمليات، مؤكدًا أن مستقبل غزة مرتبط بشكل مباشر بموازين القوى السياسية والعسكرية والانسانية في المنطقة، وأن أي حل مستدام لا يمكن أن يتجاهل الحقوق الأساسية للمدنيين والأسرى على جانبي النزاع، وتبقى مساحة تلافي هذه التداعيات الكارثية إذا تحققت خطة ترامب للسلام والتزمت إسرائيل بوقف عدوانها على غزة مقابل الشروط التي تجري المفاوضات عليها في الوقت الراهن بين حركة حماس والحكومة الإسرائيلية برعاية مصرية ومشاركة أمريكية على أعلى مستوى.
[1] “Israel Begins Ground Offensive in Gaza City,” CBS News, September 16, 2025, https://www.cbsnews.com/news/israel-gaza-city-war-hamas-ground-offensive-underway/.
[2] “Millions of Civilians at Risk amid Gaza Offensive,” Associated Press, September 16, 2025, https://apnews.com/article/israel-hamas-wars-09-16-2025-bfd8d7c9f75a9da3e101fb3c8cf6c518.
[3] “Israeli Army Chief Announces 2nd Phase of Gideon’s Chariots Offensive to Occupy Gaza City,” Anadolu Agency, September 3, 2025, https://www.aa.com.tr/en/middle-east/israel-launches-2nd-phase-of-offensive-to-occupy-gaza-city/3677538.
[4] “IDF Opens Temporary Evacuation Corridor via Salah al-Din Road,” Ynet News, September 16, 2025, https://www.ynetnews.com/article/sk3kgadigg; “Israel Opens Corridor to Evacuate Civilians from Gaza City,” Jerusalem Post, September 16, 2025, https://www.jpost.com/israel-news/defense-news/article-867706.
[5] “Temporary Evacuation Route Open until Friday Noon, Then Closed,” Xinhua News, September 19, 2025, https://english.news.cn/20250919/ccb3d973df79471bbb86463b3e199236/c.html.
[6]Euronews / Associated Press.“Israel’s army announces shift to defensive operations in Gaza amid Trump plan.” Euronews, 4 October 2025.
Available at: https://www.euronews.com/2025/10/04/israels-army-announces-shift-to-defensive-operations-in-gaza-amid-trump-plan-local-media-r
[7] Haaretz, “Netanyahu: Israel Preparing to Implement First Stage of Trump’s Gaza Cease-Fire Plan”, 4 October 2025. https://www.haaretz.com/israel-news/2025-10-04/ty-article/.premium/netanyahu-israel-preparing-to-implement-first-stage-of-trumps-gaza-cease-fire-plan/
[8] Reuters, “Israel Strikes Gaza After Trump Calls to End Bombardment, Begins Initial Pullback”, 4 October 2025.https://www.reuters.com/world/israel-hamas/
[9] “Protection of Civilians Report | 22 August – 4 September 2023 | United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs – Occupied Palestinian Territory.” 2023. United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs – Occupied Palestinian Territory. September 11, 2023. https://www.ochaopt.org/poc/22-august-4-september-2023.
[10] “42 ألف مستوطن اقتحموا الأقصى منذ بداية عام 2023.” 2023. شبكة قدس الإخبارية. October 5, 2023. https://qudsn.co/post/200330.
[11] Rose, Emily, Maayan Lubell, Nidal Al-Mughrabi, and Dawood Abu Alkas. 2025. “Thousands of Israeli Reservists Report for Duty as Military Chief Clashes With Ministers.” Reuters, September 2, 2025. https://www.reuters.com/world/middle-east/thousands-israeli-reservists-report-duty-military-chief-clashes-with-ministers-2025-09-02/.
[12] Reuters. 2024. “More Civilians Will Be Killed in Israel’s Rafah Offensive ‘whatever They Say’ – EU’s Borrell.” Reuters, May 7, 2024. https://www.reuters.com/world/middle-east/more-civilians-will-be-killed-israels-rafah-offensive-whatever-they-say-eus-2024-05-07/.
[13] “Ceasefire Ends as Israel Targets Hamas in Gaza.” 2025. https://www.nbcnews.com/news/world/israel-gaza-ceasefire-palestine-hamas-netanyahu-what-know-rcna197012.
[14] “سيرة حرب: العدوان الإسرائيلي على لبنان 2023 – 2024.” n.d. مؤسسة الدراسات الفلسطينية. https://www.palestine-studies.org/ar/node/1656676.
[15] Williams, Dan, and Maayan Lubell. 2024. “Thousands of Israeli Reservists Report for Duty as Military Chief Clashes With Ministers.” Reuters, April 4, 2024. https://www.reuters.com/world/middle-east/thousands-israeli-reservists-report-duty-military-chief-clashes-with-ministers-2025-09-02/.
[16] Williams, Lana Lam Sofia Ferreira Santos, Jaroslav Lukiv & Nathan. 2025. “Israel-Iran: How Did Latest Conflict Start and Where Could It Lead?” June 19, 2025. https://www.bbc.com/news/articles/cdj9vj8glg2o.
[17] World Health Organization: WHO. 2025. “Famine Confirmed for First Time in Gaza.” WHO, August 22, 2025. https://www.who.int/news/item/22-08-2025-famine-confirmed-for-first-time-in-gaza?
[18] Cornwell, Alexander, Nidal Al-Mughrabi, and Charlotte Greenfield. 2025. “Israel Approves Plan to Take Control of Gaza City.” Reuters, August 8, 2025. https://www.reuters.com/world/middle-east/israel-approves-plan-take-control-gaza-city-2025-08-07/.
[19] Asharq News الشرق. 2025. “إسرائيل تبدأ ‘أكبر’ عملية استدعاء جنود احتياط منذ بدء حرب غزة.” Asharq News, September 2, 2025. https://asharq.com/sub-live/politics/44831/%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%AA%D8%A8%D8%AF%D8%A3-%D8%A3%D9%83%D8%A8%D8%B1-%D8%B9%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AF%D8%B9%D8%A7%D8%A1-%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%AF-%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%8A%D8%A7%D8%B7-%D9%85%D9%86%D8%B0-%D8%A8%D8%AF%D8%A1-%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%BA%D8%B2%D8%A9/.
[20] “غزة.. إسرائيل تقتل 67 فلسطينيا وتجدد إنذارها بإخلاء المدينة.” n.d. https://www.aa.com.tr/ar/%d8%a5%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d9%84/%d8%ba%d8%b2%d8%a9-%d8%a5%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d9%84-%d8%aa%d9%82%d8%aa%d9%84-67-%d9%81%d9%84%d8%b3%d8%b7%d9%8a%d9%86%d9%8a%d8%a7-%d9%88%d8%aa%d8%ac%d8%af%d8%af-%d8%a5%d9%86%d8%b0%d8%a7%d8%b1%d9%87%d8%a7-%d8%a8%d8%a5%d8%ae%d9%84%d8%a7%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%af%d9%8a%d9%86%d8%a9/3693174.
[21] Saab, Bilal Y. “Israel Has the Capacity to Significantly Damage Hamas with a Ground Offensive. But Politics Will Restrain It Throughout.” Chatham House – International Affairs Think Tank, 17 October 2023. https://www.chathamhouse.org/2023/10/israel-has-capacity-significantly-damage-hamas-ground-offensive-politics-will-restrain-it
[22] Briggs, Rachel. “Why Has Hamas Taken Hostages?” Chatham House, 11 October 2023. https://www.chathamhouse.org/2023/10/why-has-hamas-taken-hostages
[23] “أهداف الحرب الإسرائيلية ومبادئ الإدارة في غزة في مرحلة ما بعد ‘حماس.’” n.d. The Washington Institute. https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/ahdaf-alhrb-alasrayylyt-wmbady-aladart-fy-ghzt-fy-mrhlt-ma-bd-hmas.
[24] Vakil, Sanam. 2025. “Israel Has Chosen Military Occupation Over a Ceasefire in Gaza. Where Does This End?” The Guardian, April 3, 2025. https://www.theguardian.com/commentisfree/2025/apr/03/israel-military-occupation-gaza-ceasefire.; “أهداف إسرائيل من استئناف حرب الإبادة على قطاع غزة.” n.d. https://www.dohainstitute.org/ar/PoliticalStudies/Pages/why-did-israel-resume-its-genocidal-war-on-gaza.aspx.
[25], د. حنان أبو سكين. 2025. “المشهد السياسي في الداخل الإسرائيلي والموقف من المواجهة العسكرية مع إيران – True Studies.” True Studies. June 20, 2025 . https://truestudies.org/1994/.
[26] “The Gaza Conflict and Israel’s Domestic Politics.” n.d. https://www.iemed.org/publication/the-gaza-conflict-and-israels-domestic-politics/.
[27] BICOM (Britain Israel Communications and Research Centre). Gaza Day After. April 2024. https://www.bicom.org.uk.
[28] “Hamas’ Military Wing Reports Loss of Contact with Fighters, Demands 24-Hour Ceasefire,” Reuters, September 28, 2025, https://www.reuters.com/world/middle-east/tanks-thrust-deeper-into-gaza-medics-say-many-injured-trapped-2025-09-28/.
[29] Al-Quds Al-Arabi. “Al-Qassam to Israelis: We Will Not Safeguard Your Captives’ Lives as Long as Netanyahu Decided to Kill Them.” Al-Quds Al-Arabi, September 18, 2025. https://www.alquds.co.uk/القسّام-للإسرائيليين-لن-نحرص-على-حياة-أ/
[30] RT Arabic. “Al-Qassam: Your Prisoners Are Distributed Inside the Neighborhoods of Gaza City, and We Will Not Care for Their Lives as Long as Netanyahu Decided to Kill Them.” RT Arabic, September 18, 2025. https://arabic.rt.com/middle_east/1712572-القسّام-أسرائكم-موزّعون-داخل-أحياء-مدينة-غزة-أن-نتنياهو-قرّر-قتلهم/
[31] The Jerusalem Post. “Hamas Warns That Gaza Invasion Will Lead to Killing of Hostages.” The Jerusalem Post, September 19, 2025. https://www.jpost.com/israel-news/article-868050.
[32] Anadolu Agency. “Hamas Warns Israeli Hostages in Gaza at Risk as Netanyahu Presses Offensive.” Anadolu Agency, September 18, 2025. https://www.aa.com.tr/en/middle-east/hamas-warns-israeli-hostages-in-gaza-at-risk-as-netanyahu-presses-offensive/3691939.
[33] “كتائب القسام تبث مشاهد إيقاع آليات الاحتلال في حقل عبواتٍ غرب غزة.” وكالة وطن للأنباء، 23 سبتمبر 2025. https://www.wattan.net/ar/news/470498.html
[34] Reuters, “Saudi Arabia condemns Israeli ground operation in Gaza City in strongest terms,” September 17, 2025, https://www.reuters.com/world/middle-east/saudi-arabia-condemns-israeli-ground-operation-gaza-city-in-strongest-terms-2025-09-17.
[35] CNN Arabic, “Saudi Welcomes Statement by 26 Countries on Gaza,” July 22, 2025, https://cnn.ar/7/22.
[36] Ministry of Foreign Affairs Qatar. “Prime Minister and Minister of Foreign Affairs Affirms Qatar’s Appreciation for Arab and Islamic Solidarity Against Israeli Attack on Gaza.” September 22, 2025. https://mofa.gov.qa/3/22.
[37] Reuters, “Egypt says Gaza should be rebuilt without displacing Palestinians,” February 19, 2025, https://www.reuters.com/world/middle-east/egypt-says-gaza-should-be-rebuilt-without-displacing-palestinians-2025-02-19.
[38] Sky News Arabia, “غزة على صفيح ساخن: مصر تحذر من فوضى شاملة وتؤكد خط أحمر لأمنها,” September 5, 2025, https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1820775.
[39] Asharq Al-Awsat, “Erdogan: Israel Has Killed a Child in Gaza Every Hour for 23 Months,” September 23, 2025, https://aawsat.com/5189518.
[40] TRT World, “Turkey condemns Israel’s decision to expand Gaza military operation,” August 8, 2025, https://www.trtworld.com/article/f2268fc09eb5.
[41] عربية, سكاي نيوز. 2025. “ترامب يحذر وإسرائيل تكابر.. حرب غزة بين دعم أميركي وقلق خفي.” سكاي نيوز عربية, September 3, 2025. https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1817746-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%8A%D8%AD%D8%B0%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%95%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D9%8A%D9%94%D9%8A%D9%84-%D8%AA%D9%83%D8%A7%D8%A8%D8%B1-%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D8%AF%D8%B9%D9%85-%D8%A7%D9%94%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D9%88%D9%82%D9%84%D9%82-%D8%AE%D9%81%D9%8A.
[42] مركز المستقبل. 2025. “اصطفاف داخلي: قراءة في اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي ببروكسل.” Accessed September 29, 2025. https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/10288.
[43] “Joint Statement on Gaza by Foreign Ministers and the EU High Representative.” n.d. EEAS. https://www.eeas.europa.eu/eeas/joint-statement-gaza-foreign-ministers-and-eu-high-representative-0_en.
[44] Afp, Le Monde With. 2025. “European Ministers Slam Israel’s Gaza Control Plan.” Le Monde.Fr, August 10, 2025. https://www.lemonde.fr/en/international/article/2025/08/10/european-ministers-slam-israel-s-gaza-control-plan_6744242_4.html.
[45] Reuters. 2025. “Senior EU Official Says Israel’s War in Gaza Is Genocide.” Reuters, September 4, 2025. https://www.reuters.com/world/middle-east/senior-eu-official-says-israels-war-gaza-is-genocide-2025-09-04/.
[46] Al Yahyai, Oman, and Maïa De La Baume. 2025. “European Leaders Criticise Israel’s Gaza City Takeover Decision as Humanitarian Concerns Rise.” Euronews, August 8, 2025. https://www.euronews.com/2025/08/08/world-leaders-criticise-israels-gaza-city-takeover-decision-as-humanitarian-concerns-rise.
[47] “الأمم المتحدة: قرار الحكومة الإسرائيلية بشأن غزة يهدد بإشعال فصل مروع آخر في الصراع.” 2025. أخبار الأمم المتحدة. August 14, 2025. http://news.un.org/ar/story/2025/08/1143169.
[48] Emma Farge. 2025. “Hundreds of UN Staff Pressure Rights Chief to Call Gaza a Genocide, Letter Shows.” Reuters, August 29, 2025. https://www.reuters.com/world/middle-east/hundreds-un-staff-pressure-rights-chief-call-gaza-genocide-letter-shows-2025-08-28/.
[49] “Gaza: Human Rights Council Resolution Urges Arms Embargo on Israel.” 2024. UN News. April 5, 2024. https://news.un.org/en/story/2024/04/1148261.
[50] Reuters. “Trump to Meet Officials from Muslim-Majority Countries to Discuss Gaza.” Reuters, September 23, 2025. https://www.reuters.com/world/us/trump-meet-officials-muslim-majority-countries-discuss-gaza-2025-09-23/
[51] Mangan, Dan, and Erin Doherty. 2025. “Watch: Trump Details Plan to End Israel War With Hamas in Gaza.” CNBC. September 29, 2025. https://www.cnbc.com/2025/09/29/trump-israel-gaza-hamas-peace-plan.html.
[52] بوابة الأهرام. “بيان مُهم لوزراء خارجية مصر والأردن والإمارات والسعودية وقطر عن حرب غزة.” بوابة الأهرام، 30 سبتمبر 2025. https://gate.ahram.org.eg/News/5295318.aspx
[53] European Council (EU). “@EUCOPresident (status update).” X (formerly Twitter), date of posting. https://x.com/eucopresident/status/1972775217429668333
[54] Yerushalmy, Jonathan. 2025. “Trump’s Peace Proposal Welcomed by World Leaders, but Some in Gaza Remain Sceptical.” The Guardian, September 30, 2025. https://www.theguardian.com/world/2025/sep/30/trump-gaza-proposal-peace-reactions-welcomed-world-leaders-palestinian-residents-remain-sceptical.
[55] Associated Press, “Germany halts military exports to Israel for use in Gaza,” August 8, 2025, https://apnews.com/article/germany-mideast-weapons-b957e28b73ee94ed33fbd2d4e4d36246
[56] Steve Hendrix, “U.K., Canada, Australia recognize Palestine as a state, breaking with U.S.,” The Washington Post, September 21, 2025, https://www.washingtonpost.com/world/2025/09/21/britain-recognizes-palestine-state-israel/.
[57] Financial Times. “France Officially Recognizes Palestinian State.” Financial Times, September 22, 2025. https://www.ft.com/content/2aee8308-6644-40e8-bc19-3d74ae349d
[58] Rankin, Jennifer. “European Commission Calls for Freezing of Free Trade with Israel over Gaza.” The Guardian, September 17, 2025. https://www.theguardian.com/world/2025/sep/17/european-commission-calls-for-freezing-of-free-trade-with-israel-over-gaza.
[59] Office of the United Nations High Commissioner for Human Rights, “Report on Human Rights Violations in Gaza,” UN, September 23, 2025, https://www.ohchr.org/sites/default/files/documents/hrbodies/hrcouncil/sessions-regular/session60/advance-version/a-hrc-60-crp-3.pdf.
[60] Associated Press. “Israel’s Intensified Strikes on Gaza Leave Dozens Dead Daily.” AP News, September 13, 2025.
[61] United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs (OCHA). Humanitarian Situation Update #323: Gaza Strip, September 18, 2025. https://www.un.org/unispal/document/ocha-sitrep323-18sep25/.
[62] The Guardian. “UN Figures: People Displaced from Gaza City.” September 18, 2025. https://www.theguardian.com/world/2025/sep/18/un-figures-people-displaced-from-gaza-city.
[63]United Nations Relief and Works Agency for Palestine Refugees in the Near East (UNRWA). Situation Report #189: Gaza Strip and the West Bank, Including East Jerusalem. September 18, 2025. https://www.unrwa.org/resources/reports/unrwa-situation-report-189-situation-gaza-strip-and-west-bank-including-east-jerusalem.
[64] United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs (OCHA). Humanitarian Situation Update #323: Gaza Strip. September 18, 2025. https://www.ochaopt.org/content/humanitarian-situation-update-323-gaza-strip.
[65] ReliefWeb. Global ETC Teleconference Minutes – Palestine #37. September 9, 2025. https://reliefweb.int/report/occupied-palestinian-territory/global-etc-teleconference-minutes-palestine-37-09-september-2025.
[66] United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs (OCHA). Humanitarian Situation Update #323: Gaza Strip. September 18, 2025. https://www.ochaopt.org/content/humanitarian-situation-update-323-gaza-strip.
[67] UNRWA. Situation Report #189: Situation in the Gaza Strip and the West Bank, Including East Jerusalem. September 2025. https://www.unrwa.org/resources/reports/unrwa-situation-report-189-situation-gaza-strip-and-west-bank-including-east-jerusalem.
[68] United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs (OCHA). Humanitarian Situation Update #323: Gaza Strip. September 18, 2025. https://www.ochaopt.org/content/humanitarian-situation-update-323-gaza-strip.
[69] United Nations Relief and Works Agency for Palestine Refugees in the Near East (UNRWA). Situation Report #189: Gaza Strip and the West Bank, Including East Jerusalem. September 18, 2025. https://www.unrwa.org/resources/reports/unrwa-situation-report-189-situation-gaza-strip-and-west-bank-including-east-jerusalem.
[70] OCHA (Office for the Coordination of Humanitarian Affairs). Humanitarian Situation Update 323, Gaza Strip. https://www.ochaopt.org/content/humanitarian-situation-update-323-gaza-strip.
[71] “Gaza: Leaders of Major Aid Groups Call on World Leaders to Intervene Following UN Genocide Conclusion,” Médecins du Monde, September 18, 2025, https://www.medecinsdumonde.org/en/news/gaza-leaders-of-major-aid-groups-call-on-world-leaders-to-intervene-following-un-genocide-conclusion/.
باحث متدرب بمركز ترو للدراسات
طالب علوم سياسية بكلية اقتصاد و علوم سياسية جامعة القاهرة
باحث متدرب بمركز ترو للدراسات
طالب علوم سياسية بكلية اقتصاد و علوم سياسية جامعة القاهرة