Cairo

عرض كتاب” الحرب النووية : سيناريو افتراضي”

قائمة المحتويات

باحث في العلاقات الدولية بمركز ترو للدراسات والتدريب

يستعرض كتاب ” Nuclear War: A Scenario” سيناريو الحرب النووية للكاتبة “آنى جاكوسين” والصادر في طبعته الأولى في مارس عام 2024 عن دار النشر الأمريكية” Dutton”، المخاطر الكارثية للحرب النووية وتداعياتها على البشرية والبيئة من جوانب علمية وسياسية وتاريخية، ويحذر من العواقب المدمرة لاستخدام الأسلحة النووية ويعتبر تحذيرا ونداء للسلام العالمي ونزع السلاح النووي.

“آنى جاكوسين” هي كاتبة وصحفية استقصائية أمريكية تخرجت من جامعة برنستون بولاية نيو جيرسي، الولايات المتحدة. عملت كمحررة مساهمة في مجلة لوس أنجلوس تايمز من 2012-2009 وهي مهتمة بالقضايا الاستخبارية والحروب والأسلحة والأمن. وأشتهرت بتأليفيها كتاب ” المنطقة 51: تاريخ غير خاضع لرقابة القاعدة العسكرية الأمريكية السرية للغاية” الصادر عام 2011، وكان “سيناريو الحرب النووية” آخر أصدارتها.

فى ضوء ذلك، يناقش الكتاب في الفصل الأول: الخطة السرية العليا للحروب النووية الشاملة والفصل الثاني: التداعيات الكارثية للقنبلة النووية ، والفصل الثالث: وصف السباق النووي وصولا إلى القنبلة الحرارية ، والفصل الرابع: الخطة العملياتية الموحدة للحرب النووية العامة

أولًا: الخطة السرية العليا للحرب النووية الشاملة

تعرض الكاتبة في الفصل الأول أحد السيناريوهات التي طرحتها الولايات المتحدة الأمريكية وهي: الخطة السرية النووية العليا حيث اجتمع كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين في مقر القيادة الجوية الاستراتيجية لمناقشة خطة سرية من شأنها أن تؤدي إلى مقتل 600 مليون شخص؛ أي خمس سكان العالم آنذاك وكان مخطط هجوم نووي كامل أمريكي ضد الاتحاد السوفيتي والصين المعروف باسم (الكتلة السوفيتية الصينية) والدول المحيطة بها، مع التركيز على موسكو وتضمنت الخطة هجمات متتالية من القاذفات الاستراتيجية التي تحمل أسلحة نووية حرارية كل منها أقوى بآلاف المرات من قنبلة هيروشيما على اليابان، وخصص لموسكو وحدها 40 ميجا طن من القوة التفجيرية؛ أي ما يعادل قوة قنبلة هيروشيما بنحو ما يزيد عن أربعة آلاف مرة.

ثانيًا: التداعيات الكارثية للقنبلة النووية

تنطلق الكاتبة في الفصل الثاني إلي شرح تأثير التفجيرات النووية مثل الدمار الفوري والإشعاعات القاتلة والآثار طويلة المدى كما حدث في  أغسطس 1945 عندما تحولت حياة العديد من الأبرياء الي دمار شامل بسبب القنبلة النووية على هيروشيما. وفي نفس التوقيت أخفت أمريكا هذه المعاناة لعقود مستخدمة بيانات ضحايا الحرب كأسرار عسكرية لصنع أسلحة أكثر فتكا، وكان القادة يخططون لحرب نووية جديدة قد تنهي بحياة 600 مليون إنسان. ومن وجهة نظر الكاتبة تعتبر كارثة هيروشيما مثالا واضحا علي الخطط العسكرية التي تؤدي الي مقتل الآف من البشر.

ثالثًا: السباق النووي: من القنبلة الذرية إلى القنبلة الحرارية ( الهيدروجينية)

تركز الكاتبة في هذا الفصل على السباق النووي الذي بدأ بعد نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945، حيث قامت الولايات المتحدة في تطوير وتكديس الأسلحة النووية بشكل كبير وبدأ الأمر بقنبلتين ذريتين أُسقطتا علي اليابان، ثم زاد المخزون إلى 9 قنابل بحلول 1946 بعد تجارب “عملية كروس رودز”. وتسارع السباق النووي حيث وصل المخزون الأمريكي إلى 841 قنبلة و تم اختراع القنبلة الهيدروجينية (الحراريّة) التي تفوقت في قوتها التدميرية علي القنبلة الذرية، حيث اختفت جزيرة كاملة أثناء اختبار “آيفي مايك”. وبعد ذلك، زاد التصنيع بشكل كبير، ووصل المخزون الأمريكي إلى 31.255 قنبلة نووية بحلول 1967. وظهر مفهوم “الردع” كتفسير لهذا التكديس، لكنه لم يخفِ حقيقة أن هذه الأسلحة تمثل تهديدًا للبشرية والحضارة نفسها.

رابعًا: الخطة العملياتية المتكاملة الموحدة للحرب النووية العامة

تعرض الكاتبة في هذا الفصل الخطة العملياتية المتكاملة للحرب النووية التي كشفت الولايات المتحدة في الستينيات من خلالها عن خطة نووية تسمى “الخطة التشغيلية الموحدة” (SIOP) تهدف إلى ضرب موسكو بضربة نووية استباقية، مما قد يؤدي إلى مقتل 600 مليون شخص، نصفهم في دول مجاورة غير متورطة في الحرب. حيث تكتشف الأقمار الصناعية الأمريكية إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات من كوريا الشمالية ويتم رصد الحادث عبر نظام SBRIRS الفضائي الذي يرسل بياناته إلى منشأة سرية في قاعدة ” باكلي” للقوات الفضائية في كولورادو. وتنطلق الإنذرات فورا ويتم إرسال تحذيرات مشفرة إلى مراكز القيادة النووية الرئيسية في أمريكا بما في ذلك مركز الإنذار الصاروخي في جبل “شايان” والقيادة العسكرية الوطنية في البنتاغون وتعتمد الاستجابة للحرب النووية على تحليل هذه البيانات في اللحظة الأولى.

 وفي منشأة “Aerospace Data Facility” في كولورادو تعالج حواسيب فائقة السرعة بيانات SBIRS لتحليل وتحديد نوع الصواريخ قصيرة المدي أو العابرة للقارات. وفي عام 2022، زاد عدد عمليات إطلاق الصواريخ عالميا بشكل كبير خاصة من كوريا الشمالية التي أجرت أكثر من 100 اختبار دون إعلان بهدف إظهار القوة المفاجأة. وعند رصد إطلاق صاروخ مشبوه تتدفق أنواع مختلفة من البيانات الاستخباراتية لتحديد ما إذا كان الاختبار تهديدا حقيقيا أم مجرد استفزاز.

وختاما، يُقدِّم الكتاب تحذيرًا صارخًا من المخاطر الوجودية التي تشكّلها الأسلحة النووية، حيث تُبرِز الكاتبة الآثار الكارثية للحروب النووية، بدءًا من الدمار الشامل الذي تُخلِّفه القنابل الذرية والحرارية، ووصولًا إلى العواقب طويلة المدى على البشرية والبيئة. ورغم النظرة التشاؤمية حيال استمرار اعتماد الدول على هذه الأسلحة في استراتيجياتها الأمنية، إلا أن الكاتبة لا تقف عند حدود التشخيص، بل تُقدِّم حلولًا عملية لتجنب الكارثة، مثل: إصلاح أنظمة الإنذار المبكر، تعزيز الدبلوماسية لمنع الحروب، فضلًا عن إعادة النظر في سياسة الإطلاق أولا حيث تمتلك بعض الدول استراتيجية الضربة النووية الأولى كخيار استباقي.

باحث في العلاقات الدولية بمركز ترو للدراسات والتدريب

عرض كتاب "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية" للباحثين جون ج
التكنولوجيا الحيوية كأداة للقوة التنافس السياسي والاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين في سباق الهيمنة العالمية
WhatsApp Image 2025-08-30 at 16.38
WhatsApp Image 2025-08-30 at 01.53
مخرجات قمة ألاسكا بين ترامب وبوتن
Scroll to Top