على مدار العقود الماضية، شكلت المقاومة الفلسطينية بأشكالها المتعددة تعبيرًا عن صراع أوسع بين إرادة التحرر الوطني والهيمنة الإسرائيلية المدعومة من قوى دولية نافذة. ومع تشديد الحصار المفروض على قطاع غزة منذ عام 2007، ظهرت مبادرات مدنية عابرة للحدود، استهدفت كسر الحصار عبر أدوات غير مسلحة، كان أبرزها سفن الإغاثة الدولية التي تحولت تدريجيًا إلى رموز سياسية ومواقف أخلاقية محرجة لصناع القرار الدوليين.[1]
في هذا السياق، اكتسبت سفينة “مرمرة” عام 2010 مكانة مهمة، بعدما تعرضت لهجوم دموي من البحرية الإسرائيلية أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين، لتتحول إلى محطة سياسية أثارت موجة إدانات دولية، وشكلت نقطة تحول في علاقة تركيا بإسرائيل. وبعد خمسة عشر عامًا، تعود الظاهرة ذاتها عبر سفينة “مادلين”، التي انطلقت في عام 2025 ضمن أسطول جديد لمحاولة إيصال مساعدات إنسانية إلى غزة، في ظل تداعيات كارثية خلفتها الحرب الإسرائيلية على غزة، وفي ظل الصمت الدولي تجاه الانتهاكات الإسرائيلية.[2]
يهدف هذا المقال التحليلي إلى تقديم قراءة مقارنة بين هاتين الحالتين، من خلال تحليل الرمزية السياسية التي رافقت كل مبادرة، وتفكيك الاستراتيجيات الميدانية التي وظفتها الأطراف المعنية، ولا سيما إسرائيل، في التعاطي مع هذه السفن. كما يسعى المقال إلى فهم التحولات في الرأي العام الدولي، وتقييم مدى نجاح هذا النوع من المقاومة في فرض معادلات جديدة في الخطاب السياسي، أو على أرض الواقع.
إن المقارنة بين “مرمرة” و”مادلين” لا تنطلق فقط من تشابه الشكل والمهمة، بل تتجاوز ذلك إلى استكشاف الفروق البنيوية في السياق الدولي والسياسي، والتبدلات في أدوات الردع والاحتواء، بما يعكس دينامية الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي في صورته الإنسانية والدولية المعاصرة.
أولًا: الأبعاد القانونية الدولية للحصار الإسرائيلي على غزة
يشكل الحصار المفروض على قطاع غزة منذ منتصف عام 2007 أحد أكثر النماذج تعقيدًا في تاريخ النزاعات المعاصرة، حيث تجمع فيه البعد العسكري بالاقتصادي، والسياسي بالإنساني، في إطار من العقوبات الجماعية التي تفتقر إلى الشرعية القانونية الدولية، وتثير تساؤلات عميقة حول حدود السيادة، ومسؤولية القوة القائمة بالاحتلال، ومدى فاعلية القانون الدولي الإنساني في بيئات الصراع غير المتكافئ.[3]
فقد جاء الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة عقب فوز حركة “حماس” بالانتخابات التشريعية في عام 2006، وما تبعه من تصاعد الصراع الفلسطيني الداخلي، ثم سيطرة الحركة على القطاع منتصف عام 2007. استغل الاحتلال الإسرائيلي هذا التحول لتكريس سياسات العزل، ففرض قيودًا مشددة على حركة البضائع والأفراد من وإلى غزة، وقد وُصف هذا الحصار من قبل منظمات حقوقية دولية بارزة مثل هيومن رايتس ووتش وأمنيستي بأنه يرقى إلى جريمة حرب، نظراً لتأثيره المباشر على المدنيين وحرمانهم من الخدمات الأساسية.[4]
على مدى 18 عامًا، اتخذ الحصار أبعادًا مركبة، فعلى الصعيد الاقتصادي تدهورت معدلات النمو وتفشت البطالة والفقر، وعلى المستوى الإنساني تراجعت المؤشرات الصحية والتعليمية إلى مستويات حرجة، أما سياسيًا فقد تم منع إعادة الإعمار، وتعطيل الاستحقاقات الديمقراطية، وفرض واقع من العزلة الإقليمية والدولية على القطاع وسكانه. كما استُخدم الحصار أيضًا كأداة ضغط على فصائل المقاومة، وكوسيلة لإعادة تشكيل التوازنات داخل الساحة الفلسطينية بما يخدم مصلحة الاحتلال.[5]
من الناحية القانونية، يتناقض هذا الحصار مع التزامات إسرائيل كقوة قائمة بالاحتلال بموجب اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 بشأن حماية المدنيين وقت الحرب، والتي تفرض عليها ضمان الحد الأدنى من المقومات الحياتية للسكان الواقعين تحت الاحتلال. كما يُعد الحصار البحري المفروض، والذي يشمل اعتراض السفن المتجهة إلى غزة في المياه الدولية، خرقًا واضحًا لقواعد القانون البحري الدولي، إذ يمنع إيصال المساعدات الإنسانية ويستهدف المدنيين القائمين عليها.[6]
لقد فشلت الأمم المتحدة إلى حد بعيد في كسر هذا الحصار أو حتى في اتخاذ إجراءات رادعة لمنعه، بالرغم من التقارير الدورية التي تصدرها مختلف هيئاتها حول الآثار الكارثية للحصار. وقد دفعت هذه الحالة من الجمود القانوني والضعف السياسي فاعلين دوليين من المجتمع المدني إلى محاولة اختراق الحصار عبر مبادرات بحرية رمزية، بهدف تسليط الضوء على الانتهاكات الواقعة، وطرح القضية من جديد في فضاء الرأي العام العالمي[7]، وفي هذا الإطار نشأت المبادرات مثل “أسطول الحرية” عام 2010، الذي سعت من خلاله منظمات حقوقية وأفراد من مختلف الجنسيات إلى استخدام وسائل بحرية سلمية لإيصال المساعدات مباشرة إلى غزة، متحدين بذلك السيطرة الإسرائيلية على السواحل الفلسطينية، ومراهنين على الضغط الإعلامي والدبلوماسي الناتج عن أي استهداف لهذه المبادرات.[8]
يُظهر هذا السياق المعقد كيف باتت السفن العابرة نحو غزة لا تؤدي دورًا لوجستيًا فحسب، بل أصبحت أدوات رمزية للضغط السياسي وكشف الانحياز الدولي، وهو ما يفسر حدة ردود الفعل الإسرائيلية عليها، بدءًا من مرمرة عام 2010، وصولًا إلى مادلين في 2025، بما تحمله من تحدي مباشر للهيمنة الإسرائيلية على حدود القطاع، ويُعد الحصار المفروض على قطاع غزة نموذجًا معقدًا لانتهاك القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، إذ تتعدد أبعاده وتتشابك أدواته، في ظل غياب إرادة دولية جادة لوقفه أو مساءلة المسؤولين عنه. وبينما تصر إسرائيل على وصف إجراءاتها بأنها تدابير أمنية، يرى غالبية الفقهاء القانونيين، والمنظمات الحقوقية الدولية، أن الحصار يشكل عقوبة جماعية تمثل انتهاكًا صريحًا للمعايير القانونية الدولية.[9]
بموجب اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، فإن القوة القائمة بالاحتلال تُلزم بضمان تلبية الحاجات الأساسية للسكان المدنيين، لا سيما في المواد (55، 56، 59). وانطلاقًا من هذا الإطار، فإن إسرائيل، بوصفها قوة احتلال – حسب توصيف الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية – تتحمل المسؤولية القانونية المباشرة عن الأوضاع المعيشية والصحية في قطاع غزة.[10]
ومع فرض القيود الشاملة على دخول البضائع والأدوية ومواد البناء، وعرقلة حرية الحركة والتنقل، تكون إسرائيل قد انتهكت التزاماتها القانونية الأساسية، خاصة أن الحصار يشمل كل سكان القطاع، دون تمييز، مما يجعله عقوبة جماعية محظورة صراحة بموجب المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة[11]، ويُعد اعتراض السفن في المياه الدولية من أخطر أوجه الحصار الإسرائيلي، ويتناقض مع المبادئ التي أقرها اتفاق الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS) لعام 1982، والذي يضمن حرية الملاحة، وعدم جواز اعتراض السفن المدنية إلا في حالات استثنائية محصورة. وقد أكدت تقارير أممية، منها تقرير بعثة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان حول مرمرة (2010)، أن إسرائيل انتهكت القانون الدولي من خلال استخدام القوة المميتة خارج مياهها الإقليمية، وهو ما يمثل عدوانًا على السيادة البحرية لدول السفن وعلى الحق في العمل الإنساني.[12]
وقد أصدرت هيئات دولية عدة، من بينها مجلس حقوق الإنسان، ومقرري الأمم المتحدة الخاصين، ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، بيانات وتقارير متتالية تؤكد عدم قانونية الحصار، وتطالب برفعه بشكل فوري وغير مشروط. كما أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان شهير عام 2010 أن “الحصار على غزة يمثل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي الإنساني”، نظرًا لتأثيره المدمر على المدنيين.[13]
لكن بالرغم من هذا الموقف القانوني الواضح، فقد فشلت الأمم المتحدة في اتخاذ إجراءات ملزمة تجاه إسرائيل، بسبب توازنات القوى داخل مجلس الأمن، وخصوصًا الفيتو الأمريكي المتكرر الذي حال دون صدور قرارات إدانة أو فرض عقوبات، مما ساهم في إضفاء حصانة سياسية على الانتهاك القانوني.[14]
برزت خلال السنوات الماضية محاولات لملاحقة المسؤولين الإسرائيليين في محاكم أجنبية بموجب مبدأ الاختصاص القضائي العالمي، كما حاولت السلطة الفلسطينية إحالة ملف الحصار إلى المحكمة الجنائية الدولية ضمن إطار الجرائم ضد الإنسانية. ومع أن التحقيقات لم تؤدي إلى نتائج ملموسة حتى الآن، إلا أن تصنيف الحصار كانتهاك ممنهج وواسع النطاق قد يندرج ضمن اختصاص المحكمة في حال توفر الإرادة السياسية والدعم القانوني الكافي.[15]
يتعارض الحصار أيضًا مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، خاصة المادة الأولى التي تنص على احترام حقوق الإنسان وكرامته، والمادة 41 التي تضع القيود الاقتصادية والعقوبات تحت سلطة مجلس الأمن وحده، لا الدول المنفردة. كما أن العرف الدولي المتعلق بحماية المدنيين في النزاعات المسلحة لا يجيز خنق منطقة جغرافية كاملة وحرمانها من حقوقها الأساسية تحت ذريعة الأمن.[16]
إن الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة لا يمكن توصيفه إلا بوصفه خرقًا ممنهجًا لأحكام القانون الدولي الإنساني والقانون البحري الدولي، وانتهاكًا لحقوق الإنسان الأساسية. ورغم تعدد الإدانات والتقارير الحقوقية، لا يزال غياب الآلية الدولية الرادعة يشكل العقبة الأكبر أمام مساءلة الاحتلال. وهذا ما يجعل من المبادرات الشعبية، ومنها سفن كسر الحصار، أدوات رمزية لكنها ضرورية لإعادة إحياء النقاش القانوني والأخلاقي حول جريمة الحصار الممتدة.[17]
ثانيًا: سفينة مرمرة 2010 ومحاولة كسر الحصار وتدويل الأزمة
تُعد سفينة مرمرة أبرز رموز محاولات كسر الحصار عن غزة عبر البحر، وقد انطلقت ضمن “أسطول الحرية” الذي نظمته حركة تحيا فلسطين (IHH) التركية وعدد من المنظمات الدولية في مايو 2010، بهدف إيصال مساعدات إنسانية مباشرة إلى قطاع غزة، دون المرور عبر القنوات الإسرائيلية. وشارك في السفينة أكثر من 600 ناشط من 36 جنسية، بينهم برلمانيون وأكاديميون وصحفيون، في خطوة ذات رمزية سياسية عالية تهدف إلى فضح الحصار من جهة، وإحراج المجتمع الدولي بصمته من جهة أخرى.[18]
وقد جاءت هذه المبادرة في سياق سياسي إقليمي متغير، حيث كانت العلاقات التركية–الإسرائيلية قد بدأت تشهد توترًا متصاعدًا منذ العدوان على غزة عام 2008–2009، كما كانت تركيا آنذاك تعزز من حضورها الإقليمي كداعم للقضية الفلسطينية، ما أضفى بعدًا جيوسياسيًا خاصًا على الرحلة.[19]
- تفاصيل الاقتحام الإسرائيلي وخرق القانون الدولي
في فجر يوم 31 مايو 2010، وبينما كانت السفينة لا تزال في المياه الدولية، أقدمت البحرية الإسرائيلية على اقتحامها بالقوة المسلحة مستخدمة المروحيات وقوات الكوماندوز، مما أسفر عن مقتل 10 نشطاء أتراك وجرح العشرات. وقد أظهر توثيق الفيديوهات قيام الجنود الإسرائيليين بإطلاق النار قبل نزولهم الكامل إلى سطح السفينة، ما يشير إلى نية مبيتة بالرد العنيف، وليس الاكتفاء باعتراض سلمي.[20]
تُعد هذه العملية من الناحية القانونية خرقًا مزدوجًا: أولًا لانتهاك حرية الملاحة في المياه الدولية بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وثانيًا لاستخدام القوة المميتة ضد مدنيين عُزل، في مخالفة صارخة لمبدأ التناسب المنصوص عليه في القانون الدولي الإنساني[21]، وقد أدانت لجنة تحقيق تابعة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (تقرير سبتمبر 2010) هذا الهجوم واعتبرته غير قانوني، ومشوبًا باستخدام مفرط للقوة، ويمثل انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان.
- التداعيات السياسية والدبلوماسية للهجوم
أدى الهجوم الإسرائيلي على سفينة “مرمرة” في مايو 2010 إلى انفجار أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين تركيا وإسرائيل، بلغت ذروتها بسحب أنقرة سفيرها من تل أبيب وطرد السفير الإسرائيلي من أنقرة، إضافة إلى تجميد شامل للاتفاقيات العسكرية والأمنية المشتركة، التي كانت تشكل أحد أعمدة التحالف الاستراتيجي بين البلدين منذ تسعينيات القرن الماضي. وجاءت هذه الإجراءات في إطار رد فعل تركي حاسم تمثل في ثلاثة مطالب واضحة: تقديم اعتذار رسمي، دفع تعويضات مالية لأسر الضحايا، ورفع الحصار عن قطاع غزة. وقد تحقق أول مطلبين في اتفاق تطبيع العلاقات عام 2016، بعد اعتذار إسرائيل بوساطة أمريكية، ودفعها 20 مليون دولار كتعويضات، بينما تم الالتفاف على المطلب الثالث من خلال السماح بإيصال مساعدات تركية إلى غزة عبر ميناء أشدود دون إنهاء شامل للحصار.
لكن التداعيات لم تتوقف عند البعد الثنائي بين أنقرة وتل أبيب، بل تجاوزت ذلك إلى مستوى دولي أوسع، إذ مثل الهجوم نقطة تحول في مقاربة المجتمع الدولي لملف الحصار على غزة. فقد أدانت العديد من الدول ما وصفته بالاستخدام غير المتناسب للقوة من قبل إسرائيل ضد سفينة مدنية في المياه الدولية، في حين طالبت منظمات حقوقية، مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، بفتح تحقيق دولي مستقل في الحادث. وبالرغم من تباين مواقف بعض الحكومات الغربية التي حاولت التوفيق بين دعمها لإسرائيل وانتقاداتها المحدودة للهجوم، فإن المؤسسات الأممية، وعلى رأسها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، اعتمدت تقارير رسمية تُحمل إسرائيل المسؤولية عن مقتل مدنيين، وتُدين الحصار باعتباره شكلًا من أشكال العقاب الجماعي المحظور بموجب القانون الدولي.
الأثر الأبرز للهجوم تمثل في تدويل قضية الحصار البحري المفروض على غزة. فقد أصبحت هذه القضية، التي طالما تم تهميشها داخل الخطاب الأمني الغربي، مطروحة بقوة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، والبرلمانات الأوروبية، ووسائل الإعلام الدولية الكبرى. كما دفعت الأزمة عددًا من الفاعلين الدوليين لإعادة تقييم مشروعية الحصار ذاته، وبدأ يُنظر إليه ليس فقط كإجراء أمني، بل كأداة تستخدمها إسرائيل للضغط على المدنيين الفلسطينيين سياسياً واقتصاديًا. وقد شكل ذلك تحولًا مهمًا في النقاش الدولي، انعكس لاحقًا في مواقف أكثر تشددًا من قبل بعض الدول الأوروبية، خاصة في البرلمان الأوروبي الذي دعا في أكثر من مناسبة إلى مراجعة السياسات الإسرائيلية تجاه غزة.
في السياق الإقليمي، أضعف الهجوم موقع إسرائيل الدبلوماسي في الشرق الأوسط، وفتح المجال أمام تصاعد الدور التركي كمدافع عن القضية الفلسطينية، وهو ما استثمرته أنقرة سياسيًا وإعلاميًا لتعزيز موقعها في المنطقة. كما أسهمت هذه الأزمة في إعادة تشكيل التحالفات، مع تنامي الموقف الشعبي المناهض للتطبيع مع إسرائيل في عدد من الدول العربية والإسلامية.
في المحصلة، لم يكن الهجوم على “مرمرة” مجرد حادثة بحرية، بل لحظة مهمة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كسرت احتكار إسرائيل للرواية الأمنية، وفتحت المجال أمام مقاومة مدنية دولية جديدة، ذات طابع إنساني وحقوقي، أعادت تعريف أدوات التأثير والضغط في الساحة الدولية. [22]
- رمزية مرمرة في الوعي العالمي
أصبحت مرمرة رمزًا مزدوجًا، من جهة رمزًا إنسانيًا وأخلاقيًا لمقاومة الحصار عبر الوسائل المدنية، ومن جهة أخرى رمزًا لبطش الاحتلال الإسرائيلي وعجز النظام الدولي. وقد أسهم الحراك الشعبي الذي أعقب الهجوم في تسليط الضوء على المعاناة في غزة، وتوسيع شبكة التضامن المدني مع الفلسطينيين في الغرب، لكن من ناحية أخرى، أثبتت العملية أن إسرائيل مستعدة لاستخدام القوة القاتلة حتى ضد نشطاء أجانب، مما يشير إلى إصرارها على احتكار السيطرة على حدود غزة، ورفض أي اختراق رمزي أو فعلي للحصار، حتى وإن جاء بوسائل سلمية.[23]
- الأثر الاستراتيجي المحدود والنتائج العملية
رغم الزخم الإعلامي والدبلوماسي الذي أثارته مرمرة، لم تؤدي العملية إلى رفع الحصار فعليًا، بل أدت إلى إعادة ضبط تكتيكات المقاومة المدنية، ودفعت النشطاء إلى الحذر في تنظيم قوافل بحرية جديدة، خصوصًا في ظل غياب آليات الحماية الدولية. ومع ذلك، شكلت مرمرة نقطة تحول في توسيع قاعدة الدعم العالمي للقضية الفلسطينية، وأسست لنمط جديد من المقاومة غير المسلحة في الفضاء الدولي.[24]
ثالثًا: سفينة مادلين 2025 ومحاولة كسر الحصار
تشكل سفينة مادلين إحدى أبرز المبادرات المدنية التي استهدفت كسر الحصار الإسرائيلي البحري عن قطاع غزة في عام 2025، وقد جاءت بعد 15 عامًا من حادثة مرمرة، ضمن سلسلة من التحركات التضامنية الدولية التي تطلقها اللجنة الدولية لكسر الحصار بالتعاون مع منظمات أوروبية وعربية[25]، وتميزت هذه الرحلة بطابعها النسائي والمدني الصرف، حيث ضمت على متنها ناشطات من دول أوروبية وأمريكية وعربية، من بينهن برلمانيات وأكاديميات وناشطات حقوقيات، وهو ما أضفى بُعدًا أخلاقيًا وإنسانيًا خاصًا، ورسالة سياسية مركبة موجهة إلى المجتمع الدولي، تُبرز أن الحصار بات يُنازع القيم العالمية للعدالة وحقوق الإنسان، وقد انطلقت السفينة من ميناء مرسيليا الفرنسي مرورًا بموانئ أخرى، وسط تغطية إعلامية دولية متزايدة، ودعوات أممية لحماية طاقم السفينة باعتبارها تنشط في عمل إنساني لا يهدد الأمن الإسرائيلي.[26]
- تفاصيل الاقتحام الإسرائيلي وخرق القانون الدولي
في صباح التاسع من يونيو 2025، قامت البحرية الإسرائيلية باعتراض سفينة “مادلين” التي كانت تبحر ضمن “أسطول الحرية” الجديد باتجاه قطاع غزة، حاملة نشطاء مدنيين وحقوقيين وناشطات نسويات بارزات من جنسيات أوروبية مختلفة، من بينهم الناشطة البيئية غريتا تونبرغ والنائبة الفرنسية ريم حسان. تم الاعتراض في عرض البحر، على بُعد أكثر من 90 ميلاً بحريًا عن السواحل الإسرائيلية، أي في نطاق المياه الدولية، مما يشكل من الناحية القانونية خرقًا واضحًا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS)، التي تحظر التدخل في سفن غير حربية في المياه الدولية ما لم تكن تمارس أعمالًا غير مشروعة كالقرصنة أو التهريب.
وبحسب إفادات المشاركين والمنظمات الحقوقية المرافقة للأسطول، فإن عملية الاقتحام تمت باستخدام زوارق هجومية وطائرات بدون طيار، مع قيام جنود إسرائيليين بالصعود على متن السفينة بعد محاصرتها بالقوة، حيث تمت السيطرة عليها دون مقاومة تذكر من الطاقم المدني. وعلى الرغم من أن القوات الإسرائيلية لم تستخدم القوة المميتة كما حدث مع سفينة مرمرة، فإن احتجاز النشطاء وقيادة السفينة إلى ميناء أشدود عنوة يُعد تصرفًا عدائيًا وغير مشروع، يُصنف ضمن أعمال القرصنة السياسية بحسب القانون الدولي. [27]
- التداعيات السياسية والدبلوماسية للهجوم
رغم أن اعتراض القوات البحرية الإسرائيلية للسفينة “مادلين” في عام 2025 لم يسفر عن سقوط ضحايا كما حدث في واقعة “مرمرة”، إلا أن الصدى الدبلوماسي الذي خلفه الحدث كان بالغًا، لا سيما في السياق الأوروبي الذي بات أكثر حساسية تجاه تجاوزات القانون الدولي في الأراضي الفلسطينية. فقد جاءت ردود الفعل الرسمية من برلمانات أوروبية عدة – أبرزها فرنسا والسويد وإسبانيا – شديدة الانتقاد، معتبرة أن إسرائيل ارتكبت “انتهاكًا فاضحًا للقانون الدولي”، من خلال اعتراض سفينة مدنية تحمل نشطاء ومساعدات إنسانية في المياه الدولية، دون سبب قانوني مقبول وفق اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
وتجلت المفارقة في أن الحادثة، رغم طابعها الأقل عنفًا من “مرمرة”، أثارت مقارنات واسعة في الخطاب السياسي والإعلامي الأوروبي بين الواقعتين، مما أحرج إسرائيل دبلوماسيًا، لا سيما وأن تكرار النمط – اعتراض السفن المدنية السلمية المتجهة إلى غزة – بدا وكأنه سلوك منهجي وليس حادثًا معزولًا. كما طالبت بعض الحكومات الأوروبية، وإن كان بشكل محدود وغير ملزم، بالإفراج الفوري عن المشاركين، وبتوضيح رسمي من الحكومة الإسرائيلية حول ملابسات الاعتراض واحتجاز السفينة.
على مستوى المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية، جاءت ردود الفعل أكثر حدة وتماسكًا. فقد أصدرت كل من منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بيانات رسمية تدين الحادث، وتنتقد استمرار إسرائيل في فرض حصار بحري تعتبره غير قانوني بموجب اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949. كما دعت تلك المنظمات إلى فتح تحقيق دولي مستقل في ظروف اعتراض السفينة، مع التأكيد على أن الحصار البحري يشكل عقابًا جماعيًا غير مشروع لسكان غزة، ويعرقل بشكل مباشر إيصال المساعدات الإنسانية والطبية. [28]
ورغم أن التداعيات لم تصل إلى مستوى الأزمة الدبلوماسية الحادة التي أعقبت اقتحام “مرمرة”، فإن حادثة “مادلين” أعادت تسليط الضوء على الطبيعة القسرية للحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، وأظهرت مدى هشاشة الموقف الأخلاقي والقانوني للدول الغربية الداعمة لتل أبيب. ففي ظل تصاعد الوعي الإنساني والإعلامي الدولي، بدت كثير من العواصم الغربية واقعة بين التزامها الأخلاقي المعلن بحقوق الإنسان، وتحالفاتها السياسية والعسكرية مع إسرائيل، ما وضعها في موقف دفاعي أمام الرأي العام المحلي والدولي. [29]
بذلك، يمكن القول إن سفينة “مادلين” لم تُحدث أزمة دبلوماسية مباشرة، لكنها أسهمت في تراكم حالة من الإحراج الدولي لإسرائيل وحلفائها، وعززت من مشروعية الجهود المدنية الدولية المطالبة برفع الحصار. كما أنها وضعت أسسًا رمزية جديدة للمواجهة بين الخطاب الحقوقي الإنساني والمنظومة الأمنية الإسرائيلية، وهو ما قد تكون له تداعيات سياسية أبعد في حال تكرار مثل هذه المبادرات مستقبلاً.
- الرمزية السياسية والإعلامية لسفينة مادلين
رغم منعها من الوصول إلى غزة، فإن مادلين حققت اختراقًا سياسيًا–رمزيًا مهمًا، إذ أحيت من جديد زخم كسر الحصار، وأعادت تسليط الضوء على الأوضاع الإنسانية المتدهورة في القطاع، لا سيما في ظل تردي الأوضاع بعد أكثر من 18 عامًا من الحصار[30]، وقد تناقلت وسائل إعلام غربية رئيسية مثل BBC وLe Monde وThe Guardian تغطيات موسعة للرحلة، وتناولت فيها شهادات الناشطات وما تعرضن له من مضايقات، مما ساهم في تدويل الخطاب حول فشل المجتمع الدولي في فرض التزام إسرائيل بالقانون الدولي، كما أن اعتماد مادلين على وجوه نسائية سياسية وحقوقية أضفى قيمة أخلاقية عليا على الرسالة، تمثلت في نسوية إنسانية عابرة للحدود، ربطت بين قضايا العدالة والمقاومة المدنية من جهة، وبين كفاح النساء في مناطق النزاع من جهة أخرى.[31]
- الأثر الاستراتيجي والنتائج العملية
على المستوى الاستراتيجي، لم تُحقق السفينة “مادلين” هدفها المعلن في إيصال المساعدات إلى غزة أو كسر الحصار فعليًا، لكنها نجحت في تحقيق اختراق رمزي وإعلامي كبير. لقد سلطت الضوء مجددًا على الواقع القائم في قطاع غزة، وأحيت النقاشات داخل الرأي العام الأوروبي حول شرعية الحصار والسياسة الإسرائيلية تجاه القطاع. تميز هذا الأسطول تحديدًا بوجود شخصيات نسوية وشبابية بارزة، ما أضفى على الحدث طابعًا إنسانيًا وأخلاقيًا صعب التجاوز إعلاميًا. [32]
كما أظهر الرد الإسرائيلي المتحفظ نسبيًا مقارنة بسابقة “مرمرة”، أن تل أبيب أصبحت أكثر وعيًا بكلفة هذه العمليات على المستوى الدولي، خصوصًا مع تزايد الانتقادات لحكومتها في ضوء ممارساتها الأخيرة في غزة. وبالرغم من محاولة إسرائيل تبرير الاعتراض تحت ذريعة التهديد الأمني، فإن الغياب التام لأي شحنة عسكرية أو شبهات تهريب أسقط مبرراتها أمام المجتمع الدولي. [33]
في النتيجة، شكلت السفينة “مادلين” لحظة جديدة في مسار المقاومة المدنية العالمية للحصار، تجلت فيها استراتيجية التحريك الأخلاقي بدل المواجهة الصدامية، وتمكنت من إعادة تدويل الملف الفلسطيني، ولو على المستوى الرمزي، ما يفرض على إسرائيل مزيدًا من العزلة الدبلوماسية ويمنح الفلسطينيين أدوات ناعمة لكنها فعالة في كسب التعاطف العالمي.[34]
وذلك، بخلاف مرمرة التي كانت جزءًا من مواجهة مفتوحة مع إسرائيل، اتسمت مادلين بكونها تحركًا تكتيكيًا ناعمًا، يستثمر في رمزية النضال السلمي، وتوظيف الأدوات الناعمة كالإعلام، والقانون الدولي، والدعم الشعبي في أوروبا. ومع ذلك، فإن الرد الإسرائيلي بقي ثابتًا في مبدئه الأمني، ورفض أي شكل من أشكال التحدي حتى لو كان سلميًا ومدنيًا بالكامل[35]، وفي حين فجرت مرمرة أزمة إقليمية كبرى، خصوصًا في العلاقات التركية–الإسرائيلية، فإن مادلين لم تؤدي إلى تصعيد دبلوماسي مباشر، لكنها عززت من الحراك التضامني الشعبي والحقوقي، وأعادت التموضع الأخلاقي للقضية الفلسطينية في الخطاب الأوروبي الذي أصابه الفتور في السنوات الأخيرة.[36]
وبالتالي، جاءت مادلين كتجسيد جديد لنضال مدني طويل، يُدرك أن مواجهة الحصار لا تقتصر على كسر الجدران المادية[37]، بل تتجاوزها نحو تفكيك الشرعية الأخلاقية والسياسية التي يحتمي بها الحصار. وبرغم فشلها العملي في الوصول إلى غزة، فقد نجحت في إعادة النقاش إلى جوهره: كيف يمكن لمجتمع دولي يدعي الدفاع عن القيم الكونية أن يغض الطرف عن حصار طويل الأمد بحق شعب أعزل؟ وهنا تتجلى مادلين لا كقارب صغير، بل كصدى إنساني عالمي يعيد تعريف ملامح التضامن.[38]
رابعًا: الرأي العام الدولي والإقليمي والشعبي
- الموقف الدولي الشعبي وتحول الرؤية تجاه إسرائيل
أثارت كل من حادثتي مرمرة ومادلين تعاطفًا شعبيًا دوليًا واسعًا، انعكس في موجات من الاحتجاجات والمسيرات في العديد من العواصم العالمية، لا سيما في أوروبا وأمريكا اللاتينية وجنوب إفريقيا. وقد تجلى هذا الرأي العام في صور تضامن مع الشعب الفلسطيني ورفض لسياسات الحصار التي تنتهجها إسرائيل. فبعد حادثة مرمرة، خرجت تظاهرات في أكثر من 40 مدينة حول العالم، رفعت شعارات تدين “الإرهاب البحري” وتطالب بمحاسبة المسؤولين الإسرائيليين. كما فعلت منظمات غير حكومية وشبكات دعم حقوقية، حملات ضغط استهدفت البرلمانات الأوروبية والمحاكم الدولية لدفعها نحو اتخاذ موقف قانوني وسياسي ضد إسرائيل.
أما في حالة “مادلين”، وعلى الرغم من عدم وجود ضحايا وغياب العنف الدموي المباشر، إلا أن الأثر الرمزي للحادثة لعب دورًا كبيرًا في إحياء الوعي الشعبي العالمي بقضية الحصار، خاصة أن رواد السفينة كانوا من جنسيات أوروبية بارزة ومن ناشطين سلام معروفين. هذا البعد الأخلاقي، المتمثل في اعتراض سفينة سلمية تقودها شخصيات مدنية وأكاديمية في المياه الدولية، أعاد تشكيل الصورة النمطية لدى شريحة من الرأي العام الغربي حول إسرائيل، باعتبارها دولة تتجاوز القانون الدولي وتستهدف حتى المبادرات الإنسانية.[39]
- الموقف الإقليمي العربي والإسلامي
على المستوى الإقليمي، خلفت حادثة مرمرة صدمة شعبية كبيرة في العالمين العربي والإسلامي، حيث اعتُبرت دليلاً على غطرسة القوة الإسرائيلية، وفي المقابل، رفعت تركيا – لا سيما في خطابها الرسمي والشعبي آنذاك – إلى مصاف الدول المدافعة عن غزة، وهو ما منحها شرعية معنوية متزايدة في الشارع العربي، ترافقت مع تراجع الثقة في الأنظمة العربية التي لم تُبدي مواقف صارمة تجاه إسرائيل.
أما بعد حادثة “مادلين”، فقد كان تفاعل الشارع العربي أقل اندفاعًا، وإن بقيت القضية محل اهتمام وتعاطف شعبي كبير، خصوصًا بعد الربط الرمزي بينها وبين مرمرة، مما جعل الحادثة تبدو وكأنها إرث مستمر من القمع الإسرائيلي للمبادرات الإنسانية الدولية. وعلى الرغم من الانشغال العربي بصراعات إقليمية داخلية، فإن رمزية الحصار والانتهاك الإسرائيلي للسيادة الإنسانية لا تزال تحرك موجات التعاطف الغاضب، لا سيما على وسائل التواصل الاجتماعي.[40]
- النخب الحقوقية والإعلام البديل
لعبت النخب الحقوقية والمجتمعات المدنية الدولية، إلى جانب الإعلام البديل ومنصات التواصل، دورًا جوهريًا في تشكيل الرأي العام حول الحادثتين. فبينما غطت القنوات الرسمية الغربية حادثة مرمرة من زاوية أمنية، قدمت المنصات المستقلة والرأي العام الرقمي سردية مغايرة، تُظهر الضحايا كمدافعين عن الإنسانية، وإسرائيل كقوة احتلال خارجة عن القانون.
تكرر هذا النمط في “مادلين”، حيث نشطت مئات الحسابات الحقوقية والصحفية في إعادة نشر وقائع الاعتراض، والضغط من أجل تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية، ما ساهم في تعزيز وعي الشعوب بما يجري في غزة من معاناة يومية، وربطها بشكل مباشر بالحصار الإسرائيلي المفروض منذ سنوات.[41]
ختامًا، تكشف قراءة التجربتين المتباعدتين زمنيًا للسفينتين “مرمرة” و”مادلين” عن تحول نوعي في ديناميات المواجهة بين المبادرات المدنية العالمية وبين المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية. فقد مثلت سفينة “مرمرة” في عام 2010 نقطة انعطاف صدامية، عكست هشاشة الرواية الإسرائيلية أمام فعل إنساني عابر للحدود، لكنها – في المقابل – قوبلت برد عسكري عنيف أدى إلى نتائج دبلوماسية وأمنية واسعة النطاق. أما “مادلين” في عام 2025، فقد جاءت ضمن جيل جديد من المبادرات، أكثر وعيًا بالتكتيكات الإعلامية والرمزية، وأقل اعتمادًا على الحشد العددي، ولكنها لم تخلو من المواجهة والخرق القانوني من قبل إسرائيل.
لقد أثبتت الحالتان معًا أن سفن كسر الحصار لا تقتصر أدوارها على إيصال المساعدات، بل باتت تمثل أدوات رمزية عابرة للسيادة التقليدية، تثير التساؤلات الأخلاقية والقانونية والسياسية بشأن مشروعية الحصار المفروض على غزة منذ أكثر من عقد ونصف. كما تؤكد هذه السفن، أن المبادرة الفردية والجماعية، سواء كانت منظمات أو ناشطين، لا تزال قادرة على إرباك المنظومة العسكرية الإسرائيلية، وفرض سرديات بديلة تتحدى الصمت الدولي، وتُعيد إحياء المساءلة الحقوقية في ساحات القضاء والإعلام والدبلوماسية، ومع اختلاف الأدوات والتوقيت والنتائج، إلا أن القسم المشترك بين “مرمرة” و”مادلين” يتمثل في القدرة على تحويل الفعل الإنساني إلى فعل سياسي.
المصادر:
[1] Humanitarian Gaza Flotilla and Israeli Accountability under International Law, Journal: Global Policy, Volume 1, Issue 2, 2010.
https://onlinelibrary.wiley.com/doi/epdf/10.1111/j.1758-5899.2010.00026.x
[2] Hamas and Civil Society in Gaza: Engaging the Islamist Social Sector, Publisher: Princeton University Press, 2011.
[3] Israel, Blockade of Gaza and the Flotilla Incident, Published: Nov 10, 2013.
https://press.princeton.edu/books/ebook/9781400848942/hamas-and-civil-society-in-gaza-pdf
[4] The Gaza Strip | The humanitarian impact of 15 years of blockade – June 2022.
https://www.unicef.org/mena/documents/gaza-strip-humanitarian-impact-15-years-blockade-june-2022
[5] Sannah Mudbidri, The Blockade of Gaza and International Law: A Positivist View.
https://hulr.org/spring-2023/the-blockade-of-gaza-and-international-law-a-positivist-view
[6] The armed conflict in Gaza, and its complexity under international law: Jus ad bellum, jus in bello, and international justice, 29 oct 2024, ambridge University Press.
[7] “Hopeless, Starving, and Besieged” Israel’s Forced Displacement of Palestinians in Gaza, 14 Nov 2024.
[8] Israel/Gaza, Operation Cast Lead.
https://casebook.icrc.org/case-study/israelgaza-operation-cast-lead
[9] شهران من الحصار القاسي واللاإنساني على غزة دليلٌ إضافي على قصد إسرائيل ارتكاب الإبادة الجماعية، نُشر في 2 مايو 2025، منظمة العفو الدولية.
[10] د/ محمود الحنفي، القيمة القانونية لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، نُشر في 17 يناير 2025، الجزيرة نت.
[11] الجمعية العامة للأمم المتحدة تتجه لزيادة الضغط على إسرائيل لوقف حرب غزة، نُشر في 12 يونيو 2025، SWI.
[12] اتهام أممي فلسطيني لإسرائيل بانتهاك القانون الدولي بعد أكثر من 50 يوماً على منعها دخول المساعدات لغزة، نُشر في 28 أبريل 2025، بي بي سي نيوز عربية.
https://www.bbc.com/arabic/articles/c77ny6kg2jzo
[13] د/ محمد حربي، الانتهاكات الإسرائيلية لقطاع غزة من منظور القانون الدولي الإنساني، نُشر في 28 أغسطس 2024، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية.
[14] الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة في ضوء أحكام القانون الدولي العام، نُشر في 2011، جامعة دمشق.
https://www.damascusuniversity.edu.sy/mag/law/images/stories/281-305.pdf
[15] هل تستطيع إسرائيل تجاهل القانون الدولي والبقاء في غزة؟، نُشر في 8 مايو 2025، بي بي سي نيوز عربية.
https://www.bbc.com/arabic/articles/c3dkdz345r5o
[16] الأمم المتحدة: الوضع في غزة وصل إلى نقطة الانهيار وتدمير البنية التحتية يهدد حياة الملايين، نُشر في 25 أبريل 2025.
https://news.un.org/ar/story/2025/04/1140996
[17] حياة شبه مستحيلة بعد 17 سنة من الحصار، الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.
https://euromedmonitor.org/ar/gaza
[18] “مافي مرمرة”.. سفينة تركية قادت إسرائيل إلى محاكم دولية، نُشر في 1 فبراير 2024، الجزيرة نت.
[19] مافي مرمرة، كل ما تودون معرفته عن سفينة مافي مرمرة و شهدائها و اسطول المساعدات الإنسانية، تقرير الأمم المتحدة بشأن مرمرة.
https://ihh.org.tr/ar/news/mavi-marmara-557
[20] بعد تعرضه لهجوم مُسيرات.. ما هو “أسطول الحرية”؟، نُشر في 2 مايو 2025، الشرق.
[21] 13 عاماً على الهجوم الإسرائيلي على سفينة مافي مرمرة التركية، نُشر في 31 مايو 2023.
[22] أسطول الحرية.. مبادرات كسر حصار غزة عبر البحر، نُشر في 1 مايو 2024، الجزيرة نت.
[23] ملف أسطول الحرية، أسطول انطلق لكسر الحصار عن غزة وتعرض للقرصنة الإسرائيلية.
[24] إعلام عبري: إسرائيل تستعد لهجوم مسلح محتمل على أسطول كسر الحصار عن غزة، نُشر في 20 أبريل 2024.
[25] مادلين سفينة باسم امرأة غزّية تتحدى الحصار الإسرائيلي، نُشر في 8 يونيو 2025، الجزيرة نت.
[26] 7 أسئلة: مادلين.. من الفكرة حتى إيصال الرسالة، نُشر في 12 يونيو 2025، الجزيرة نت.
[27] السفينة “مادلين” تصل ميناء أشدود.. وإسرائيل تستعد لترحيل ركابها، نُشر في 9 يونيو 2025، العربية.
[28] د/ محمود الحنفي، هل هناك جدوى حقيقية مما قام به نشطاء سفينة مادلين، نُشر في 10 يونيو 2025، المكز الفلسطيني للإعلام.
[29] محللون: قوافل فك الحصار تحول تاريخي وبداية كسر جدار الصمت العربي، نُشر في 10 يونيو 2025، الجزيرة نت.
[30] مثول نشطاء من سفينة “مادلين” أمام القضاء الإسرائيلي، وآخرون يصلون باريس بعد ترحيلهم، نُشر في 11 يونيو 2025، بي بي سي نيوز عربية.
https://www.bbc.com/arabic/articles/cp3nr4pxe62o
[31] “مادلين”.. آخر تطورات سفينة مساعدات غزة بعد اعتراضها من قبل إسرائيل، نُشر في 9 يونيو 2025، سي ان ان عربية.
[32] إسرائيل تعترض سفينة المساعدات “مادلين” المتجهة إلى غزة وتعتقل غريتا ثونبرغ ونشطاء آخرين، نُشر في 9 يونيو 2025، سي ان ان عربية.
https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2025/06/09/freedom-flotilla-gaza-aid-ship-thunberg
[33] إسرائيل تسيطر على سفينة الإغاثة “مادلين” المتجهة إلى غزة وتعلن تحويل مسارها نحو سواحلها، نُشر في 9 يونيو 2025، فرانس 24.
[34] صفارات الإنذار تدوى على متن السفينة مادلين بعد حصارها من قبل قوارب الاحتلال، نُشر في 9 يونيو 2025، اليوم السابع.
[35] ائتلاف أسطول الحرية يتهم إسرائيل باختطاف نشطاء السفينة “مادلين”، نُشر في 9 يونيو 2025، العربية.
[36] بعد سيطرتها على السفينة “مادلين”.. إسرائيل: “انتهى العرض”، نُشر في 9 يونيو 2025، سكاي نيوز عربية.
[37] سفينة “مادلين” الإنسانية: غريتا تونبرغ تتهم إسرائيل بـ”خطفها” مع ناشطين آخرين في المياه الدولية، نُشر في 10 يونيو 2025، فرانس 24.
[38] قصة صيادة من غزة، حملت سفينة أسطول الحرية اسمها، نُشر في 10 يونيو 2025، بي بي سي نيوز عربية.
https://www.bbc.com/arabic/articles/cvg7ydyj083o
[39]إيمان الوراقي، عدالة غارقة.. اعتراض سفينة “مادلين” يكشف انهيار المنظومة الدولية أمام حصار غزة، نُشر في 12 يونيو 2025، جسور بوست.
[40]جمال الكشكي، رسالة بتوقيع «مادلين»، نُشر في 14 يونيو 2025، البيان.
https://www.albayan.ae/opinions/articles/109357
[41] حين تصمت السياسة وتصرخ الإنسانية؛ تصبح “مادلين” صوت غزة!، نُشر في يونيو 2025.
باحث في العلاقات الدولية بمركز ترو للدراسات والتدريب