مقدمة:
تمثل الانتخابات الرئاسية الأمريكية علامة فارقة على مستوى الاقتصاد الأمريكي، وفي ذات الوقت تعد مفترق طرق في وجه الاقتصادات المختلفة بشكل خاص والاقتصاد العالمي بشكل عام، وذلك لما تمثله الايدولوجيات السياسية المختلفة من انعكاسات هامة على التعامل مع القضايا الاقتصادية داخليًا وخارجيًا وهو ما سيؤثر بدوره على حركة الاقتصاد داخل وخارج الولايات المتحدة على مختلف المستويات بدءًا من شكل النمو الاقتصادي، مرورًا بحركة التجارة العالمية، وانتهاءً بالعلاقات الاقتصادية. وفيما يلي نتناول بالعرض أبرز التأثيرات المحتملة لفوز أي من الحزبين في السباق الرئاسي على الاقتصادين الأمريكي والعالمي خلال الفترة القادمة.
أولًا: لمحة عن وضع الاقتصاد الأمريكي خلال فترتي ترامب وبايدن السابقة:
شهدت الولايات المتحدة تحولًا ملحوظًا في سياستها الضريبية خلال السنوات الأخيرة. ففي عهد الرئيس ترامب، تم إقرار قانون تاريخي لتخفيضات ضريبية واسعة النطاق، شملت خفضًا كبيرًا في معدل الضريبة على الشركات من 35% إلى 21%، وتخفيضات أخرى على الأفراد. وقد أدت هذه التخفيضات إلى تحفيز مؤقت للنمو الاقتصادي، ولكنها زادت من العجز المالي بشكل كبير. على النقيض من ذلك، ركزت إدارة الرئيس بايدن على زيادة الضرائب على الأثرياء والشركات الكبرى لتمويل البرامج الاجتماعية والبنية التحتية. وقد اقترح ترامب في حملته الحالية رفع معدل الضريبة على الشركات إلى 28%، وزيادة الضرائب على الأفراد ذوي الدخل المرتفع والمكاسب الرأسمالية. وبالتالي، يتضح أن الإدارتين الرئاسيتين الأخيرتين اتبعتا مسارين متضادين في مجال السياسة الضريبية، حيث سعت إدارة ترامب إلى تحفيز النمو الاقتصادي من خلال التخفيضات الضريبية، بينما ركزت إدارة بايدن على تحقيق العدالة الضريبية وزيادة الإيرادات الحكومية.
وجدير بالذكر أن كلا من إدارة ترامب (الحزب الجمهوري) وبايدن (الحزب الديمقراطي) أدت إلى زيادات هائلة في الدين الوطني. وقد ساعد هذا في تمويل برامج يعتبرها عدد متزايد من صناع السياسات بالغة الأهمية للأمن القومي، وهو ما أدى إلى أن واشنطن أصبحت تنفق أكثر على مدفوعات الفائدة، مقارنة بالدفاع الوطني.
وبناءً مع ما سبق، تختلف التأثيرات المحتملة لكلا المرشحين من الحزبين على الاقتصاد الأمريكي وفقًا لاختلاف أجندات المرشحين في جوانب رئيسة، على سبيل المثال، فيما يتعلق بسياسات الطاقة والمالية والتجارة؛ يخطط الديمقراطيون لتعزيز التحول الأخضر في الولايات المتحدة وزيادة الضرائب على الشركات وأصحاب الدخل المرتفع؛ ويخطط ترامب لخفض الإنفاق البيئي بقوة، وتقديم حوافز لمزيد من إنتاج النفط والغاز المحلي، وخفض معدلات الضرائب. علاوة على ذلك، اقترح ترامب بالفعل تشديد سياسة التعريفات الجمركية الأمريكية خاصة تجاه الصين، على الرغم من التعريفات الجمركية التي تم فرضها مؤخرًا على السلع المرتبطة بالطاقة النظيفة وأشباه الموصلات والمعادن.
فيما يتعلق بمستقبل الإعفاءات الضريبية، تدرس كلا الحملتين إمكانية تمديد الإعفاءات الضريبية الحالية، والتي من شأنها أن تؤثر بشكل مباشر على شريحة واسعة من المواطنين الأمريكيين. ومع ذلك، تثير هذه الخطوة جدلاً واسعًا حول الآثار المالية المترتبة عليها وكيفية توفير الموارد اللازمة لتغطية هذه التخفيضات الضريبية.
فبينما يسعى ترامب (الحزب الجمهوري) إلى تمديد جميع أحكام قانون تخفيضات الضرائب والوظائف (TCJA)، تركز حملة هاريس على تمديد الإعفاءات الضريبية للأسر التي تدفع أقل من 400 ألف دولار سنويًا، والتي تشكل الغالبية العظمى من الأمريكيين. وتختلف الخطط المقترحة لتمويل هذه التمديدات بشكل كبير. ففي حين يدعو كبير المستشارين الاقتصاديين للبيت الأبيض إلى زيادة الضرائب على الأثرياء والشركات، يجدد ترامب تأييده للتعريفات الجمركية.
بشكل عام، كلا الطرفين يسعيان إلى تقديم حلول اقتصادية، ولكن الاختلاف يكمن في كيفية توزيع العبء الضريبي والفوائد الناتجة عن هذه التغييرات. ومع ذلك، فإن مستقبل هذه المقترحات يظل غامضًا، حيث يتوقف على نتائج الانتخابات المقبلة والسيطرة على الكونغرس والبيت الأبيض.
ثانيًا: توقعات المؤسسات العالمية لتأثير فوز كلا المرشحين على الاقتصاد الأمريكي:
نستعرض فيما يلي أهم توقعات المؤسسات العالمية فيما يخص التأثيرات المحتملة لفوز أحد المرشحين على مستقبل الاقتصاد الأمريكي ومنها توقعات مؤسسة: (جولدمان ساكس “Goldenman sacs”، أكسفورد إيكونوميكس “Oxford Economics”)
تشير تقديرات مؤسسة أكسفورد إيكونوميكس “Oxford Economics“ أنه إذا فاز مرشح الحزب الجهوري “ترامب” في الانتخابات، فمن المرجح أن يعود إلى البيت الأبيض بأغلبية جمهورية في مجلسي النواب والشيوخ. وبناءً على افتراض سيطرة الجمهوريين الكاملة على الحكومة بعد انتخابات 2024، تم بناء سيناريوهان يحددان مجموعة من النتائج للاقتصاد الأمريكي. ومن المرجح أن يدفع كلا السيناريوهين التضخم فوق خط الأساس.
يفترض السيناريو الأول “محدودية سيطرة ترامب” أن يمد الكونجرس بقيادة الجمهوريين التخفيضات الضريبية الشخصية بموجب قانون الضرائب لعام 2017، ويسن مستويات إنفاق أعلى، بينما يستخدم الرئيس سلطاته الرئاسية للحد من الهجرة وفرض تعريفات جمركية مستهدفة على الصين والاتحاد الأوروبي. وترفع هذه التغييرات السياسية مستوى الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 0.6% أعلى من خط الأساس في عام 2027، فضلًا عن ارتفاع ما يصل إلى 0.3 نقطة مئوية إلى مقياس التضخم الموضوع لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي خلال عامي 2027، و2028.
بينما يفترض السيناريو الثاني “سيطرة المرشح الكاملة” ألا يسمح الجمهوريون بإلغاء التخفيضات الضريبية الشخصية بموجب قانون الضرائب لعام ،2017 وخفض الضرائب على الشركات، وأن يوافق المشرعون على مستويات إنفاق أعلى. وفي الوقت نفسه، يكبح الرئيس الهجرة إلى حد أكبر ويفرض تعريفات جمركية شاملة على الشركاء التجاريين الرئيسيين. وفي هذا السيناريو، سيكون التضخم أعلى، بينما على الجانب الآخر، تُمكن الحروب التجارية الاستفادة من خفض الضرائب، مما يؤدي إلى خفض مستوى الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة تصل إلى 1.8%، مقارنة بخط الأساس. ويتباطأ نمو الاقتصاد إلى وتيرة أقل بكثير من معدل نموه المحتمل.
ومن ناحية أخرى، تقدر أوكسفورد ايكونومكيس أن اكتساح الديمقراطيين للانتخابات الرئاسية والكونجرس لعام 2024، يعني تغيرات كبيرة في برامج السياسة الاجتماعية والنظام الضريبي. وتعتقد المؤسسة أن هذه الأجندة المتكاملة للديمقراطيين سوف تؤدي إلى تعزيز الاقتصاد على المدى الطويل. فمن المتوقع أن يؤدي ارتفاع التضخم بشكل معتدل في المدى القصير إلى نمو اقتصادي مستدام. وعلى الرغم من ذلك، فإن السياسات المتبعة لن تؤدي إلى تفاقم التضخم على المدى البعيد. ويرجع ذلك إلى أن المحور الأساسي لهذه الأجندة هو دعم الأسر من خلال خفض تكاليف رعاية الأطفال وتشجيع مشاركة الأمهات في سوق العمل، مما يساهم في زيادة الإنتاجية الاقتصادية.
وتتوقع المؤسسة أن برنامج رعاية الأطفال المجانية أو منخفضة التكلفة من شأنه أن يزيد من معدل مشاركة القوى العاملة بنحو 0.6 نقطة مئوية. ويفترض السيناريو الأساسي حزمة شاملة من الاستثمار في المزايا الاجتماعية التي يتم دفعها جزئيًا فقط من خلال فرض ضرائب أعلى على الشركات الكبرى. بينما يفترض السيناريو الثاني أن يسن الديمقراطيون زيادات ضريبية أكبر بحيث يحافظ على حياد العجز على مدى السنوات العشر القادمة. وفي هذا السيناريو، سيظل الاقتصاد أكبر حجمًا على الرغم من العبء الضريبي الأعلى.
وتجدر الإشارة إلى أن “هاريس” (مرشح الحزب الديمقراطي) ابتعدت عن الترويج لأي تخفيضات ضريبية واسعة النطاق ممولة بالعجز أو زيادات في الإنفاق، ربما لأن الدين الفيدرالي يقترب من 100٪ من الناتج المحلي الإجمالي ويتجه إلى الاستمرار في الارتفاع، مما يجعل حملتها حذرة بشأن رد فعل السوق السلبي.
على الجانب الأخر، توقع محللو جولدمان ساكس “Goldenman sacs“ نمو اقتصادي طفيف إذا فازت هاريس، مقابل انخفاض بنسبة 0.5 نقطة مئوية في الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة إذا فاز الرئيس السابق دونالد ترامب، وذلك من خلال اختبار السيناريوهات المختلفة، مع الأخذ في الاعتبار التأثيرات الناجمة عن التغييرات في الهجرة، والتعريفات الجمركية، وتخفيضات الضرائب، والسياسات المعروفة للمرشحين.
ثالثًا: التأثيرات المحتملة على الاقتصاد العالمي:
تأتي الانتخابات الأمريكية بعد 4 سنوات من التغيرات الجذرية في طبيعة الاقتصاد العالمي الذي مر بعدد كبير من المنعطفات التي غيرت من طبيعته الأساسية؛ بدءًا من كوفيد-19 والاغلاقات العامة التي طالت أكبر الاقتصادات الصناعية، مرورًا بأزمة روسيا وأوكرانيا التي أبرزت تحديات الطاقة وسلاسل الامداد، وهو ما أوضح خللاً اساسيًا في العالم أحادي القطب، بالإضافة إلى التكتلات الاقتصادية التي برزت في الأفق بشكل أكثر اتساعًا عما سبق. لذا، فإن الانتخابات الأمريكية سوف تحسم شكل الاقتصاد الأخذ في التنوع والاختلاف يومًا بعد يوم.
وسوف تلعب السياسات المختلفة التي يتبناها كلا المرشحين والنابعة عن الايدولوجيات السياسية لكليهما في الحزبين عن تغيرات واضحة في طبيعة وشكل التعامل مع القضايا الاقتصادية العالمية، والتي ثبت بامتداد الأعوام واختلاف المرشحين تقاربها في الأطر العامة رغم اختلاف المضمون، ومن هنا، سوف تتشكل ملامح التأثيرات التي يمكن أن تطول الاقتصادات بُناءً على المعتقدات الأساسية لكلًا منهما.
فعلى سبيل المثال قدمت الولايات المتحدة لأوكرانيا -فترة ولاية بايدن- حوالي 175 مليار دولار كمساعدات، ذهب الكثير منها لتوفير أنظمة الأسلحة والتدريب والاستخبارات. وقد أدت الحرب في أوكرانيا إلى تصعيد التوترات بين روسيا والدول الغربية، وخاصة تلك الموجودة في الاتحاد الأوروبي. وفيما يلي نستعرض التأثيرات التي قد تطول الاقتصاد العالمي على امتداد النطاقات الاقتصادية المختلفة:
- فيما يتعلق بالواردات الصينية:
تشهد صادرات الصين ازدهارًا، مما يثير المخاوف بشأن الأضرار التي قد تطول الصناعات الأمريكية وتقضي على الوظائف. ولهذا، طرح ترامب فكرة مضاعفة التعريفات الجمركية الحالية على الصين، في حين فرضت إدارة بايدن-هاريس تعريفات جمركية على الواردات من الصين من السلع التي تعتبرها استراتيجية. وبشكل عام، أشار كل من هاريس وترامب إلى أنهما سيتخذان موقفًا صارمًا تجاه الصين.
- فيما يتعلق بالتجارة
أصبح كل من الديمقراطيين والجمهوريين متشككين في التجارة الحرة. فقد تقدمت رئيسة الأركان السابقة للممثل التجاري الأمريكي هيذر هيرلبورت طريقة لتصميم التجارة التي تعمل على تحسين حقوق العمال وتحقيق أهداف المناخ. في حين اقترح ترامب أنه سيفرض تعريفة جمركية عالمية على الواردات، في حين عارضت هاريس مثل هذه الرسوم الواسعة النطاق.
- فيما يتعلق بالأسواق المالية
تتوقع أسواق الأسهم زيادة في التقلبات قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وقد يضيف هذا غموضًا إلى حالة عدم اليقين الاقتصادي الكلي المرتفعة بالفعل، حيث يؤدي ارتفاع احتمالات انتخاب ترامب إلى زيادة في تقلبات سوق السندات الأمريكية، ويقلل من تقلبات سوق الأسهم، ويعزز أسعار الأسهم، ويقلل من سعر النفط. وبالتالي، تتوقع الأسواق المالية أن تكون إدارة ترامب أكثر توجهاً نحو السوق نسبيًا من إدارة هاريس، وأقل تركيزًا على المخاوف البيئية واستدامة الدين العام.
رابعًا: مخاطر فوز ترامب على مستقبل الاقتصاد العالمي:
قال كبير خبراء الاقتصاد في معهد أستراليا جريج جيريكو إنه من الصعب معرفة مدى تأثير ترامب غير المتوقع على الاقتصاد العالمي، لكنه يعتقد أن الضرر قد يكون واسع النطاق، وأنه إذا نفذ جميع سياساته، خاصة تلك المتعلقة بالتعريفات الجمركية، فسيكون ذلك كارثيًا للاقتصاد الأمريكي ونتيجة لذلك للاقتصاد العالمي.
تتمثل إحدى السياسات الاقتصادية المميزة لترامب في خطته لفرض رسوم جمركية على الواردات من جميع الدول. ويزعم أن الرسوم الجمركية بنسبة 10%، سوف تحمي الشركات الأمريكية من الدول التي تسعى إلى سرقة وظائفهم وثرواتهم. كما أن فرض رسوم جمركية بنسبة ٦٠% على الواردات الصينية أثار مخاوف بشأن حرب تجارية وارتفاع التكاليف.
ففي ولايته الأولى فرض ترامب رسوماً جمركية على الصلب. ومع ذلك، أظهرت الدراسات أن هذه الخطوة أدت إلى خفض استخدام الصلب من قبل الشركات المصنعة بمقدار 3.4 مليار دولار أميركي ورفع إنتاج الصلب محلياً في الولايات المتحدة بنسبة 2% فقط.
وفي الوقت نفسه، أظهرت دراسة أجراها محللان من معهد بيترسون، كيمبرلي كلوزينج وماري لوفلي، أن هذه السياسة ستكلف 1700 دولار أميركي من الضرائب سنوياً على أصحاب الدخول المتوسطة وستقلل من دخل أصحاب الدخول المنخفضة بنسبة 3.5%. وقدر التحليل أيضاً أن الرسوم الجمركية المخطط لها ستولد تكلفة إضافية للمستهلكين تبلغ 500 مليار دولار أميركي سنوياً. كما بحثت أوكسفورد إيكونوميكس تأثير رد الفعل الصيني من خلال تقييد مواطنيها من زيارة الولايات المتحدة، الأمر الذي سيكلف الاقتصاد الأمريكي ما يقرب من 12 مليار دولار أمريكي في عام 2026.
ومع إعلان ترامب أنه سينفذ عمليات ترحيل جماعية للمهاجرين “غير الشرعيين”، مدعيًا أن هناك ما يصل إلى 15 إلى 20 مليونًا في الولايات المتحدة. أثار هذا العديد من المخاوف حيث إن العديد من المهاجرين يعملون في قطاعات حيوية بما في ذلك البناء والزراعة وقطاع الخدمات. ومن المرجح أن تكون النتيجة نقصًا هائلاً في العمالة مما قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة ويكون له تأثير سلبي على التضخم في جميع أنحاء العالم،.
بالإضافة إلى ذلك، فقد توسع ترامب في إنفاق الأموال العامة في ولايته الأولى بشكل كبير، حيث أنفق أكثر من 500 مليار دولار أمريكي في ثلاث سنوات. والآن يبلغ الدين الحكومي الأمريكي تريليون دولار أمريكي وينمو بمقدار تريليون دولار أمريكي كل 100 يوم. ومع ذلك، لم يعرض ترامب أي سياسات حول كيفية اعتزامه خفض الإنفاق لمعالجة الديون المتراكمة. وسيؤدي الاقتراض المطلوب للحفاظ على تمويل هذا العجز إلى رفع أسعار الفائدة عالميًا وإذا حدث ذلك فلن تعود أسعار الفائدة المنخفضة التي سادت قبل كوفيد، فقد قام بنك الاحتياطي الفيدرالي بالتشديد من سياساته النقدية ما سيكون له آثار طويلة الأجل.
خاتمة:
يترقب العالم وخاصة الدول الناشئة المشهد الانتخابي في الولايات المتحدة، والذي سيكون له تأثيرات كبيرة وممتدة عبر العالم، ففي آسيا، من المرجح أن تكون تأثيرات الانتخابات معقدة، حيث تقدم مخاطر وفرصًا. ومن المتوقع أن تظل العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، التي تسير بالفعل على مسار متوتر ومجهد، صعبة بغض النظر عن نتيجة الانتخابات.
ومن المتوقع أن يتم فرض المزيد من القيود على شركات التكنولوجيا الصينية، مما يدفع المستثمرين العالميين إلى تحويل تركيزهم نحو أسواق أخرى مثل تايوان وكوريا الجنوبية، والتي تعد موطنًا لموردي أشباه الموصلات من الطراز العالمي.
وفي الوقت نفسه، في الشرق الأوسط وأوروبا الوسطى والشرقية، قد يكون لنتيجة الانتخابات تأثير عميق على المشهد الجيوسياسي. فمن شأن فوز الجمهوريين أن يؤدي إلى زيادة إنتاج الوقود الأحفوري في الولايات المتحدة، مما قد يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط العالمية، ويضع ضغوطًا تنافسية إضافية على المصدرين الخليجيين. وقال المحللون إن رئاسة ترامب من المرجح أن تؤدي أيضًا إلى انخفاض حاد في الدعم المالي والعسكري لأوكرانيا وإضعاف حلف شمال الأطلسي، وهو من شأنه أن يزيد من المخاطر الجيوسياسية على الأصول الأوروبية.
يبدو أن السباق الانتخابي هذا العام في الولايات المتحدة يأخذ منحى مغاير، والذي بدأ بالدخول المفاجئ لهاريس وانسحاب بايدن، وعلى الرغم من ذلك لا تزال السيدة هاريس تركب موجة النجاح النسبي مع بعض استطلاعات الرأي المواتية في الولايات المتأرجحة. بينما تشير توقعات The economist المُحدثة بشكل يومي والتي تجمع بين استطلاعات الرأي على مستوى الولايات وعلى المستوى الوطني والمؤشرات الاقتصادية للتنبؤ بنتائج الانتخابات في جميع أنحاء الولايات المتحدة إلى أن هاريس تحتاج إلى نحو 270 صوت للفوز بينما يحتاج ترامب إلى نحو 267 صوت فقط.
هذا وقد أظهر استطلاع رأي حديث أجرته رويترز/ابسوس أن أغلبية بسيطة من الناخبين الأميركيين تؤيد تعهد دونالد ترامب بزيادة الرسوم الجمركية على السلع المستوردة وخاصة من الصين، إلا أن الاستطلاع أظهر تقدم هاريس على ترامب بفارق إجمالي 5 نقاط مئوية على المستوى الوطني، إلا أن نتيجة الانتخابات ستتوقف بشكل كبير على اجمالي التصويت في نحو 7 ولايات متأرجحة حيث تحتدم المنافسة.
المصادر:
- “Trumponomics: The economics of a second Trump presidency”, Oxford Economics. (12 April 2024) https://www.oxfordeconomics.com/resource/trumponomics-the-economics-of-a-second-trump-presidency/
- “Forecasting Economic Outcomes from the US Election”, Oxford Economics. (23 August 2024) https://www.oxfordeconomics.com/resource/forecasting-economic-outcomes-from-the-us-election/
- “Disastrous’: Fears for Trump presidency on global economy”, news.com. (26 June 2024)
- “Harris unveils populist economic plan”, Capital Economics. (16 August 2024) https://www.capitaleconomics.com/publications/us-economics-update/harris-unveils-populist-economic-plan
- “Goldman Sachs analyzed how 2024 election results could impact the US economy”. EMarketer. (6 Sep 2024)
- “The economic impact of a Democratic sweep”. Oxford Economics. (3 July 2024).
- “US election risks and the impact of Trump’s re-election odds on financial markets”. Center for Economic Policy Research. (16 Jul 2024).
- “The Harris-Trump Debate: Foreign Policy Issue Guide”. Council on Foreign Relations. (6 Sep 2024). https://www.cfr.org/article/harris-trump-debate-foreign-policy-issue-guide?utm_medium=display&utm_source=google&utm_campaign=debate-issue-guide&gclid=EAIaIQobChMIg-_Ej87FiAMVn4poCR0kpiwZEAAYASAAEgIk3vD_BwE
- “Kamala Harris and Donald Trump are neck and neck”. The Economist. (13 September 2024) https://www.economist.com/interactive/us-2024-election/prediction-model/president
- “Who will win the US election? Our experts predict impact of the Trump-Harris debate”. Telegraph. (13 September 2024)
- “How the US election could impact emerging markets”. Investing.com. (5 September 2024)
- “ترامب يتفوق على هاريس اقتصاديًا حسب استطلاع حديث”. الجزير نت. (15 سبتمبر 2024)
باحث اقتصادي بمركز ترو للدراسات