Cairo

تداعيات نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية على مستقبل الاتفاقيات الإبراهيمية

قائمة المحتويات

باحث علاقات دولية بمركز ترو للدراسات

في عام 2020، أبرمت كل من الإمارات العربية المتحدة، البحرين، المغرب، والسودان اتفاقيات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل برعاية أمريكية خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب الأولى عرفت بالاتفاقيات الإبراهيمية. لاحقاً، حاولت إدارة الرئيس جو بايدن توسيع الاتفاقيات وضم المملكة العربية السعودية إلا أن تلك المحاولات باءت بالفشل. ومع دخول الاتفاقيات عامها الرابع وصمودها أمام التحديات بما في ذلك الحرب على غزة والذي اندلعت بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، عاد الحديث عن الاتفاقيات مرة أخرى مع عودة الرئيس دونالد ترامب للبيت الأبيض للمرة الثانية. وقد أعرب الرئيس دونالد ترامب في الحوارات المختلفة التي كان قد أجراها خلال حملته الانتخابية عن ثقته ورغبته في توسيع الاتفاقيات الإبراهيمية في خطوة يدعي بأنها تعمل على تعزيز السلام في الشرق الأوسط. في هذا الإطار، يتناول هذا المقال حالة الاتفاقيات الإبراهيمية في ضوء فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، من خلال استعراض ثلاثة محاور رئيسية:  أصول ودوافع الاتفاقيات الإبراهيمية، انعكاساتها على العلاقات السياسية في الشرق الأوسط، وأخيراًالتحديات ومستقبل الاتفاقيات مع عودة ترامب للبيت الأبيض مرة ثانية.

أولا، خلفية عن الاتفاقيات الإبراهيمية وأصولها ودوافعها

الاتفاقيات الإبراهيمية هي سلسلة من الاتفاقيات عقدت في عام 2020 لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية وهي الإمارات العربية المتحدة، البحرين، المغرب، والسودان في عام 2020 برعاية  أمريكية خلال الفترة الرئاسية الأولى لدونالد ترامب. سميت الاتفاقيات بهذا الاسم نسبة إلى النبي إبراهيم عليه السلام؛ لرغبة مهندسي الاتفاقيات بالإشارة إلى الأصل المشترك بين اليهود والمسلمين والمسيحيين إذ تنسب إلى النبي إبراهيم عليه السلام الديانات السماوية الثلاث. كما استخدم مهندسو الاتفاقيات هذا الاسم بهدف زرع إسرائيل في المنطقة عن طريق استغلال الإشارة للأصل المشترك بين المسلمين واليهود وضرورة تجاوز الخلافات والتعايش السلمي بين الطرفين.

بدأت المرحلة الأولى من الاتفاقيات في 15 سبتمبر 2020 في البيت الأبيض لتوقيع معاهدات السلام بين إسرائيل وكل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين، بحضور كل من دونالد ترامب، بنيامين نتنياهو، وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، ووزير الخارجية البحريني عبداللطيف بن راشد الزياني. في هذا الإطار، تم إعلان الاتفاقية بين الإمارات وإسرائيل تحت مسمى” اتفاقيات إبراهيم للسلام :معاهدة السلام والعلاقات الدبلوماسية والتطبيع الكامل بين الإمارات العربية المتحدة ودولة إسرائيل”، بينما أطلق على الاتفاقية بين البحرين وإسرائيل “اتفاقيات إبراهيم:إعلان السلام والتعاون والعلاقات الدبلوماسية والودية البناءة”. وفي إطار معاهدات السلام هذه، أبرمت الدول الثلاث: إسرائيل، الإمارات العربية المتحدة، البحرين سلسلة أخرى من اتفاقيات التطبيع، حيث تم توقيع سبع اتفاقيات بين إسرائيل والبحرين في 18 أكتوبر 2020، وأربع اتفاقيات بين الإمارات وإسرائيل في 20 أكتوبر 2020. في وقت لاحق من نفس العام، تم توسيع الاتفاقيات لتضم كل من المغرب في 23 أكتوبر 2020، والسودان في ديسمبر 2020، وشكلت جميع هذه الاتفاقيات السابقة ما يسمى الآن بالاتفاقيات الإبراهيمية. والجدير بالذكر أن تلك المعاهدات  لا تمثل  إلا بداية العلاقات الرسمية بين الدول العربية الموقعة وإسرائيل، حيث شهدت تلك الدول علاقات غير رسمية مع إسرائيل قبل توقيع الاتفاقيات الإبراهيمية.

وتأتي الاتفاقيات الإبراهيمية في إطار حرص إسرائيل على اتباع سياسة الاستدراج السياسي للدول العربية لحماية أمنها القومي ومصالحها الاستراتيجية، لا سيما دول الخليج بسبب موقعها الجيوسياسي فهي تحتل موقع الظهير لدول المواجهة العربية-الإسرائيلية وتمثل الطوق الثالث من أطواق النظرية الأمنية الإسرائيلية لمواجهة الخطر العربي. تهدف النظرية الأمنية الإسرائيلية لمواجهة الخطر العربي إلي ضمان أمن إسرائيل في بيئة إقليمية مليئة بالتهديدات من خلال عدة استراتيجيات منها إقامة تحالفات، والنظرية لها ثلاثة أطواق أولها: المواجهة الفلسطينية، ثانيها: دول المواجهة مصر وسوريا ولبنان، وثالثها: الدول المحاذية لدول المواجهة ومن أهمها دول مجلس التعاون الخليجي.

على الجانب الآخر، كان للدول العربية الأربع الموقعة على الاتفاقيات دوافع استراتيجية واقتصادية للانضمام في اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل. انضمت الإمارات العربية المتحدة للاتفاقيات بهدف الاستفادة من التفوق العسكري والتكنولوجي لإسرائيل، بالإضافة إلى منع إسرائيل من الاستمرار في عملية ضم أجزاء من الضفة الغربية فكان ذلك أحد الشروط الإماراتية للانضمام للاتفاقية. كما انضمت البحرين للاتفاقية أيضا للاستفادة من تفوق إسرائيل في التكنولوجيا العسكرية، إضافة إلى فتح مساحة للحوار مع إسرائيل بشأن حقوق الشعب الفلسطيني. ومع ذلك، مثل التهديد الإيراني والجماعات التي تدعمها أهم النقاط التي دفعت كل من إسرائيل والإمارات والبحرين للاتفاق. أما بالنسبة للمغرب والسودان، فقد جاءت الاتفاقيات الإبراهيمية كنوع من التسوية التي عكست مصالح سياسية استراتيجية لكل منهما. بالنسبة للمغرب، كان الاعتراف الأمريكي والإسرائيلي بسيادتها على الصحراء الغربية من أبرز الدوافع للانضمام إلى الاتفاقيات. أما السودان، فقد كان رفع اسمها من قائمة الدول الراعية للإرهاب والحصول على دعم الولايات المتحدة حافزًا رئيسيًا، لا سيما في ظل ما كانت تعانيه البلاد من فوضى سياسية وأزمات متعلقة بالإرهاب.

ومع ذلك، مثلت الاتفاقيات الإبراهيمية  خرقاً لمبادرة السلام للدول العربية التي أطلقت في قمة بيروت العربية لعام 2002، ونصت المبادرة على  ضرورة انسحاب إسرائيل الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ 1967، تنفيذا لقراري مجلس الأمن (242 و338)، ومبدأ الأرض مقابل السلام، وإلى قبولها قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وذلك مقابل قيام الدول العربية بإنشاء علاقات طبيعية في إطار سلام شامل مع إسرائيل. بموجب هذه المبادرة التي وافق عليها الأعضاء ال22 لجامعة الدول العربية، يجب ألا تعقد أي من الدول العربية أي معاهدات سلام مع إسرائيل بعيداً عن المعاهدات السابقة لكل من مصر والأردن إلا بتحقق الشروط السابقة.

وفي هذا السياق، تمثل الاتفاقيات الإبراهيمية المرحلة الثالثة من مراحل تطبيع العلاقات العربية-الإسرائيلية، بعد توقيع مصر اتفاقية كامب ديفيد في 1979، واتفاقية “وادي عربة” بين الأردن وإسرائيل في 1949. على عكس معاهدتي السلام السابقتين بين إسرائيل وكل من مصر والأردن، اللتين كان هدفهما إنهاء الحروب القائمة واستعادة الأراضي المصرية والأردنية، بعيدًا عن أي مظهر من مظاهر التطبيع الشعبي، جاءت الاتفاقيات الإبراهيمية ضمن إطار سياسي ودبلوماسي بحت لتحقيق مصالح استراتيجية مشتركة، بعيداً عن وجود أي حروب أو صراعات عسكرية.

ثانيا، الاتفاقيات الإبراهيمية في الممارسة

كان للاتفاقيات الإبراهيمية انعكاسات واسعة المدى فيما يخص العلاقات بين إسرائيل والدول العربية الموقعة، والمصالح الاستراتيجية لإسرائيل في المنطقة،علاوة على تأكيد النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط.

انعكاسات واقعية بالنسبة للدول العربية الموقعة:

على ضوء توقيع اتفاقيات السلام الإبراهيمية، تم تعزيز العلاقات بين الدول العربية الأربع الموقعة وإسرائيل فيما يخص مجالات التعاون الاقتصادي، التكنولوجي، العلاقات الدبلوماسية، والعلاقات بين الشعوب. في هذا الصدد، نجد أن العلاقات الإسرائيلية-الإماراتية تقدمت بوتيرة أسرع من غيرها، لاسيما فيما يتعلق بالتعاون في مجالات التكنولوجيا، والتبادل التجاري، والتعاون العسكري حيث أعلنت الإمارات العربية المتحدة أن من بين أهدافها لتوقيع الاتفاقية هو الاستفادة من التطور التكنولوجي الإسرائيلي ، خاصة في المجال العسكري.كما لوحظ اهتمام الإمارات بالاستثمار في مجالات تؤثر بشكل مباشر على الأمن القومي الإسرائيلي مثل المجالات الاستخبارية والعسكرية وصفقات السلاح. نتيجة لذلك، وقعت الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل عشرات الاتفاقيات لتعزيز التعاون والنمو الاقتصادي، والابتكار التكنولوجي،  ووصلت التجارة الثنائية السنوية بينهما إلى ما يقارب 3 مليارات دولار بحلول عام 2023.

وفيما يخص العلاقات الدبلوماسية، افتتحت الإمارات سفارتها رسمياً في إسرائيل في 14 يوليو 2021، كما افتتحت إسرائيل سفارتها في أبو ظبي في 29 من يونيو 2021 ، وقنصليتها في دبي بحضور وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك يائير لابيد ، والتي تعتبر زيارته أول زيارة رسمية يقوم بها وزير إسرائيلي للإمارات منذ توقيع اتفاقية السلام. وفي هذا السياق، ازدادت أعداد السائحين الإسرائيليين في الإمارات، خاصة خلال الأشهر الأولى عقب توقيع الاتفاقية.

أما فيما يخص العلاقات الإسرائيلية-البحرينية، واجهت العلاقات بين الطرفين بعض من المشاكل حيث أبلغ المسؤولين البحرينيين نظائرهم الإسرائيليين بمشاكل في تنفيذ بعض الاتفاقيات وتتعلق تلك المشاكل في معظمها بالبيروقراطية الإسرائيلية. على سبيل المثال، تم تأجيل اتفاقية الضرائب بين الطرفين لعدة أشهر؛ بسبب خوف بعض مسئولي وزارة المالية الإسرائيلية بأن تصبح البحرين ملاذاً ضريبياً لرجال الأعمال الإسرائيليين ونتيجة لذلك تم عرقلة بعض التعاونات فيما يخص التجارة والاستثمار بينهما في البداية. وأيضا، لم تشهد البحرين إقبال السائحين الإسرائيليين بشكل ملحوظ كما حدث مع الإمارات العربية المتحدة. في المقابل،هدفت إسرائيل في استغلال الاتفاق بينها وبين البحرين لتصبح البحرين سوق للمنتجات التكنولوجية والأمنية الإسرائيلية وهو ما سيعود بفائدة عظمى على الناتج المحلي الإسرائيلي. وفي خطوة أمنية غير مسبوقة، تم توقيع اتفاقية دفاعية بين البلدين في فبراير 2022 لتشمل التعاون في مجال الاستخبارات، التدريب، وشراء المعدات.

وجاء انضمام كل من المغرب والسودان على شكل مساومة سياسية منذ البداية، فانضمت المغرب لاتفاقيات التطبيع مقابل اعتراف كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، حيث أن الصحراء المغربية تمثل أولوية في السياسة الخارجية المغربية منذ رحيل الاحتلال الأسباني عن الصحراء في 1975. وتعتبر الحكومة المغربية بأن فرض سيادتها على الصحراء المغربية في مواجهة جماعة البوليساريو مسألة وحدة وطنية بعد سنوات من الصراع مع الجماعة وتدخل الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار بينهما. على الجانب الآخر، انضمت السودان في مقابل رفع الرئيس دونالد ترامب للسودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ودفع البرهان قيمة 335 مليون دولار تعويضاً لمن قال ترامب أنهم ضحايا الإرهاب. وشهدت السودان والمغرب أيضا تبادل العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وتعاونات فيما يخص مجالات التجارة، الأمن، والصناعات العسكرية، ولكن ظلت التبادلات التجارية بين إسرائيل وكل من المغرب والسودان منخفضة ومحدودة مقارنة بالإمارات العربية المتحدة والبحرين، وخصوصاً دولة السودان التي لم تصل الاتفاقيات التجارية بينها وبين إسرائيل إلى إمكاناتها.

الحسابات والمكاسب الإسرائيلية:

حققت إسرائيل مكاسب جمة مقارنة بمكاسب الأطراف الأخرى من تنفيذ الاتفاقيات الإبراهيمية على أرض الواقع على جميع المستويات: اقتصاديا وعسكريا وحتى على مستوى السياسة الداخلية، حيث تم التركيز بشكل كبير على مجال تصدير المنتجات والتكنولوجيا العسكرية والدفاعية إلى الأسواق الإماراتية والبحرينية. فضلاً عن ذلك،مثلت الاتفاقيات الإبراهيمية فرصة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو لتعزيز موقفه السياسي داخليا وخارجيا، إذ أن النجاح الذي حققه في السياسة الخارجية صرف الانتباه عن دعاوى الفساد الذي كانت تلاحقه داخليا، بالإضافة إلى التملص من خطط ضم الضفة الغربية التي أثرت جدلاً واسعا  داخليا وخارجيا. فضلاً عن ذلك، مثلت الاتفاقيات فرصة ذهبية للاقتصاد الإسرائيلي، إذ  أن فتح أسواق للصناعات العسكرية والدفاعية الإسرائيلية في الخليج عزز من موقف نتنياهو الانتخابي. كما عززت الاتفاقيات من موقع إسرائيل الاستراتيجي ضد إيران، إذ شكلت الاتفاقيات نوعا من التحالف الإسرائيلي الأمريكي الخليجي ضد إيران، باعتبارها مصدر تهديد للأطراف الثلاث بدعمها حماس ضد إسرائيل، وحزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن ضد دول الخليج.

المكاسب الأمريكية من رعاية الاتفاقيات:

استفادت الولايات الأمريكية من الاتفاقات بتعزيز موقعها الجيوسياسي في الشرق الأوسط، عن طريق تعزيز التحالف الإقليمي ضد كل من إيران وتركيا، دون الحاجة إلى زيادة القوات العسكرية الأمريكية في المنطقة. ومثلما فعل بنيامين نتانياهو، استغل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاتفاقيات لتشتيت الانتباه عن فشله في إدارة جائحة كورونا وتدهور موقفه الانتخابي، حيث مثلت الاتفاقيات انتصاراً سياسيا ودبلوماسياً للولايات المتحدة كصانعة للسلام في الشرق الأوسط. كما عززت الاتفاقيات من الموقف الاقتصادي الأمريكي في الشرق الأوسط، حيث أتاح الاتفاق للولايات المتحدة بيع أسلحة متطورة لكل من الإمارات والبحرين، بما فيها مقاتلات  F-35 والتي مثلت إحدى دوافع الإمارات العربية المتحدة للانضمام لاتفاقيات الإبراهيمية. ساهم ذلك في مواجهة النفوذ الصيني المتزايد في المنطقة، واعتمدت دول الخليج على المعدات العسكرية الأمريكية بدلاً من التكنولوجيا الصينية.

ثالثا،التحديات والآفاق المستقبلية

واجهت الاتفاقيات الإبراهيمية انتقادات واسعة منذ البداية؛ بسبب تهميشها للقضية الفلسطينية، حيث اعتبرت الاتفاقيات بمثابة تخلي الدول العربية الأربع الموقع عما جاء في مبادرة السلام العربي لعام 2002 بألا تصبح العلاقة بين الدول العربية وإسرائيل طبيعية إلا بتحقيق مبدأ الأرض العربية مقابل السلام، والتزام إسرائيل بما جاء في قرار الأمم المتحدة لحل الدولتين. في إطار تلك الانتقادات، شكلت جولة الأحداث التي اندلعت بين حماس وإسرائيل في مايو 2021، خصوصاً أحداث القدس التي سبقتها، أول اختباراً حقيقياً على صمود الاتفاقيات أمام التحديات. في ذلك الوقت‘ أدانت كل من الإمارات العربية المتحدة، البحرين، المغرب، والسودان عدم احترام إسرائيل لحقوق الفلسطينيين واقتحامهم لحرمة المسجد الأقصى. ومع ذلك، لم يتم ترجمة تلك الإدانات لأي خطوات عملية تستدعي استدعاء السفراء أو النقض ببنود الاتفاقيات. على الجانب الآخر، شهدت تنفيذ بعض المبادرات الثنائية بعض التراجع، لاسيما على مستوى المجتمع المدني. على سبيل المثال، تم تأجيل عدد من الحوارات المشتركة بين معاهد البحوث ومنظمات المجتمع المدني المختلفة عبر الإنترنت لتعزيز التعاون والاستثمار بين البلدين. وأخيراً، ألقت الأحداث في غزة بعد السابع من أكتوبر بظلالها على الاتفاقيات ، حيث انتقلت العلاقات إلى التوتر والغموض مرة أخرى، وأصبحت مظاهر الدبلوماسية العامة تدار خلف الأبواب المغلقة.

مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، عاد الحديث عن إحياء سياسة الاتفاقيات الإبراهيمية مرة أخرى، فقد عبّر الرئيس المنتخب خلال حملته الانتخابية عن خططه لتوسيع هذه الاتفاقيات عبر ضم عدد كبير من دول الشرق الأوسط إليها خلال عام واحد ، وأشار إلى وجود رغبة لدى العديد من الدول للانضمام إلى هذه الاتفاقيات. لكن الواقع الحالي في الشرق الأوسط مختلف كل الاختلاف عن الوضع في فترته الرئاسية الأولى بسبب الصراع المستمر في غزة، والتحديات الجيوسياسية المتصاعدة، لا سيما مع تصاعد الرأي العام العربي المناهض للجرائم الإسرائيلية في كل من غزة ولبنان.

علاوة على ذلك، إن التقارب النسبي بين السعودية وإيران بفعل الجهود الدبلوماسية الصينية سيكون له تأثيراته على إمكانية استخدام التهديد الإيراني كأرضية مشتركة لتنضم المملكة العربية السعودية في اتفاقية تطبيع مع إسرائيل. كما أن أولوية إيجاد حل للصراع في غزة ووقف إطلاق النار سوف تلقي بظلالها على أي تحالفات واتفاقيات قد تحدث في المنطقة خلال ولاية دونالد ترامب، إضافة إلى أن المكانة التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية باعتبارها المركز الروحي للإسلام  سوف تفرض تحديات غير مسبوقة في حالة انضمام السعودية للاتفاقيات الإبراهيمية. في هذا السياق، محاولات ترامب لضم المملكة العربية السعودية للاتفاقيات الإبراهيمية سوف تتطلب هندسة للاتفاقيات والشروط مختلفة إلى حد كبير مع الاتفاقيات في موجتها الأولى.

قائمة المراجع

مصادر باللغة الإنجليزية

Alkurd, Dana. “Assessing the Abraham Accords, Three Years On.” Arab Center Washington DC, August 31, 2023. https://arabcenterdc.org/resource/assessing-the-abraham-accords-three-years-on/.

Dagres, Holly. “As The Israel-Hamas War Continues, the Abraham Accords Quietly Turns Four – Atlantic Council.” Atlantic Council, September 11, 2024. https://www.atlanticcouncil.org/blogs/menasource/abraham-accords-anniversary-gaza/.

Dachtler, Petra. “From new to normal: Two years after the Abraham accords.” (2022): 12.

“Gaza Conflict: Abraham Accords Survive but Alternative Alliances Emerge,” n.d. https://www.ibanet.org/Gaza-conflict-Abraham-Accords-survive-but-alternative-alliances-emerge.

Guzansky, Yoel, and Sarah Feuer. “The Abraham accords at one year: achievements, challenges, and recommendations for Israel.” The Іnstitute for National Security Studies (2021).

Guzansky, Yoel, and Zachary A. Marshall. “The Abraham Accords: Immediate significance and long-term implications.” Israel Journal of Foreign Affairs 14, no. 3 (2020): 379-389.

Middle East Monitor. “Israel Celebrates the Abraham Accords With Increased Trade.” Middle East Monitor, September 16, 2024. https://www.middleeastmonitor.com/20240916-israel-celebrates-the-abraham-accords-with-increased-trade/.

Malik, Imran. “Abraham Accords 2:0.” The Nation, November 23, 2024. https://www.nation.com.pk/23-Nov-2024/abraham-accords-2-0.

Middle East Council on Global Affairs. “Trump’s Return and Implications for the Middle East – Middle East Council on Global Affairs,” November 8, 2024. https://mecouncil.org/blog_posts/trumps-return-and-implications-for-the-middle-east/.

Norlen, Tova, and Tamir Sinai. “The Abraham Accords–Paradigm Shift or Realpolitik.” The George C. Marshall European Center for Security Studies 64 (2020).

Singer, Joel. “The Abraham Accords: normalization agreements signed by Israel with the UAE, Bahrain, Sudan, and Morocco.” International Legal Materials 60, no. 3 (2021): 448-463.

“Trump Says Middle East Peace Possible if Elected, Plans to Expand Abraham Accords,” October 21, 2024. https://english.alarabiya.net/webtv/programs/special-interview/2024/10/20/trump-says-middle-east-peace-possible-if-elected-plans-to-expand-abraham-accords.

The Abraham Accords: Unlocking Sustainable and Inclusive Growth Across the Middle East | UAE Embassy in Washington, DC. “The Abraham Accords: Unlocking Sustainable and Inclusive Growth Across the Middle East | UAE Embassy in Washington, DC,” n.d. https://www.uae-embassy.org/abraham-accords-sustainable-inclusive-growth.

Yossef, Amr. “The regional impact of the Abraham Accords.” Modern War Institute 20, no. 2 (2021): 1-17.

مصادر باللغة العربية

الجزيرة . “اتفاقيات أبراهام.. موجة التطبيع العربي مع إسرائيل.” الجزيرة. 9 يونيو 2024.

https://www.ajnet.me/encyclopedia/2024/6/9/%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%D8%A7%D9%85-%D9%85%D9%88%D8%AC%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A

الكتبي، ابتسام. “الاتفاقيات الإبراهيمية في عامها الأول: لماذا اعتبرت حدثاً تحولياً في المنطقة؟” مركز الامارات للسياسات. 14 سبتمبر 2021.

https://epc.ae/ar/details/featured/alaitifaqiaat-aliibrahimiat-fi-eamiha-aluwwla-limadha-aetubrt-hdthaan-thwlyaan-fi-almintaqati

عبد الرازق، محمد. “مسار متصاعد: لماذا أعلنت إسرائيل اعترافعا بالسيادة المغربية على الصحراء؟” المرصد المصري. 13 يوليو 2023.

الديربي، عبدالعال. “اتفاقيات السلام العربية الإسرائيلية وأثرُها على القضية الفلسطينية.” مجلة الدراسات السياسية والاقتصادية المجلد 2، العدد 3 (2022): 301-239.

https://psej.journals.ekb.eg/article_269897.html

باحث علاقات دولية بمركز ترو للدراسات

الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وإيران وتداعياتها على مسار العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية
مساعي الولايات المتحدة لتوطين صناعة الرقائق الإلكترونية
زيارة الرئيس السوري إلى روسيا: الأبعاد الجيوسياسية والاقتصادية للزيارة
التصعيد بين أفغانستان وباكستان الدوافع والمواقف الدولية
قراءة تحليلية في قمة شرم الشيخ للسلام
Scroll to Top