Cairo

أبعاد تطور الأزمة السودانية في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة 2025 وملامح الدور المصري[1]

قائمة المحتويات

مدرس العلوم السياسية بكلية الدراسات الأفريقية العليا –جامعة القاهرة

مقدمة:

         تعد الأزمة السودانية واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا في المشهد الدولي، حيث تتشابك فيها العوامل السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والأمنية. ومع تولي إدارة أمريكية جديدة زمام الأمور مع حلول عام 2025، تتزايد التساؤلات حول الكيفية التي ستتعامل بها واشنطن مع هذا الملف ، خاصة في ظل التحولات الجيوسياسية الإقليمية والدولية.

         تعكس الأزمة السودانية تداخلاً عميقًا بين القضايا الداخلية، مثل الصراعات الأهلية، والأزمات الاقتصادية، وضعف مؤسسات الدولة، وبين الأبعاد الإقليمية والدولية، حيث أصبحت ساحة تنافس بين القوى الكبرى والإقليمية. ومن هنا، يتطلب أي تدخل أمريكي دراسة دقيقة للأبعاد المختلفة للأزمة، بما في ذلك مصالح الولايات المتحدة الإستراتيجية في المنطقة، ومبادئها المعلنة لدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان.

         ومنذ الأعلان عن فوز الرئيس ترامب بالانتخابات أثيرت العديد من التساؤلات حول طبيعة وملامح المقاربات التي سينتهجها مع القضايا الأفريقية المختلفة ومنها الأزمة السودانية ووضعها التصعيدي منذ 2023. فهل إدارة ترامب الجديدة ستتبنى نهجًا براجماتيًا في التعامل مع الأزمة السودانية، مع التركيز على تقليص النفوذ الروسي والصيني، وتحقيق الاستقرار بما يخدم المصالح الأمريكية أم ستعتمد نهجا إنعزاليا بعيد عن التدخل والاشتباك المباشر مع القضايا والصراعات خارج الولايات المتحدة مع الالتزام باستراتيجية أمريكا أولاً التي أعلن عنها ونفذها ترامب في فترته الأولي 2017.

         بمعنى أخر هل ستتغير رؤية ترامب في 2025، تجاه الأزمة في السودان التي اتسمت بالمحدودية في 2017، والتركيز على رفع العقوبات ومكافحة الإرهاب. حيث يكون تركيزه أكبر على موازنة النفوذ الروسي والصيني في المنطقة، إلى جانب تعزيز المصالح الاقتصادية والأمنية للولايات المتحدة، مع التركيز على البحر الأحمر؟. للإجابة عن ذلك يأتي الجزء التالي لاستعراض الأبعاد المحتملة للدور الأمريكي في ظل الادارة الأمريكية الجديدة وتأثيرات الصين وروسيا على هذا الدور:

القسم الأول- الأبعاد المحتملة لاستراتيجيات إدارة ترامب للتعامل مع الأزمة في السودان

         عندما تولى دونالد ترامب الرئاسة في 2017، كان السودان في مرحلة انتقالية مع رفع جزئي للعقوبات الاقتصادية الأمريكية، التي فُرضت منذ التسعينيات. تركّزت رؤية إدارة ترامب تجاه السودان على رفع بعض العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان، في خطوة اعتُبرت تحفيزًا للسودان لتحسين أوضاعه السياسية والاقتصادية. وكان التدخل المحدود في الأزمة السودانية هو السمة الغالبة للتوجه الأمريكي نحو السودان ، حيث لم يعتبر السودان محور اهتمام استراتيجي كبير في بداية فترة ترامب الأولى مقارنة بدول أخرى في المنطقة مثل مصر والسعودية.

من ثم ركزت السياسة الأمريكية أنذاك على مكافحة الإرهاب ودعم مصالح واشنطن في البحر الأحمر. وسياسة “عدم التدخل المباشر”، مكتفية بدعم الوساطات الإقليمية والدولية لحل أزمات السودان، بما في ذلك أزمة دارفور. إلا أنه ومع عودة دونالد ترامب إلى السلطة، قد تتغير رؤيته تجاه السودان بالنظر إلى التطورات الجديدة في الأوضاع الداخلية والإقليمية، التي من أهمها مواجهة النفوذ الروسي والصيني في السودان.[1]

أولاً- الأبعاد السياسية:

         يمكن الوقوف على مجموعة من أبرز ملامح الاستراتيجية الأمريكية القادمة مع تولي الإدارة الجديدة بقيادة ترامب للتعاطي مع الوضع المتأزم في السودان فيما يلي :

1. دعم حكومة انتقالية مستقرة: ترامب قد يدفع باتجاه حكومة انتقالية مدنية مدعومة دوليًا وإقليميًا لضمان الحد من الفوضى الداخلية التي قد تؤدي إلى تقويض المصالح الأمريكية. قد يتم تقديم الدعم مشروطًا بإبعاد القوى السياسية أو العسكرية المرتبطة بروسيا أو الصين عن السلطة.

2. الضغط على أطراف النزاع: إدارة ترامب قد تعتمد العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية كوسيلة للضغط على الجيش وقوات الدعم السريع للالتزام بمفاوضات سلام حقيقية. التنسيق مع الشركاء الإقليميين (مثل مصر والسعودية) للضغط على الأطراف السودانية سيكون محورًا رئيسيًا.[2]

3. تقويض الدور الروسي والصيني في الوساطة: الولايات المتحدة قد تسعى لإضعاف أي مبادرات روسية أو صينية للعب دور الوسيط، عبر دعم منظمات دولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي لتكون هي الإطار الحصري للتسوية.

         ويجد هذا المسار تبريره فيما إذ أعتبرت إدارة ترامب السودان ساحة استراتيجية لمواجهة النفوذ الروسي والصيني من ثم ستسعى للعب دور أكبر في تسوية الأزمة في السودان لضمان حكومة متوافقة مع المصالح الأمريكية في السودان. ولموازنة النفوذ الدولي في المنطقة وهو المسار الأرجح خاصة في ظل توق روسيا للعودة إلى السودان لتعويض مكتسباتها التي أثرت عليها حربها مع أوكرانيا .[3]

ثانيًا: الأبعاد الاقتصادية

تتمثل الأبعاد الاقتصادية في مسارات التحرك الأمريكي لتسوية الأزمة في السودان في:

1. الاستثمارات والمساعدات الاقتصادية: قد تقدم واشنطن مساعدات اقتصادية للسودان لدعم إعادة الإعمار، مشروطة بإبعاد الشركات الروسية والصينية عن مشاريع البنية التحتية. كما يمكن لترامب أن يروج لشركات أمريكية كبدائل للشركات الصينية، في مجالات الطاقة والتعدين والبنية التحتية. حيث تُظهر البيانات أن الاستثمارات الأمريكية المباشرة في السودان كانت محدودة خلال إدارتي دونالد ترامب (2017-2021) وجو بايدن (2021-2025). يرجع ذلك إلى العقوبات الاقتصادية التي فُرضت على السودان منذ التسعينيات، والتي أثرت سلبًا على تدفق الاستثمارات الأجنبية، بما في ذلك الأمريكية. الأمر الذي دفع ادارة ترامب في أكتوبر 2017، إلى قرار رفع بعض العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان، مما فتح الباب أمام تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين. إلى جانب أعلان ترامب في ديسمبر 2020، عن نيته رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، كخطوة نحو تحسين مناخ الاستثمار. ومع توقع استمرار الإدارة الجديدة في سياساتها حول التركيز على مبدأ أمريكا أولاً ومن ثم ترشيد مناطق التدخل والعمل المباشر الأمريكي من المرجح أن تحتل العلاقات الاقتصادية مع السودان دورا مهما في مجالات عمل الإدارة اقتصاديا. [4]

2. السيطرة على الموارد الطبيعية: من ثم ستعمل إدارة ترامب تأسيا على ما سبق على ضمان أن تظل الموارد السودانية، خاصة الذهب والنفط، بعيدة عن النفوذ الروسي والصيني. الأمر الذي سيقود إلى أن تدعم واشنطن إصلاحات قانونية لضمان السيطرة  في استغلال هذه الموارد.

ثالثًا: الأبعاد الأمنية:

         يبين من استقراء نهج الإدارة الأمريكية لترامب في 2017، وأهم المسارات التي أكد عليها في خطاباته أثناء حملته الانتخابية 2024، أن أسلوب تعامل الإدارة مع الوضع في السودان سيتخذ الأبعاد التالية في السياق الأمني:

1. مواجهة النفوذ الروسي: من الجدير بالذكر أن روسيا تعتمد على مجموعة “فاجنر” لتعزيز وجودها في السودان من خلال دعمها لقوات الدعم السريع لضمان الوصول إلى الموارد السودانية. فروسيا تلعب دورًا محوريًا في السودان، يعتمد بشكل أساسي على تعزيز نفوذها العسكري والاقتصادي، ويتجلى ذلك الدور في الدعم العسكري الروسي  لقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مقابل الوصول إلى الموارد السودانية مثل الذهب. كما وأن وجود “فاجنر” في السودان يعزز نفوذ روسيا في القارة الإفريقية ويمنحها موطئ قدم استراتيجي على البحر الأحمر. من المرجح مع انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية، أن تعيد روسيا تقييم استراتيجياتها الإقليمية لتعزيز نفوذها العالمي، خصوصاً في السودان الذي يحتل مكانة استراتيجية بارزة في حسابات السياسة الروسية. مما يجعله هدفاً مهماً لتوسيع النفوذ الاقتصادي والعسكري الروسي. الأمر الذي يؤكد رغبة روسيا في تعزيز علاقاتها مع النخب السياسية والعسكرية السودانية لضمان ولائها ودعم مصالحها. [5]

وقد تلعب موسكو دور الوسيط في النزاعات السودانية الداخلية لتعزيز صورتها كقوة عالمية فاعلة قادرة على التأثير في الأزمات الإقليمية. مما قد يدفع إدارة ترامب إلى فرض عقوبات جديدة على كيانات روسية أو سودانية خاصة تلك التي تتعاون مع “فاجنر”، مع تعزيز المراقبة البحرية على البحر الأحمر لمنع نقل الذهب والأسلحة. وهو ما يعد الوضع الأمني في السودان وقد يقود إلى تداعيات سلبية ويزيد من حالة التجاذب في السودان، نتيجة شدة التصارع بين القوتين الأمريكية والروسية.[6]

2. تحجيم النفوذ الصيني: الصين تعتمد على نهج مختلف عن القوى الدولية الأخرى الفاعلة في السودان حيث تجمع ما بين البعد الاقتصادي والسياسي. الصين أيضاً كانت المستثمر الرئيسي في قطاع النفط السوداني قبل انفصال جنوب السودان.

         ورغم تراجع هذه الأهمية، لا تزال الصين مهتمة بتطوير البنية التحتية في السودان، مثل السكك الحديدية والكهرباء. كما يعد السودان جزءًا مهمًا من مبادرة الحزام والطريق الصينية. وعلى العكس من السياسة الروسية، تتبع الصين سياسة حيادية نسبياً تجاه أطراف النزاع، وتركز على استقرار السودان لضمان استمرار استثماراتها الاقتصادية. تأسيساً على ذلك قد تضغط إدارة ترامب على السودان لرفض الاتفاقيات الصينية الكبرى، خاصة تلك المتعلقة بالبنية التحتية والموانئ، بحجة حماية السيادة السودانية من “الديون الصينية”.[7]

3. تعزيز الشراكات الأمنية الإقليمية: من المتوقع اعتماد واشنطن على شركاء مثل مصر والسعودية لتأمين استقرار السودان والحد من أي تهديدات أمنية قد تستغلها روسيا أو الصين.

القسم الثاني- تأثيرات التنافس الدولي  على مسارات الأزمة السودانية وملامح الدور المصري

         أولاً- تأثير التنافس الدولي على الأزمة السودانية:

         لتقدير تأثير الإدارة الأمريكية الجديدة لعام 2025 على تسوية الأزمة السودانية تأسيسا على استقراء لأهم تحركات السياسة الخارجية التي ستتبناها الإدارة تجاه السودان، ومدى استعدادها للانخراط في حل الأزمة. بناءً على الخبرة التاريخية والسياسات المتبعة تجاه إفريقيا والسودان في الإدارة السابقة لترامب 2017، ومسار تعامل إدارة بايدن معها، يمكن تسليط الضوء على التالي:

1- أولوية الملف السوداني: من المتوقع أن تعطي الإدارة الأمريكية أهمية لأزمة السودان، والضغط باتجاه تسوية شاملة تدعم السلام والاستقرار. إذا تخلت الإدارة الجديدة عن تركيزها على القضايا الداخلية أو ملفات دولية أخرى، فقد لا تُمنح الأزمة السودانية الأولوية من خلال دعم مبادرات إقليمية أو التوسط بشكل مباشر.حيث ستعتمد واشنطن أدواتها التقليدية مثل فرض العقوبات أو التهديد بها، خاصة على الأطراف المعرقلة للسلام الذي يؤسس على معطيات الواقع.مع تعزيز المساعدات الإنسانية والتنموية: حيث من المتوقع أن تزيد الإدارة الجديدة التمويل للمساعدات والإغاثة الإنسانية، مع الضغط لإزالة الحواجز أمام وصولها إلى المناطق المتضررة.[8]

2. التوازن بين المصالح الأمريكية والقيم : ستسعى الإدارة الأمريكية الجديدة لتأكيد التزامها بقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان حتى وإن كان هذا التمسك شكليا فقط، مما قد يؤدي إلى ضغوط أكبر على الأطراف السودانية لاحترام حقوق المدنيين. ومع استمرار تزايد التنافس بين الولايات المتحدة وروسيا أو الصين المتوقع ، فقد تسعى واشنطن إلى تقويض النفوذ الروسي أو الصيني في السودان من خلال دعم حكومة مدنية أو حلفاء إقليميين. لكن ينبغي التأكيد على أن هذا المسار قد يعيقه تعنت الأطراف السودانية مما يضعف تأثير أي مبادرة أمريكية.[9]

ثانياً- ملامح الدور المصري :

ترتكز المقاربة المصرية لحل الأزمة السودانية على مجموعة من المحددات التي تجلت في المبادرة المصرية “دول جوار السودان” التي عقدت قمتها في 13 يوليو 2023، والتي تضمنت الدعوة إلى إنهاء الحرب، مع الاحترام الكامل لسيادة السودان ووحدته، ووقف تدخل الأطراف الخارجية، والتأكيد على الحفاظ على الدولة السودانية.      

من ثم الدور المصري في 2025 في السودان ، سيكون مزيجًا من التحركات السياسية، الأمنية، والإنسانية، مع التركيز على تحقيق الاستقرار في السودان كجزء من أمن مصر القومي والإقليمي. مما لاشك فيه أن الأدوار الدولية الأخرى ستؤثر بشكل كبير على قدرة مصر على لعب دور فاعل في تسوية الأزمة السودانية. هذه التأثيرات قد تكون داعمة أو معرقلة، وفقًا لمدى توافق المصالح الدولية مع المصالح المصرية.

قد تتخذ أشكال الدور المصري للتسوية في السودان عدة أبعاد وأشكال استجابةً لتطورات الأزمة السودانية وتعقيداتها، مع التركيز على تحقيق الاستقرار الإقليمي وحماية المصالح القومية المصرية. وأبرز أشكال هذا الدور تشمل:

1. الدبلوماسية الإقليمية والدولية

مواصلة مصر لعب دور الوسيط النزيه بين الفرقاء السودانيين (الجيش السوداني، قوات الدعم السريع، القوى السياسية) للوصول إلى حل سلمي شامل. والتنسيق مع المنظمات الإقليمية والدولية مثل  تعزيز التعاون مع الاتحاد الإفريقي، الجامعة العربية، ومنظمة الإيجاد لدعم التسوية في السودان. واستمرار عقد المؤتمرات و استضافة حوارات أو قمم دولية تجمع الأطراف السودانية والدول المؤثرة لمناقشة سبل إنهاء النزاع بشكل سلمي وعادل .

2. استمرار مصر في تأمين حدودها الجنوبية مع السودان من التهديدات العابرة للحدود، مثل التهريب أو تسلل الميليشيات. مع استمرار تقديم الدعم الفني والتدريبات العسكرية لبعض مؤسسات الدولة السودانية لضمان استعادة الاستقرار. و العمل على منع تداعيات الأزمة السودانية من التأثير على العمق الاستراتيجي المصري، خاصة في ملف الإرهاب أو النزاعات القبلية.

3. الدعم الإنساني والإغاثي: استمرار مصر تقديمها  المساعدات الإنسانية للاجئين السودانيين الذين فروا إلى الأراضي المصرية، والعمل مع المنظمات الأممية لتوفير احتياجاتهم الأساسية. والمساهمة في إعادة الإعمار، وتقديم الدعم لإعادة بناء البنية التحتية السودانية من خلال الشركات المصرية صاحبة الخبرة والباع في العمل الأفريقي . واستمرار تعزيز المصالح المشتركة من خلال تطوير مشاريع اقتصادية مشتركة في مجالات الزراعة، التجارة، والطاقة لدعم الاستقرار الاقتصادي.[10]

         خاتمة:

         الولايات المتحدة تدرك التحديات التي يشكلها النفوذ الروسي والصيني في السودان، ومن المتوقع أن تعتمد على استراتيجيات متعددة للوساطة لتحقيق أهدافها، من آليات الاحتواء الاقتصادي والسياسي عبر تقديم بدائل للاستثمارات الصينية في السودان، مثل تمويل مشاريع أمريكية أو غربية كجزء من استراتيجية أوسع لمواجهة مبادرة “الحزام والطريق”. مع فرض عقوبات على الشركات الروسية والصينية المتورطة في استغلال الموارد السودانية أو دعم أطراف النزاع. ومن خلال تفعيل آلية فرض العقوبات الذكية على الأفراد والكيانات المرتبطة بروسيا (مثل مجموعة فاجنر) داخل السودان مثل قوات الدعم السريع، لضمان الحد من نفوذ موسكو في السودان. حيث تستخدم العقوبات الاقتصادية كأداة للضغط على الأطراف المعرقلة للحلول السياسية.

         إلى جانب العمل على تعزيز الوساطات الإقليمية، و تعزيز دور الحلفاء الإقليميين (مثل مصر والسعودية والإمارات) للضغط على الأطراف السودانية لمنع التدخل الروسي والصيني. واستثمار العلاقات القوية مع السعودية لإقناع الأطراف المتنازعة بالجلوس على طاولة المفاوضات، خاصة أن الرياض لديها تأثير كبير على الجيش السوداني لحماية ممرات البحر الأحمر من النفوذ الروسي. إلى جانب استخدام أداة الوساطة المشروطة عبر فرض شروط واضحة على الأطراف السودانية للقبول بالدور الأمريكي في الوساطة، مع ربط المساعدات بضمانات سياسية وأمنية تقلص النفوذ الروسي والصيني.

         من ثم يمكن القول، أن إدارة ترامب الجديدة في 2025 قد تعتمد على نهج يوازن بين الضغط المباشر باستخدام العقوبات وأدوات القوة الناعمة الأمريكية لتقويض النفوذ الصيني، مثل برامج التدريب والدعم السياسي للقيادة السودانية. وآليات المساعدات المشروطة من خلال تقديم مساعدات اقتصادية وإنسانية للسودان مقابل التزام الأطراف السودانية بإصلاحات سياسية وديمقراطية. إغراء السودان بدعم دولي مالي لإعادة الإعمار، شريطة تقليص التعاون مع روسيا والصين.

         أخيرا،  يمكن القول أنه في حالة استمرار الصراع في السودان قد تصعّد الولايات المتحدة من ضغوطها الدبلوماسية والعقوبات لإضعاف النفوذ الروسي وفرض حل سياسي يحافظ على مصالحها. وفي حالة تسوية الأزمة ستسعى واشنطن إلى دعم حكومة مدنية تبتعد عن النفوذ الروسي والصيني، مع التركيز على جعل السودان شريكًا استراتيجيًا في المنطقة.

هوامش الدراسة:


[1] Edward Wong, Michael Crowley & Declan Walsh, “How U.S. Efforts to Guide Sudan to Democracy Ended in War,” The New York Times, 3/5/2023, accessed on 20/6/2023, at: https://bit.ly/42QiC8X

[2] Jonathan Guyer, “Could the US Have Helped Avert the Crisis in Sudan?” VOX, 15/5/2023, accessed on 20/6/2023, at: https://bit.ly/42ZjDfi

[3] Jeffrey Feltman, “The Eruption of Violence in Sudan Shows the Generals can’t be Trusted,” The Washington Post, 18/4/2023, accessed on 20/6/2023, at: https://bit.ly/43OI6VO

[4] Ibid,p.

[5] Colum Lynch & Robbie Gramer, “The Battle for Khartoum Exposes Waning U.S. Influence,” Foreign Policy, 3/12/2021, accessed on 20/6/2023, at: https://bit.ly/46cvn0D

[6] https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1753115 %D8%A7%D9%94%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%.

[7] كيف ستؤثر عودة ترامب على الصراع وتوازن القوى في السودان؟، الراكوبة، نوفمبر، 2024م، متاح على: https://www.alrakoba.net/32007451/%D9%83%D9%8A%D9%81

[8] مبارك أحمد،  أبعاد الموقف الأمريكي من الأزمة السودانية، القاهرة الإخبارية، 2023م، متاح على: https://alqaheranews.net/news/23487/%D8%A3%D8%A8%D8%B9%D8%A7%D8%AF

[9] في ذلك انظر:

https://www.masrawy.com/news/news_publicaffairs/details/2024/12/19/2694424/%D9%82%D8%A8%D9%8A%D9%84 %D8%AA%D9%88%D9%84%D9%8A-%D8%AA%

[10] حول ذلك:

 Justin Lynch, “In Sudan, U.S. Policies Paved the Way for War,” Foreign Policy, 20/4/2024, accessed on 20/6/2023, at: https://bit.ly/43RhXW7


[1] د.نادية عبد الفتاح: مدرس العلوم السياسية بكلية الدراسات الأفريقية العليا- جامعة القاهرة

مدرس العلوم السياسية بكلية الدراسات الأفريقية العليا –جامعة القاهرة
زيارة الرئيس السوري إلى روسيا: الأبعاد الجيوسياسية والاقتصادية للزيارة
التصعيد بين أفغانستان وباكستان الدوافع والمواقف الدولية
قراءة تحليلية في قمة شرم الشيخ للسلام
نشر قوات الحرس الوطني
الاجتياح الإسرائيلي لغزة دوافع الأطراف وموقفها، والتداعيات السياسية والإنسانية
Scroll to Top