Cairo

انبعاثات الماضي، وآثار الحاضر.. من يدفع فاتورة التغير المناخي؟

قائمة المحتويات

باحث اقتصادي بمركز ترو للدراسات

مقدمة:

يعود تاريخ التغيرات المناخية التي نشهدها اليوم إلى الثورة الصناعية، والتي شهدت انطلاقاً كبيراً في بريطانيا، حيث أدت الأنشطة الصناعية المكثفة إلى زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة. منذ ذلك الحين، ارتفعت درجة حرارة كوكبنا بمقدار 1.1 درجة مئوية على الأقل، وفقاً لبيانات ناسا. وسجل هذا الارتفاع رقماً قياسياً خلال عام 2020، ناتج عن الأنشطة البشرية التي زادت من تركيز غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، حيث تعمل هذه الغازات على احتباس حرارة الشمس وكذلك الاستخدام الكثيف للوقود الأحفوري ، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة وذوبان الأنهار الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحر وتغيرات في أنماط الطقس المتطرفة، حيث تعمل هذه التغيرات على تهديد الحياة على الأرض وتؤثر على جميع القطاعات، من الزراعة إلى الاقتصاد. وبينما استفادت الدول الصناعية من هذه الثورة، فإن العالم يدفع الآن ثمنها. ووفقاً لتقرير التنمية البشرية، فإن الأنشطة الاقتصادية البشرية هي المسؤولة عن الاحتباس الحراري. لذا، من الضروري تقييم مساهمات كل دولة في هذه الأزمة لتحديد المسؤوليات وتوزيع الأعباء بشكل عادل.

أولًا: المسؤولية التاريخية للدول الصناعية في التغير المناخي:

تأتي المسؤولية التاريخية للدول الصناعية في التغير المناخي من دورها الرئيسي في إنتاج الانبعاثات الكربونية والغازات الدفيئة التي تسهم في ظاهرة الاحتباس الحراري، من خلال النمو الصناعي والاقتصادي الذي شهدته هذه الدول على مدى عقود، حيث تسبب استخدام الوقود الأحفوري والنشاط الصناعي الكبير في الدول الصناعية في انبعاث كميات هائلة من غازات الاحتباس الحراري، مما أدى إلى زيادة في درجات الحرارة العالمية وتغيرات مناخية خطيرة. بالإضافة إلى ذلك، كان لدى الدول الصناعية دور كبير في تشجيع نماذج الاقتصاد الاستهلاكي والإنتاج الذي يعتمد بشكل كبير على الموارد الطبيعية، مما زاد من الضغط على البيئة وزيادة انبعاثات الكربون. وهو ما أكدته الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة لتغير المناخ  والتي تقر بأن أكـبر قسط من الانبعاثات العالمية في الماضي والحاضر لغازات الدفيئة نشأ في الدول المـتقدمة النمو، وأن متوسط الانبعاثات للفرد في البلدان النامية ما زال منخفضاً نسبياً، وأن القسط الناشئ  في الدول النامية من الانبعاثات العالمية سيزيد لتلبية احتياجاتها الاجتماعية والإنمائية.

ولا يزال النقاش يدور حول الدول التي ساهمت أكثر في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي وكيف ينبغي تقاسم تكاليف التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه. وينشأ هذا النقاش من الطرق المختلفة التي تتم بها مقارنة الانبعاثات: كمعدلات الانبعاثات سنوية وفقًا لكل دولة؛ وانبعاثات لكل فرد؛ والمساهمات التاريخية.

  • انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري عالميًا

شهدت فترة ما قبل الثورة الصناعية انخفاضًا ملحوظًا للغاية في الانبعاثات، وظلت بطيئة نسبيًا حتى منتصف القرن العشرين. ففي عام 1950، أصدر العالم 16.52 مليارات طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون، وساهمت أوروبا بنسبة 24.53% من الانبعاث العالمي، والولايات المتحدة 22.16%، والصين 5.68%، وروسيا 5.88%، والهند 4.93%، وأفريقيا 12.61%، وآسيا (باستثناء الصين والهند) 12.28%، ومصر 0.24%. وبحلول عام 1990، تضاعف هذا الرقم ثلاث مرات تقريبًا، ليصل إلى أكثر من 37.52 مليار طن، وساهمت أوروبا بنسبة 27.33% من الانبعاث العالمي، والولايات المتحدة 16.26%، والصين 11.75%، وروسيا 8.77%، والهند 4.06%، وأفريقيا 7.83%، وآسيا (باستثناء الصين والهند) 18.47%، ومصر 0.38%. كما بلغ حجم الغازات المسببة للاحتباس الحراري 49.42 مليار طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون خلال عام 2010، وساهمت أوروبا بنسبة 15.61% من الانبعاث العالمي، والولايات المتحدة 13.19%، والصين 21.33%، وروسيا 4.67%، والهند 5.73%، وأفريقيا 9.64%، وآسيا (باستثناء الصين والهند) 20.28%، ومصر 0.62%. واستمرت الانبعاثات في النمو بشكل تدريجي؛ حتى وصلت خلال عام 2022 إلى أكثر من 53.46 مليار طن. وساهمت أوروبا بنسبة 12.75% من الانبعاث العالمي، والولايات المتحدة 11.14%، والصين 28.89%، وروسيا 4.25%، والهند 7.52%، وأفريقيا 8.82%، وآسيا (باستثناء الصين والهند) 22.42%، ومصر 0.66%.

وتعد الولايات المتحدة والصين والهند والاتحاد الأوروبي 27 وروسيا والبرازيل أكبر ستة دول مصدرة للغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي خلال عام 2022. وتمثل نسبة هذه الدول مجتمعة 50.1% من سكان العالم، و61.2% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و63.4% من استهلاك الوقود الأحفوري العالمي، و61.6% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي. ومن بين أكبر الدول التي ارتفعت نسبتها في الغازات المسببة للاحتباس الحراري خلال عام 2022، هي الصين والولايات المتحدة والهند 2022، بنسبة بلغت 28.89%، و11.14%، و7.52%، مقارنة بعام 2021، حيث سجلت الهند أكبر زيادة من حيث بنسبة (5%). وعلى العكس من ذلك، خفضت الدول الثلاثة الأخرى المصدرة للغازات المسببة للاحتباس الحراري انبعاثاتها في عام 2022، حيث سجلت روسيا أكبر انخفاض (-2.4%).

نسبة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري* عالميًا خلال الفترة (1850 – 2022)

1

*تشمل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز من جميع المصادر، بما في ذلك تغير استخدام الأراضي. ويتم قياسها بالأطنان من مكافئ ثاني أكسيد الكربون على مدى فترة زمنية تبلغ مائة عام.

Source: Our World data, November 2024.

  • انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية على مستوى الفرد

ارتفعت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية للفرد بشكل طفيف بنسبة (0.4%) خلال عام 2022، لتصل إلى 8.3% من إجمالي الزيادة بين عامي 1990 و2022 (من 6.24 طن مكافئ ثاني أكسيد الكربون للفرد إلى 6.76 طن مكافئ ثاني أكسيد الكربون للفرد). بلغت كثافة الانبعاثات العالمية لكل من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022 أدنى قيمة لها على مدار 52 عامًا عند 0.386 طن مكافئ ثاني أكسيد الكربون للكيلو دولار أمريكي، أي أقل بنسبة 2% عن عام 2021.

حجم انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري على مستوى الفرد خلال الفترة (1850 – 2022)

2

Source: Our world data, November 2024.

  • انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التراكمية

تشير انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التراكمية إلى المجموع الكلي لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تم إطلاقها في الغلاف الجوي عبر الزمن. ويتم حساب هذه الانبعاثات عادة عبر فترات طويلة من الزمن، مثل عقود أو قرون، لفهم المساهمة الإجمالية لأنشطة معينة أو قطاعات اقتصادية في زيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. فمنذ عام 1751، أصدر العالم أكثر من 1.5 تريليون طن من ثاني أكسيد الكربون. وتعد الدول الصناعية التي أنتجت كميات كبيرة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التراكمية تتحمل مسؤولية كبيرة في التغير المناخي وتواجه ضغوطًا لاتخاذ إجراءات للحد من هذه الانبعاثات والمساهمة في جهود مكافحة تغير المناخ. وتوضح أبرز هذه النتائج خلال الفترة التراكمية ما يلي:

  • تعد الولايات المتحدة أولى الدول التي أصدرت كميات من ثاني أكسيد الكربون أكبر من أي دولة أخرى حتى الآن، حيث بلغت نحو 400 مليار طن منذ عام 1751، وهي مسؤولة عن ما يقرب من ربع الانبعاثات التاريخية، ويتجاوز هذا مساهمة الصين، ثاني أكبر مساهم في العالم، بأكثر من 1.5 مرة.
  • تساهم دول الاتحاد الأوروبي تاريخيًا بشكل كبير بما يقرب من خمس إجمالي الانبعاثات. حتى عام 1950، كان أكثر من نصف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التاريخية صادرة عن أوروبا. وكانت الغالبية العظمى من الانبعاثات الأوروبية آنذاك صادرة عن المملكة المتحدة؛ وكما تظهر البيانات، حتى عام 1882 كان أكثر من نصف الانبعاثات التراكمية في العالم صادرة عن المملكة المتحدة وحدها.
  • العديد من الدول التي تنتج كميات كبيرة من الغازات سنويا اليوم مثل الهند والبرازيل، ليست من الدول المساهمة الكبرى في سياق تاريخي.
  • تعد مساهمة أفريقيا الإقليمية نسبة إلى حجم سكانها ضئيلة للغاية. ويرجع هذا إلى انخفاض نصيب الفرد من الانبعاثات إلى حد كبير سواء تاريخيًا أو الفترة الحالية. كما لم يؤد النمو في أميركا الجنوبية وآسيا وأفريقيا إلى زيادة حصة هذه المناطق من إجمالي المساهمة إلا على الخمسين عامًا الماضية.

في عام 2021، ظلت الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي 27 والهند وروسيا واليابان أكبر الدول المصدرة لثاني أكسيد الكربون في العالم. وتمثل هذه الدول مجتمعة 49.2% من سكان العالم، و62.4% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و66.4% من استهلاك الوقود الأحفوري العالمي، و67.8% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الأحفوري العالمية. وقد زادت الدول الست من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الأحفوري في عام 2021 مقارنة بعام 2020، حيث سجلت الهند وروسيا أكبر زيادة من حيث النسب (10.5% و8.1% على التوالي).

انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التراكمية خلال الفترة (1750 – 2022)

3

Source: Our world data, November 2024.

وبناءً على ما سبق، يتضح أن آثار تغير المناخ تؤثر على جميع دول العالم، إلا أن المسؤولية التاريخية عن هذا التغير تقع بشكل أساسي على عاتق الدول الصناعية المتقدمة، ويجب عليها اتخاذ إجراءات جادة لتقليل انبعاثاتها والمساهمة في حماية البيئة والحد من تأثيرات تغير المناخ. ويرجع ذلك لعدة أسباب أهمها ما يلي:

أسباب تحمل الدول الصناعية المسؤولية:

  • البداية المبكرة للثورة الصناعية: بدأت الدول الصناعية رحلتها نحو التنمية الصناعية في وقت مبكر، مما أدى إلى زيادة كبيرة في انبعاثات غازات الدفيئة على مدى قرون.
  • الاعتماد على الوقود الأحفوري: تعتمد هذه الدول بشكل كبير على الفحم والنفط والغاز لتوليد الطاقة والصناعة والنقل، وهي المصادر الرئيسية لانبعاثات غازات الدفيئة.
  • نمط الحياة الاستهلاكي: تتميز هذه الدول بنمط حياة استهلاكي مرتفع، مما يزيد من الطلب على المنتجات الصناعية ويؤدي إلى زيادة الانبعاثات.
  • التراكم التاريخي للانبعاثات: نتيجة للصناعات الثقيلة والنقل المكثف على مدى عقود طويلة، تراكمت في الغلاف الجوي كميات هائلة من غازات الدفيئة، مما ساهم بشكل كبير في الاحتباس الحراري.
  • العدالة المناخية: يؤكد مفهوم العدالة المناخية على فكرة أن أولئك الذين استفادوا أكثر من استخدام الوقود الأحفوري يجب أن يتحملوا القدر الأكبر من المسؤولية في معالجة تغير المناخ.

ثانيًا: مواقف الدول النامية ومنخفضة الدخل:

أعلنت الصين في سبتمبر 2020 (وسط إشادة واسعة النطاق) عن نيتها تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060، كما كشف الرئيس الصيني شي جين بينج عن خطط لتقليص و إنهاء التمويل الصيني لخطط الطاقة بالفحم في الخارج في سبتمبر 2021. ومع ذلك، لا يزال مبدأ المساواة في المناقشة العالمية حول التعديلات على تغير المناخ يؤدي إلى العديد من المواقف السياسية المهمة المشتركة بين الدول النامية بشأن التخفيف من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والتكيف مع تغير المناخ، وتمويل التحول المناخي.

وأوضحت الهند خلال المفاوضات عن المواقف الأساسية التي تتبناها العديد من الاقتصادات الناشئة بشأن تغير المناخ فيما يتصل بالأدوار التي تضطلع بها الدول المتقدمة والنامية أنه: أولًا، تقع المسؤولية الأساسية عن خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي على عاتق العالم المتقدم، وثانياً، انبعاثات الدول النامية لا تزال منخفضة للغاية ولابد وأن تنمو لتلبية احتياجاتها التنموية المستقبلية، وثالثاً، أنه لابد أن ينص أي اتفاق رسمي بشأن تغير المناخ على نقل التكنولوجيا والأموال إلى الدول النامية لمساعدتها على مواجهة هذا التحدي.

كما أكدت دول أميركا اللاتينية أن مساهماتها التاريخية في مشكلة تغير المناخ ضئيلة وأن الدول المتقدمة تتحمل بالتالي قدراً أعظم من المسؤولية عن العمل على التخفيف من آثارها ومساعدة الدول النامية على التكيف معها من خلال التمويل والتكنولوجيا والموارد الأخرى.

وفي الوقت نفسه، أكدت الدول الأفريقية على حاجتها إلى متابعة التنمية الاقتصادية على الأقل إلى حد ما من خلال رواسب الوقود الأحفوري الجديدة. وتعتقد هذه الدول اعتقادا راسخا أنه يجب ألا يتم وضع أهداف تخفيف فورية وشديدة دون أي شكل من أشكال التعويض أو المساعدات المالية، ومع انتقال الاقتصاد العالمي إلى أنظمة طاقة خضراء ومتجددة، ستدفع الدول الأفريقية التي لديها رواسب كبيرة من الوقود الأحفوري ثمناً باهظاً لعدم استخراج هذه الموارد، وهو الثمن الذي تعتقد أنه يجب تعويضها عنه.

بالإضافة إلى أن موارد بعض هذه الدول الأفريقية محدودة للغاية، لذا فهي تتطلب المساعدة الإقليمية والدولية. ورغم هذه الاعتبارات، فقد تم استبعاد أي ذكر للنقاط الضعيفة الخاصة بالدول الأفريقية الفقيرة محدودة الموارد من نص اتفاق باريس، ومنذ ذلك الوقت تحاول الدول الأفريقية تصحيح الرؤية والمطالبة في حقها في التنمية وتوفير التمويلات اللازمة والمناسبة مع قدراتها في مواجهة التغيرات المناخية.

ثالثًا: أزمة التمويل في الدول النامية والعمل المناخي

تدعو الاقتصادات الناشئة الدول المتقدمة إلى الوفاء بتعهداتها المالية ومساعدتها على بناء المرونة بتوفير 100 مليار دولار سنويا للعمل المناخي. على سبيل المثال، أثارت الهند قضايا تتعلق بالتدفقات غير المتوازنة لتمويل المناخ. فلا يزال الجزء الأكبر من تمويل المناخ (أكثر من 90٪) يُستغل للتخفيف من آثار المناخ على الرغم من أن الدول النامية تحتاج إلى أموال تركز على التكيف، وكذلك فقد اعتمدت العديد من الدول الصناعية على الاستيلاء على العمالة والموارد من الجنوب العالمي من أجل نموها الاقتصادي.

ووفقًا لمؤشر مخاطر المناخ العالمي عام 2021، فإن دول العالم الفقيرة على الرغم من تسجيلها أدنى مستويات التلوث الصناعي، هي الأكثر عرضة للأضرار الناجمة عن تغير المناخ. ولذلك، يعمل تغير المناخ على توسيع التفاوتات العالمية القائمة بالفعل، وبالتالي تقويض جهود الحد من الفقر. ويقدر تقرير للبنك الدولي أن الأزمة البيئية قد تدفع ما يصل إلى 135 مليون شخص إلى الفقر بحلول عام 2030. ويقدر بنك التنمية الأفريقي أن الدول الأفريقية ستحتاج إلى ما بين 20 – 30 مليار دولار سنويًا للتكيف مع المناخ حتى عام 2030، وقد يزيد هذا المبلغ إلى 50 مليار دولار سنويا بحلول عام 2050، حتى إذا وصلت درجات الحرارة أقل من درجتين مئويتين، وفقا لتقرير الأمم المتحدة لعام 2015. ويقول الباحثون إن الدول الصناعية المسؤولة عن مستويات مفرطة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قد تكون مسؤولة عن تعويضات بقيمة 170 تريليون دولار بحلول عام 2050 لضمان تحقيق أهداف تغير المناخ.

جدير بالذكر، أن مفاوضات مؤتمر كوبنهاجن للمناخ عام 2009، أدت إلى تعهدات الدول المتقدمة بتوفير 100 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2020، لدعم الدول النامية والفقيرة لاتخاذ إجراءات مناخية، سواء للتكيف مع تغير المناخ أو خفض الانبعاثات. ومن المفترض أن تأتي الأموال من الدول الأكثر ثراء، من خلال القنوات الثنائية والإقليمية والمتعددة الأطراف، ومن خلال مجموعة آليات متنوعة، مثل المنح والقروض أو التأمين.

ومع ذلك، لم يتحقق هدف جمع 100 مليار دولار خلال عام 2020، فضلًا عن عدم توزيع الأموال بشكل عادل، رغم أن هذا الالتزام المالي جزءا رئيسيا من اتفاق باريس، لمساعدة الدول النامية في التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه.

ففي عام 2022، وللمرة الأولى، قدمت الدول المتقدمة وحشدت 115.9 مليار دولار لتمويل المناخ، متجاوزة الهدف السنوي البالغ 100 مليار دولار، وفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ومع ذلك، هناك مخاوف بشأن جودة وفعالية التمويل المناخي المقدم، حيث يأتي جزء كبير من التمويل في هيئة قروض، وهو ما قد يزيد من أعباء الديون على الدول النامية.

 ففي الوقت الحالي، تعاني نحو 52 دولة نامية من مشاكل ديون حادة، وهي موطن لـ 40% من إجمالي الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع؛ نصف هذه الدول من بين الأكثر عرضة للتغيرات المناخية في العالم. لذا تؤدي تكاليف التمويل الباهظة بشكل كبير إلى أعباء الديون الوطنية التي لا يمكن تحملها. وحتى قبل الارتفاع الأخير في أسعار الفائدة، كانت أقل الدول نموا التي تقترض من أسواق رأس المال الدولية تواجه أسعار فائدة تصل إلى 8% مقارنة بنسبة 1% للعديد من الدول الأكثر ثراء. وعندما يتعلق الأمر بتمويل المناخ، تصبح التكاليف باهظة وتتجاوز ما يتطلبه العمل المناخي بالفعل. وخلال عام (2019-2020)، جاء أكثر من 60% من تمويل المناخ من خلال الاقتراض، أي حوالي 384 مليار دولار. وجاء 47 مليار دولار فقط بتكلفة منخفضة أو بأسعار فائدة ميسرة. وبلغت قيمة المنح 36 مليار دولار فقط.

وغالباً ما تكون المنح وغيرها من أشكال التمويل الميسر مفضلة، لأنها لا تتطلب السداد. وعلاوة على ذلك، فإن توزيع التمويل المناخي غير متكافئ، حيث تتلقى بعض المناطق تمويلاً أكبر من غيرها، فكثيراً من الدول النامية في أفريقيا لا تحصل على نصيبها العادل من تمويل المناخ.

رابعًا: التعهدات المالية المناخية مقابل مبادلة ديون الدول النامية

تتضمن تعهدات تمويل المناخ لمبادلات ديون الدول النامية التزامات من الدول المتقدمة أو المؤسسات الدولية بتقديم الدعم المالي لتسهيل مبادلات الديون بهدف معالجة تغير المناخ في الدول النامية. وتعد عمليات مبادلة الديون معاملات مالية توافق بموجبها دولة أو مؤسسة دائنة على إلغاء أو تقليص أو إعادة هيكلة ديون دولة نامية مقابل التزام الدولة المدينة باستثمار مبلغ معين من المال في مشاريع أو مبادرات محددة، غالبًا ما تكون مرتبطة بالحفاظ على البيئة أو الاستدامة أو التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه. وتساعد التعهدات بتمويل المناخ لمبادلة ديون الدول النامية في تخفيف العبء المالي على الدول النامية مع تعزيز المشاريع المفيدة للبيئة. ومن خلال توفير الحوافز المالية لتخفيف الديون المرتبطة بالعمل المناخي، تهدف هذه التعهدات إلى مواءمة إعادة هيكلة الديون مع أهداف التنمية المستدامة وأهداف المناخ. كما يمكن للحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية تقديم تعهدات بتمويل المناخ لدعم هذه المبادرات، بهدف تشجيع الممارسات والاستثمارات الأكثر استدامة في الدول النامية مع معالجة التحديات العالمية أيضًا.

تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن تكاليف التكيف مع تغير المناخ في الدول النامية قد تصل إلى 500 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2050. بناءً على هذا التقدير، يرى بعض الباحثين أن هناك علاقة مباشرة بين حصة كل دولة في الانبعاثات التاريخية وتكاليف التكيف. وبالتالي، فإن الدول التي استفادت من النمو الاقتصادي القائم على الوقود الأحفوري ملزمة بتقديم تعويضات مالية للدول المتضررة، وبتبني سياسات طموحة لخفض الانبعاثات في أقرب وقت ممكن. ويرون أن الدول التي تجاوزت حصتها العادلة من انبعاثات الكربون، مثل الولايات المتحدة، ملزمة بخفض انبعاثاتها بشكل أسرع بكثير – خلال سنوات وليس عقودًا – لتعويض هذا الدور التاريخي في التسبب في تغير المناخ. على سبيل المثال، إذا كانت الولايات المتحدة مسؤولة عن 40% من الانبعاثات الزائدة، فإنها بالتبعية تتحمل نحو 40% من هذه التكلفة الباهظة. وقد تكون المملكة المتحدة ملزمة بدفع مبلغ هائل يصل إلى 7.7 تريليون دولار أمريكي كتعويض عن الانبعاثات الزائدة من ثاني أكسيد الكربون حتى عام 2050. وهذا يعني أن الفرد البريطاني قد يتحمل عبئًا سنويًا قدره 3500 دولار أمريكي تقريبًا لتغطية هذه التكاليف. أما الولايات المتحدة، فقد تكون مطالبة بمبلغ أكبر بكثير، يصل إلى 80 تريليون دولار أمريكي، أي ما يعادل أكثر من 7200 دولار أمريكي للفرد سنويًا خلال نفس الفترة.

جدير بالذكر، أظهر أول تقييم عالمي للمناخ حجم التحدي المالي الذي يواجه الدول النامية في مواجهة آثار تغير المناخ. فالتكاليف المتوقعة لتغطية الخسائر والأضرار تتجاوز مئات المليارات سنويًا، مما يهدد استقرارها الاقتصادي. وتشير التقديرات إلى أن التكاليف الاقتصادية وحدها ستصل إلى ما بين 447 و894 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030. وهذا دون احتساب الخسائر والأضرار غير الاقتصادية، مثل فقدان التراث الثقافي. في ظل هذا الواقع، تبرز فكرة مقايضة الديون بالمناخ كحل محتمل، حيث يمكن للدول الدائنة تحويل جزء من ديون هذه الدول إلى استثمارات في مشاريع بيئية ومناخية، مما يخفف من أعباء الديون ويساهم في حماية البيئة.

خامسًا: مبادلة الديون بالعمل المناخي.. نماذج ناجحة

قد تكون مبادلة الديون بالمناخ والطبيعة جزءًا من الحل، مما يوفر حافزًا للدائنين للمشاركة في تخفيف الديون في مقابل الاستثمارات البيئية. وقد يؤدي هذا إلى جلب أموال جديدة أو جهات فاعلة جديدة. حيث قد يخلق ذلك إيرادات إضافية للدول ذات التنوع البيولوجي القيم من خلال السماح لها بتحصيل رسوم من الآخرين لحمايته وتوفير منفعة عامة عالمية. ولكن لا تزال هناك تساؤلات حول المزايا النسبية لمبادلات الديون مقارنة بالتدابير البديلة مثل المنح المشروطة وإعادة هيكلة الديون الشاملة. وقد قام تقرير حديث لصندوق النقد الدولي بتقييم هذه الخيارات. وقد تم استخدامها منذ أواخر الثمانينيات للحفاظ على البيئة ومعالجة أزمة السيولة في الدول النامية، بما في ذلك بوليفيا وكوستاريكا وبليز. وتعرف هذه عادة باسم “مبادلات الديون بالطبيعة”.

تأتي ألمانيا كأحد أبرز الدول التي يمكن مبادلة الديون معها مقابل مشاريع مناخية، حيث تعد ألمانيا واحدة من الدول القليلة في العالم التي لديها برنامج مبادلة ثنائي راسخ. وإذا كانت الدولة مدينة ولكن ليست مثقلة بالديون فيمكنها مبادلة جزء من ديونها بالتزام باستثمار نفس المبلغ في التحول الاجتماعي البيئي. وهذا يعود بالنفع على الدولة والمجتمع العالمي التي تحول ديونها على قدم المساواة. ومع ذلك، فإن الدول المثقلة بالديون بالفعل تحتاج إلى إعادة هيكلة ديونها بشكل أكثر شمولا. وفي حالة مبادلة الديون بالمناخ، تتفق الدول على مشاريع ملموسة للتخفيف من آثار تغير المناخ أو التكيف معه والتي يتم تنفيذها باستخدام الأموال المخصصة. ولا يتم اعتبار خدمة الدين لألمانيا بهذا المبلغ مسددة إلا بعد تنفيذ المشاريع بنجاح. وبهذه الطريقة، تتمكن ألمانيا من عرض تحويل إجمالي للديون على الدول الشريكة يصل إلى 150 مليون يورو سنويًا.

تعد كينيا وتونس ومصر وكوستاريكا أحد أبرز الدول التي استخدمت مبادرة مبادلة الديون وذلك كما يلي:

كينيا: تشارك وزارة التنمية الاقتصادية الألمانية في مبادلة الديون بالمناخ مع كينيا. تقدم الحكومة الكينية ما يعادل 60 مليون يورو على مدار عدة سنوات للمشاريع المتفق عليها مع ألمانيا. وبمجرد تنفيذ المشاريع بنجاح، ستتنازل ألمانيا عن سداد الديون بالمبلغ المعادل. ويتم استخدام مبادلة الديون بالمناخ لدعم مشاريع التعاون الكينية الألمانية القائمة في مجالات الطاقة المتجددة والزراعة المستدامة. يمكن استثمار الأموال في مشاريع المرونة المناخية لزيادة الأمن الغذائي وتشغيل الشباب في غرب كينيا، على سبيل المثال، أو في تحسين الطرق الريفية لضمان حصول المزارعين على وصول أفضل إلى الأسواق. ويمكن أن يساعد هذا في الحد من خسائر ما بعد الحصاد. كما يجري تطوير حقل الطاقة الحرارية الأرضية في بلوك بوغوريا-سيلالي واستقرار شبكة الكهرباء بحيث يمكن توصيل الطاقة المتجددة المولدة إلى الأسر بشكل أكثر موثوقية. تستمد كينيا بالفعل أكثر من 90% من طاقتها من الطاقات المتجددة.

مصر: تعد مصر لديها تجربة بالفعل في مبادرة سداد الديون بينها وبين ألمانيا، للعمل على تعزيز شبكة الكهرباء الوطنية التي تديرها شركة نقل الكهرباء المصرية من أجل مواجهة التغير المناخي . فقد وقعت مصر وألمانيا على اتفاقية مبادلة الديون بقيمة 54 مليون يورو خلال يونيو 2023. وتعد الأنشطة الممولة من خلال مبادلة الديون قيد الإعداد حاليًا، وبعضها جار بالفعل. ويمول تحويل الديون خطين لنقل الطاقة سيربطان مزرعتين جديدتين لطاقة الرياح (مزرعة البحر الأحمر ومزرعة أمونيت، وكلاهما بقوة 500 ميجاواط) بشبكة الكهرباء الوطنية. بالإضافة إلى ذلك، سيتم إعادة بناء محطتين فرعيتين انتهت مدة خدمتهما. وهو ما سيساعد على زيادة أمن الإمدادات والحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

تونس: اتخذت تونس بالفعل خطوات جادة لمادلة الديون بالمناخ، حيث تعتبر منطقة شمال إفريقيا واحدة من أكثر مناطق العالم تضررًا بارتفاع مستوى سطح البحر. ويمكن الشعور بالآثار السلبية بالفعل في المناطق الساحلية في تونس. وبفضل مبادلة الديون بالمناخ، تستثمر وكالة حماية السواحل التونسية APAL أكثر من 15 مليون يورو في تحسين قدرة ساحل تونس على التكيف مع تغير المناخ. وستساهم الأنشطة الممولة من خلال تحويل الديون في مرحلة جديدة من برنامج حماية السواحل، الذي بدأ العمل به منذ عام 2013. وكجزء من البرنامج، يمول بنك التنمية الألماني مشاريع البنية الأساسية نيابة عن الحكومة الألمانية. ويشمل ذلك بناء كاسرات الأمواج والسدود المغمورة، وتجديد الرمال وتثبيت الكثبان الرملية للحد من تآكل الساحل، وفي الوقت نفسه، دعم المراكز الاقتصادية الساحلية الرئيسية. وتمثل المناطق الساحلية حوالي 90% من الناتج المحلي الإجمالي في تونس.

أمريكا اللاتينية (بليز وكوستاريكا): تمكنت بليز من خفض ديونها مقابل الالتزام بتخصيص 30% من مناطقها البحرية كمناطق محمية وإنفاق 4 ملايين دولار أميركي سنويا على مدى العقدين المقبلين على الحفاظ على البيئة البحرية بموجب عملية مقايضة معقدة للدين بالطبيعة وتتضمن هذه المقايضة، التي نظمتها منظمة الحفاظ على الطبيعة في عام 2021، قيام المجموعة البيئية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها بإقراض أموال بسعر فائدة منخفض إلى بليز لإعادة شراء 553 مليون دولار من الديون التجارية بخصم كبير بنسبة 45%. وجمعت منظمة الحفاظ على الطبيعة أموالا من بنك الاستثمار كريدي سويس من خلال إصدار “سندات زرقاء” مدعومة من الحكومة الأميركية، والتي منحت السندات تصنيفا ائتمانيا قويا من الدرجة الاستثمارية.

وبالمثل، نفذت كوستاريكا عمليتي مقايضة للدين بالطبيعة مع الولايات المتحدة. وبموجب المقايضات، وافقت كوستاريكا على تخصيص 53 مليون دولار لمشاريع الحفاظ على البيئة. وقد زرعت بالفعل أكثر من 60 ألف شجرة وعكست مسار إزالة الغابات.

الأرجنتين: تم دعم تخفيف الديون الخضراء للحفاظ على الغابات، من خلال مبادلة للديون مع الولايات المتحدة، حيث سمحت المبادلة بإعادة شراء بعض الديون المستحقة على الأرجنتين بالعملة المحلية وإعادة استثمارها في حماية البيئة. وكانت قيمة الديون التي تمت معالجتها 38 مليون دولار، وبلغت قيمة المبادلة البيئية 3.1 مليون دولار دولار. تم استخدام الأموال بشكل أساسي للحفاظ على التنوع البيولوجي والغابات، بما في ذلك بنك البذور الوطني. وقدمت بعض المشاريع معلومات قيمة مكنت من التشريع البيئي بما في ذلك وقف مؤقت لتصاريح إزالة الغابات، فضلاً عن الاعتراف بأراضي الشعوب الأصلية. وقد قال صندوق النقد الدولي أنه يمكن استخدام العائدات الناتجة عن مشاريع مقايضة الديون بالمناخ لتجديد صندوق دوري لشراء وتثبيت التقنيات الصديقة للمناخ. وتستند الإجراءات المناخية المتخذة من خلال هذه المقايضات إلى مسار للحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة العالمية عند 1.5 درجة مئوية، بما يتماشى مع السياسات التي حددتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. ويمكن وينبغي إدراجها في المساهمات الوطنية المحددة من قبل الدائنين والمدينين المطلوبة من كل دولة بموجب اتفاقية باريس للمناخ.

سادسًا:آليات مبادلة الديون المصرية مقابل المناخ.. كيف يمكن أن تنجح الإدرة المصرية؟

في إطار حرص مصر في الآونة الأخيرة على إعادة هيكلة ديونها الخارجية وتحقيق استدامة في الدين ومنها موافقة مجلس الوزراء على إعادة تشكيل لجنة إدارة ملف الدين الخارجي وتنظيم الاقتراض في أكتوبر 2024، ناقش الرئيس السيسي في قمة بريكس الأخيرة في قازان أهمية تنويع أدوات التمويل العالمية ومنها مبادلة الديون بالمناخ،  وقد سبق الإشارة إلى أن مصر وقعت بالفعل اتفاقية مبادلة ديون مع ألمانيا بقيمة 54 مليون يورو في يونيو 2023 . وذلك لتمويل خطين لنقل الطاقة سيربطان مزرعتين جديدتين لطاقة الرياح. ويأتي هذا في ظل مبادرة الإسكوا العالمية لمبادلة الديون/الربط بين الجهات المانحة لدعم الدول الأعضاء في كفاحها ضد تمويل المناخ، وأعباء الديون المرتفعة، والضغوط المالية بسبب التأثير السلبي للجائحة.

وانطلاقًا من ذلك يمكن للجهات الحكومية المصرية الرئيسة المعنية بقضايا الدين والمناخ ومنها وزارة المالية والبيئة ووزارة الخارجية بالتعاون مع لجنة إدارة ملف الدين الخارجي وتنظيم الاقتراض، وضع ملف مبادلة الديون على رأس أولوياتها لمناقشة الآثار المحتملة والمميزات والمحاذير فيما يتعلق بمبادلات الديون بالمناخ أو مشروعات التنمية بشكل عام.

من الأهمية بمكان قبل البدء في أيه مفاوضات فيما يتعلق بقضايا الدين ومبادلتها مع الدول الرئيسية الأخذ في الاعتبار النقاط الآتية:

  • الاهتمام بعكس صورة ذهنية تناسب المتغيرات الداخلية فيما يتعلق بقضايا المناخ فعلى سبيل المثال، الاهتمام بالتوعية البيئية من خلال المنصات الاعلامية والإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي، ومنها الإعلان التلفزيوني الأخير عن أهمية الحفاظ على البيئة في التخلص من قش الأرز من خلال الحرق، وهذا يستلزم من جانب الجهات المعنية ومنها وزارة الداخلية وضع ضوابط قانونية لمعاقبة أي إخلال بذلك.
  • ضرورة القيام بدراسات عن الصناعات كثيفة الانبعاثات وآثارها على البيئة والاجراءات القانونية والرقابية على المصانع غير الملتزمة بالضوابط البيئية وتطبيق أقصى العقوبات عليها.
  • أهمية نشر ثقافة إعادة التدوير وفصل المخلفات المنزلية لدى المواطنين، وكذلك تقديم تسهيلات للمصانع العاملة بالفعل في مجال إعادة التدوير للتوسع على امتداد الجمهورية.
  • أهمية إطلاق مبادرات للحفاظ على المناخ والبيئة على سبيل المثال: حملات تشجير الأسطح، عدم إزالة المناطق الخضراء، أهمية تحقيق معدلات مرتفعة من البناء الأخضر وغيرها.
  • وضع استراتيجية للتشجير مع معدلات مخصصة لكل محافظة من المحافظات واستلزام الجهود المجتمعية ومشاركة الشباب في أفكار مبتكرة وعرض قصص النجاح الشبابية المصرية في ذات الصدد عالميًا.
  • مشاركة مصر الموسعة في كل مبادرات المناخ على المستوى الدولي وبقوة لعكس الاهتمام المصري بقضية المناخ.
  • كذلك فإنه من المهم بناء منصة بيانات موحدة لمعدلات التشجير، معدلات التلوث، نصيب الفرد من المياه النقية، نصيب الفرد من الانبعاثات وغيرها من المؤشرات التي تتعلق بالمناخ.
  • هذا وينبغي على لجنة الدين دراسة الوضع الأولي لديون الدولة وتأثير المقايضة على آفاق استدامة ديونها، والفوائد المالية الصافية المترتبة على مقايضة الديون، وتكاليف الفرصة للمقترض والمانحين بالنظر إلى تعقيدات المقايضات وتكاليف المعاملات.
  • بالإضافة إلى أنه ينبغي التعامل بشفافية شديدة وبحذر فيما يتعلق بقدرة الدولة على إدارة الديون والخطوات المستقبلية فيما يتعلق بملف إدارة الدين على المدى المتوسط والبعيد.
  • كذلك فإنه يجب الأخذ في الاعتبار أن المبادلات مع دائنين أو أكثر من الممكن أن تساهم في استعادة قدرة الدولة على تحمل الديون في ظل مشكلة الملاءة المالية وبالنسبة لعملية إعادة الهيكلة فإن المبادلة مع دائن واحد أو عدد قليل من الدائنين من شأنها أن تعقد عملية التنسيق بين الدائنين وتقاسم الأعباء. وفي حالة التخلف عن سداد الدين الجديد فإن أي مكاسب مالية تحققت من خلال المبادلة تصبح غير مؤثرة إلى حد كبير.
  • يمكن لمصر المطالبة بدمج المبادلات داخل عملية إعادة هيكلة الديون بشرط أن تكون استكمال لخفض الديون المطلوبة لاستعادة استدامة الدين أو في حالة ما بعد إعادة الهيكلة. فمثلًا، إذا وافق أحد الدائنين الثنائيين على خفض الدين بنسبة 50٪ كجزء من إعادة هيكلة الديون الشاملة في المرحلة الأولى، فيمكن لاحقًا مبادلة جزء من النسبة المتبقية البالغة 50٪ بالتزامات الإنفاق على التنمية/ المناخ.
  • كذلك يجب تقييم الفوائد المالية الصافية للمقايضات بدقة. ومنها ما إذا كانت توفر مكاسب مالية للدول التي تقوم بها. عادة ما يتم قياس الفوائد المالية للمقايضات على أنها إجمالي مدخرات خدمة الدين الناتجة عن استبدال الدين القديم بدين جديد. والاعتراف بأن أي تخلف عن السداد في المستقبل من شأنه أن يقلل بشكل كبير أو يلغي المكاسب من المبادلة، وينبغي حساب الفوائد الصافية باعتبارها القيمة الحالية لمدخرات خدمة الدين بما في ذلك جميع تكاليف المعاملات.
  • الأخذ في الاعتبار الآثار الجانبية الإيجابية أو السلبية للمبادلات على الجدارة الائتمانية للدولة وفقاً لتقييم وكالات التصنيف الائتماني. حيث تأتي الآثار الجانبية الإيجابية في خفض نقاط ضعف الديون. وإذا نجحت المبادلة في خفض نقاط ضعف الديون إلى جانب التأثير الإيجابي المتمثل في خفض اجمالي الديون، فإنها تعمل أيضاً على خفض تكلفة الديون بالنسبة للإصدارات المستقبلية من قِبَل الدولة. ومن شأن مثل هذا التأثير الإيجابي أن يبرهن على كفاءة آلية المبادلة، وعلى الجانب الآخر قد تظهر الآثار السلبية إذا تم النظر إلى المبادلة باعتبارها مبادلة متعثرة، مما يؤدي إلى إجراءات تصنيف سلبية وتدهور محتمل إذا كانت المبادلة غير قادرة على الحد بشكل كافٍ من مخاطر السيولة أو الملاءة المالية.

وأخيرًا، ينبغي على القائمين على إدارة ملف الدين في مصر تحديث وتقويم خطط إعادة هيكلة الدين بشكل قوي وملموس بما يكفي ليبرهن على جدية الدولة المصرية في التخفيف من قاعدة ديونها، ومنها إعادة هيكلة الديون ذات القيم الأكبر والتي قد تعيق من عمليات التنمية والنمو جنبًا إلى جنب مع الاخذ في الاعتبار الآثار التي يمكن أن تنجم عن ذلك.

المصادر:

  • “Quantifying national responsibility for climate breakdown: an equality-based attribution approach for carbon dioxide emissions in excess of the planetary boundary”, Jason Hickel, he Lancet Planetary Health, (September 2020).
  • “CO₂ and Greenhouse Gas Emissions”, Hannah Ritchie, Pablo Rosado and Max Roser, our world indata, (2024).
  • “GHG emissions of all world countries” Report 2023, European commission.
  • “How much CO₂ does the world emit? Which countries emit the most?”, Hannah Ritchie and MaxRoser, our world indata, (January 2024).
  • “Developed countries materially surpassed their USD 100 billion climate finance commitment in 2022”, OECD, (29 May 2024).
  • “How Deep Is the North-South Divide on Climate Negotiations?” Sinan Ülgen, Carnegie Europe, (October 6, 2021).
  • “World of Change: Global Temperatures”, earth observatory NASA.
  • “Finance & Justice”, United Nation.
  • “Global North and Global South: How Climate Change Uncovers Global Inequalities”, Generation Climate Europe, (May 10, 2023).
  • “Analysis: Which countries are historically responsible for climate change?” Carbon Brief, (October 2021).
  • “Global North Is Responsible for 92% of Excess Emissions”, Rishika Pardikar, Eos, (October 202).
  • “Global North owes $170 trillion for excessive CO2 emissions”, University of Leeds, (June 2023).
  • “What Could the New Climate Finance Goal Look Like? 7 Elements Under Negotiation”, Natalia “Alayza, Gaia Larsen and David Waskow, World Resources insights, (May 29, 2024).
  • “A New Wave of Debt Swaps for Climate or Nature”, UNDP, (2023).
  • “Debt-for-climate swaps”, Federal Ministry for Economic Cooperation and Development, (December 2023).
  • “Climate/SDGs Debt Swap”, UNESCWA, (2020).
  • “Debt-for-climate swaps can help developing countries make a green recovery Share”, UNEP.
  • “Debt for Development Swaps: An Approach Framework’, International Monetary Fund. Strategy, Policy, & Review Department and World Bank, (Aug 2024).
  • “How debt-for-climate swaps can help solve low-income countries’ crushing debt and environmental challenges at the same time”, Soyoung Oh, The Conversation, (October 31, 202).
  • وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، متاح عبر الرابط التالي:
    https://moic.gov.eg/ar/news/1405
  • اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، 1992،
https://unfccc.int/sites/default/files/convarabic.pdf

باحث اقتصادي بمركز ترو للدراسات

رؤية جون ميرشايمر لحربي إسرائيل وروسيا ومستقبل النظام الدولي
التكنولوجيا الحيوية كأداة للقوة التنافس السياسي والاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين في سباق الهيمنة العالمية
في خضم التحولات الجيوسياسية التي يشهدها الإقليم، يبرز توقيع اتفاق تصدير الغاز بين أذربيجان وسوريا كحدث لافت يعكس إعادة تمركز بعض الفاعلين الإقليميين في مسارات جديدة من التعاون، تتجاوز الحسابات التقليدية للتحالفات والانقسامات.
في خطوة تعكس تصاعد الاهتمام الدولي بإعادة إحياء مسار السلام الفلسطيني-الإسرائيلي، استضافت مدينة نيويورك مؤتمرًا دوليًا رفيع المستوى حول حل الدولتين، بمبادرة مشتركة من المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية، في الثامن والعشرون من الشهر الجاري لعام 2025. هدف المؤتمر المعلن يتمثل في إعادة تسليط الضوء على مبادئ حل الدولتين باعتباره الإطار الوحيد القادر على ضمان الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، في ظل الانسداد السياسي الراهن، وتنامي التوترات الإقليمية والدولية.
مثلت انتخابات مجلس المستشارين الياباني، التي جرت يوم الأحد 20 يوليو 2025، محطة حاسمة في المسار السياسي لليابان، حيث كشفت نتائجها عن تحولات جوهرية في المزاج الشعبي والتوازنات الحزبية في ظل سياق داخلي مأزوم وتحولات إقليمية ودولية متسارعة. ويُعد النظام السياسي في اليابان نظامًا ديمقراطيًا برلمانيًا مزدوج الغرف، يتألف من مجلس النواب (Shūgiin)، وهو الغرفة السفلى والأكثر نفوذًا في إصدار القوانين وتشكيل الحكومة، ومجلس المستشارين (Sangiin)، وهو الغرفة العليا ذات الدور التشريعي والرقابي، والتي لا تُمنح صلاحيات تشكيل الحكومة، لكنها تحتفظ بقدرة مؤسسية على التأثير في التشريعات والسياسات العامة.
Scroll to Top