Cairo

التكنولوجيا الحيوية كأداة للقوة: التنافس السياسي والاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين في سباق الهيمنة العالمية

قائمة المحتويات

باحث في العلاقات الدولية بمركز ترو للدراسات والتدريب

تشهد التكنولوجيا الحيوية تحولًا جذريًا في العقد الحالي، لتصبح إحدى أهم ساحات التنافس الاستراتيجي بين القوى العظمى، وعلى رأسها الولايات المتحدة والصين، إلى جانب الذكاء الاصطناعي وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة. وقد تجلّى هذا التنافس بوضوح خلال جائحة كوفيد-19، حيث تسابقت الدولتان لتطوير اللقاحات والعلاجات باستخدام أحدث التقنيات الحيوية. ومع التسارع العالمي في تطوير هذه الأدوات، نشأ حقل بحثي جديد عند تقاطع العلوم السياسية وعلم الأحياء يُعرف بـ”السياسة الحيوية”، كما امتد تأثير تطور علم الجينوم (دراسة الجينوم وهو عبارة عن مجموعة كاملة من المعلومات الجينية للكائن الحي) ليُعيد تشكيل مفهوم الأمن القومي وأبعاده. وقد قاد هذا التحول إلى نمو “الاقتصاد الحيوي” القائم على استغلال الموارد الحيوية والتقنيات الصاعدة لتحقيق عوائد اقتصادية ومزايا تنافسية للدول.

وعلى هذه الساحة، لم يعد التنافس محصورًا بين العملاقين الأمريكي والصيني فحسب، بل برزت قوى أخرى فاعلة تسعى للحصول على حصتها في هذه السوق المستقبلية الواعدة، إذ يحافظ الاتحاد الأوروبي، بقيادة ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، على مكانته الرائدة من خلال بحوث رفيعة المستوى وأطر تنظيمية صارمة تجذب الاستثمارات. كما تتصاعد وتيرة الابتكار في دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، خاصة في مجالات الطب الدقيق والتقنيات الزراعية، بينما تعمل روسيا والهند بطموح كبير على الاستثمار المكثّف في تطوير لقاحات وأدوية محلية لضمان أمنهما الصحي وتحقيق الاكتفاء الذاتي. وهكذا، تجاوزت التكنولوجيا الحيوية حدود المختبرات البحثية لتصبح أداة جيوسياسية فاعلة وورقة ضغط اقتصادية بالغة الأهمية. فأصبحت القدرة على تطوير اللقاحات، وتعديل الجينات، وتحليل البيانات الحيوية، مؤشرًا حاسمًا على القوة الوطنية الشاملة وركيزة أساسية للسيادة الاقتصادية في القرن الحادي والعشرين.

وفي هذا السياق، يسعى المقال التحليلي إلى تحليل كيف أصبحت التكنولوجيا الحيوية ساحة حاسمة للتنافس الاستراتيجي، وهذا من خلال التطبيق على النموذجين الأمريكي والصيني، حيث تسعى كل من واشنطن وبكين إلى تحقيق الريادة من تعزيز القدرات البحثية والتطويرية، والسيطرة على الصناعات الدوائية والجينية، وتوظيف التقنيات الحيوية في المجالات الأمنية والعسكرية، كما يستعرض التقرير كيف تتحول التكنولوجيا الحيوية إلى سلاح استراتيجي قد يُحدد ميزان القوى العالمي في العقود المقبلة، وهذا فيما يخص الدول التي تمتلك هذه التكنولوجيا من خلال تعزيز النفوذ السياسي، وتحقيق الهيمنة الاقتصادية عبر السيطرة على أسواق الأدوية والزراعة المستقبلية، وتعزيز الأمن القومي عبر مواجهة التهديدات البيولوجية في ظل الثورة البيوتكنولوجية المتسارعة.

أولًا: التعريف بالتكنولوجيا الحيوية وأهميتها في التنافس العالمي.

  • التعريف بالتكنولوجيا الحيوية وعلاقتها بالسياسة الحيوية.

 التكنولوجيا الحيوية (Biotechnology)

التكنولوجيا الحيوية هو تخصص علمي تطبيقي متعدد المجالات يجمع بين علوم الأحياء والتقنيات الحديثة لاستغلال الكائنات الحية ومكوناتها مثل الخلايا والإنزيمات والجينات في تطوير حلول مبتكرة تخدم مختلف جوانب الحياة البشرية. يعتمد هذا المجال على تقنيات متقدمة تشمل الهندسة الوراثية وزراعة الأنسجة والتخمير الحيوي وتحرير الجينات باستخدام أدوات مثل تقنية كريسبر(CRISPR)، مما يجعله ركيزة أساسية في مجالات حيوية كالطب والزراعة والصناعة والبيئة. وفي القطاع الصحي، تسهم التكنولوجيا الحيوية في تطوير الأدوية واللقاحات والعلاجات الجينية المتطورة، بينما في المجال الزراعي تساعد على تحسين المحاصيل وزيادة إنتاجيتها لمجابهة التحديات الغذائية. أما صناعيًا، فيتم توظيفها في التصنيع الحيوي للمواد الكيميائية والوقود الحيوي، كما تلعب دورًا محوريًا في الحفاظ على البيئة عبر معالجة النفايات والتلوث باستخدام الكائنات الدقيقة. بفضل هذه التطبيقات الواسعة وتأثيرها المباشر على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، أصبحت التكنولوجيا الحيوية أحد أهم روافد التقدم العلمي في عصرنا الحالي، حيث تساهم في دفع عجلة الابتكار وخلق فرص عمل جديدة وتعزيز الاستدامة في مختلف القطاعات.[1]

 السياسة الحيوية (Biopolitics)

هي مفهوم فلسفي وسياسي يُشير إلى كيفية تحكم الدول والمؤسسات في حياة الأفراد والجماعات من خلال آليات تُدار بها الصحة، والجينات، والتكاثر، وحتى الموت. صاغ الفيلسوف ميشيل فوكو (Michel Foucault) هذا المصطلح، ثم طوره مفكرون مثل جورجيو أغامبين (Giorgio Agamben) وأنطونيو نغري (Antonio Negri).[2]

العلاقة بين التكنولوجيا الحيوية والسياسة الحيوية. 

تُمثِّل التكنولوجيا الحيوية Biotechnology أداة حاسمة في تطبيق السياسة الحيوية Biopolitics، حيث تُوظِّف الحكومات والشركات الكبرى التقنيات البيولوجية للسيطرة على الجسد البشري، الصحة العامة، وحتى الموارد الغذائية، مما يخلق تفاعلات معقدة بين العلم، السلطة، والأخلاق. وذلك من خلال: 

أ – السيطرة على الجسد البشري والتعديل الجيني

تُستخدم تقنيات مثل (CRISPR-Cas9) في تعديل الجينات البشريّة لعلاج أمراض وراثية (مثل أنيميا الخلايا المنجلية)، لكنها قد تُوظَّف أيضًا في تحسين النسل (Eugenics) ، مما يثير تساؤلات حول الحدود بين العلاج الطبي والتدخل في الصفات البشرية. 

ب- تتبع البيانات الجينية (مثل شركات 23andMe) قد يُستغل في التمييز أو المراقبة الحكومية، كما حدث في الصين عبر أنظمة التتبع الصحي خلال جائحة (كوفيد-19) باستخدام رموز (QR) الصحية. 

ت- الصحة العامة والتحكم في السكان. 

 كشفت سياسات اللقاحات الإجبارية (كما في جائحة كورونا) كيف تُستغل التكنولوجيا الحيوية لفرض سيطرة الدولة على الأجساد وتوزيع الموارد الطبية، مما يعكس تفاوتات اقتصادية (مثل احتكار الأدوية باهظة الثمن). في الولايات المتحدة، أثارت تجارب (التعديل الجيني على الأجنة) جدلًا بين المؤيدين (لأغراض علاجية) والمعارضين (لأسباب دينية أو أخلاقية). 

ث- السيطرة على الغذاء والهيمنة الاقتصادية

تحتكر شركات مثل (مونسانتو Monsanto)  بذورًا مُعدَّلة وراثيًا (GMOs)، مما يجعل الدول الفقيرة تابعة لها. والقرارات السياسية حول المحاصيل المعدلة وراثيًا من خلال السيطرة على سوق البذور: تتحكم شركات مثل  مونسانتو Monsanto  وسينجينتا ودوبونت في أكثر من 60% من سوق البذور العالمية، خاصةً المحاصيل المعدلة وراثيًا (مثل الذرة والصويا والقطن). وهذه البذور تُصمم لمقاومة مبيدات الأعشاب (مثل الراوند أب/Roundup) أو للحشرات، لكنها غالبًا ما تكون غير قابلة لإعادة الزرع، مما يضطر المزارعين لشرائها كل عام. (كما في الاتحاد الأوروبي، حيث تُحرَّم تحت ضغط جماعات البيئة) أي حظر زراعة معظم المحاصيل المعدلة وراثيًا (ماعدا بعض الاستثناءات مثل الذرة MON810) بسبب ضغط جماعات البيئة (مثل غرينبيس) والمخاوف الشعبية من آثارها الصحية والبيئية، رغم أن الهيئة الأوروبية لسلامة الغذاء (EFSA) تؤكد أن العديد منها آمن علميًا. وغالبًا ما تُتَّخذ بناءً على مصالح سياسية وليس اعتمادًا على أدلة علمية بحتة. 

جـ- الرقابة والأمن البيولوجي كأدوات سياسية.

تُستخدَم التكنولوجيا الحيوية في المراقبة الأمنية، مثل التعرف على المجرمين عبر (الحمض النووي DNA). وتطوير أسلحة بيولوجية (مثل فيروسات مُصمَّمة وراثيًا) يُشكِّل تهديدًا في الحروب الحديثة، مما يجعل البيولوجيا ساحة للصراع الجيوسياسي.[3] 

  • أهمية التكنولوجيا الحيوية في التنافس العالمي.

تشمل التكنولوجيا الحيوية مجموعة واسعة من التخصصات العلمية مثل علم الوراثة والكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية، والتي تسهم سنويًا في تطوير تقنيات ومنتجات مبتكرة في مجالات متنوعة. ففي القطاع الطبي، يتم استحداث أدوية وعلاجات متطورة، بينما تُحدث ثورة في المجال الزراعي عبر تطوير نباتات معدلة وراثيًا ووقود حيوي وتقنيات المعالجة البيولوجية. كما تلعب دورًا محوريًا في التكنولوجيا الحيوية الصناعية من خلال إنتاج مواد كيميائية وورق ومنسوجات وأغذية. وتبرز إمكاناتها المستقبلية الواعدة في تعزيز الاستدامة عبر عدة محاور رئيسية: ففي مجال الزراعة وإنتاج الغذاء، تسهم في تحسين إنتاجية المحاصيل وتقليل الهدر الغذائي وتعزيز القيمة الغذائية، مع تطوير أصناف نباتية مقاومة للآفات مما يقلل الاعتماد على المبيدات الكيميائية. أما في الصحة البشرية، فتساعد في تطوير علاجات متقدمة لأمراض مستعصية مثل السرطان والزهايمر، مع إمكانية تقديم علاجات شخصية تعتمد على الخصائص الجينية.

 كما تقدم حلولًا مبتكرة في قطاع الطاقة عبر إنتاج وقود حيوي متجدد، وتعزز الاستدامة البيئية من خلال تصنيع مواد صديقة للبيئة. ولا تقل أهمية دورها في إدارة المخلفات حيث تساهم عملياتها الحيوية في تحويل النفايات العضوية إلى منتجات مفيدة مثل الوقود الحيوي وهذا من خلال الهضم الهوائي أي تحلل الكائنات الدقيقة(البكتريا) والنفايات العضوية (مخلفات الطعام)، وعملية التخمير، مما يساهم في الحد من التلوث ويقلل الاعتماد على مدافن النفايات التقليدية.[4]

وكشف تحليل أجراه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار عن حجم سوق التكنولوجيا الحيوية العالمية واتجاهات نموه، حيث قدّرت شركة “Precedence Research” الاستشارية قيمة السوق بنحو 1.38 تريليون دولار في عام 2023، مع توقعات بأن تصل إلى 4.25 تريليونات

دولار بحلول عام 2023، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 11.8% خلال الفترة من 2023 إلى 2024. في عام 2023، سيطرت أمريكا الشمالية على الحصة الأكبر من الإيرادات بنسبة 37.79%، بقيادة الولايات المتحدة وكندا. وجاءت أوروبا في المرتبة الثانية بحصة 28.81%، مع تفوق دول مثل ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا وروسيا وتركيا.[5] 

أما في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، فقد بلغت حصتها 33.99%، وشملت الدول الرائدة: الصين، واليابان، وكوريا، والهند، وأستراليا، وإندونيسيا، وتايلاند، والفلبين، وماليزيا، وفيتنام. بينما تصدرت البرازيل والأرجنتين وكولومبيا سوق التكنولوجيا الحيوية في أمريكا الجنوبية، وبرزت كذلك كل من المملكة العربية السعودية، والإمارات، ومصر، ونيجيريا، وجنوب إفريقيا في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا فى هذا المجال. [6]

يتضح من هذا الاستعراض أن التكنولوجيا الحيوية تدخل في مجالات متعددة تجعلها محرك رئيسي للتنافس العالمي. فمع دخولها في مجالات حيوية كالصحة والزراعة والطاقة، أصبحت أداة جيوسياسية فاعلة تمنح الدول التي تمتلكها ميزات تنافسية كبيرة. فالقدرة على تطوير لقاحات فاعلة أو محاصيل مقاومة للتغير المناخي تترجم مباشرة إلى نفوذ سياسي واقتصادي. كما أن التحكم في التقنيات الحيوية المتقدمة يمكن أن يشكل ورقة ضغط في العلاقات الدولية، خاصة في أوقات الأزمات. لذلك، فإن الاستثمار الذكي في هذا القطاع ليس خيارًا تنمويًا فحسب، بل ضرورة استراتيجية لأي دولة تسعى لتعزيز مكانتها في الخريطة الجيوسياسية العالمية.

ثانيا: التوظيف السياسي للتكنولوجيا الحيوية

تعد التكنولوجيا الحيوية سلاح ذو حدين: تُحدث طفرات في الطب والزراعة لكنها قد تُهدد الأمن القومي إذا أُسيء استخدامها، حيث تحتاج لموازنة دقيقة بين الاستفادة منها ووضع ضوابط أمنية. وفيما يلي سيتم عرض جوانبها الإيجابية:

  • الاستخدامات الإيجابية للتكنولوجيا في الجانب الأمني والعسكري

في ضوء الأهمية المتزايدة للتكنولوجيا الحيوية، أصبح تقدمها مرتبطًا بشكل وثيق بالأمن القومي، مما جعلها مجالًا استراتيجيًا تسعى الدول إلى تحقيق الريادة فيه. وبالتالي، تحولت هذه التكنولوجيا إلى عنصر أساسي في العديد من الاستراتيجيات العسكرية والدفاعية عالميًا، نظرًا لما توفره من تطبيقات مبتكرة وفعّالة. ومن بين الاستخدامات الواعدة للتكنولوجيا الحيوية هي تعزيز القدرات الدفاعية مثل أجهزة الاستشعار البيولوجية وهي أجهزة متطورة قادرة على الكشف بدقة وسرعة عن العوامل البيولوجية والكيميائية الخطرة، مثل مسببات الأمراض المعدلة وراثيًا. كما تساهم في إنشاء أنظمة إنذار مبكر لاكتشاف هذه التهديدات والاستجابة لها بفعالية، مما يقلل بشكل كبير من الآثار المحتملة لأي هجوم بيولوجي أو كيميائي.[7]

يلعب التسلسل الجيني دورا محوريا في مواجهة التهديدات البيولوجية وتحديدها ومراقبتها، وتعزيز الاستجابة لها. كما تُسهم في التمييز بين الأوبئة الطبيعية والهجمات البيولوجية المتعمدة، وذلك من خلال تحليل التركيبة الجينية لمسببات الأمراض التي يتم اكتشافها، مما يجعل هذه التكنولوجيا أداة دفاعية حيوية لأي دولة، بالإضافة إلي الدور الوقائي للتكنولوجيا الحيوية التي توفر تدابير وقائية ضد مسببات الأمراض عبر تطوير اللقاحات والعلاجات، خاصةً تلك التي قد يُستخدم بعضها كأسلحة بيولوجية، مثل الجدري والطاعون. كما تُسهم في تعزيز القدرات الدفاعية من خلال توفير حلول سريعة وفعالة لمواجهة التهديدات البيولوجية المحتملة.[8]

وتستخدام التكنولوجيا الحيوية في تحسين أداء الجنود عبر التعديل الجيني والتي تبرز أحد جوانب القيمة المضافة للتكنولوجيا الحيوية في تعزيز أداء الجنود، حيث يمكن استخدام أدوات تعديل الجينات لتحسين قدراتهم البدنية والمهارية. وقد يؤدي ذلك في المستقبل إلى ظهور ما يُعرف بـ”الجندي الخارق”، القادر على تحمل الإجهاد لساعات طويلة، والتعافي السريع من الإصابات، مما يزيد من كفاءته في ساحات القتال لفترات أطول.[9] 

  •  الاستخدامات السلبية للتكنولوجيا الحيوية.

وفي مقابل التأثيرات الايجابية التي تمت الاشارة إليها إلى أن هناك عدد من التأثيرات السلبية وهي: على الرغم من توقيع 187 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين وروسيا، على اتفاقية الأسلحة البيولوجية (Biological Weapons Convention) التي تحظر تطوير أو تخزين أو استخدام الأسلحة البيولوجية، إلا أن بعض الدول تسعى لاكتساب قدرات متقدمة في هذا المجال. كما أن ظهور الذكاء الاصطناعي قد يُسرع من تطوير التكنولوجيا الحيوية، مما يزيد من احتمالية استغلالها من قبل الفاعلين من غير الدول لتصميم أسلحة بيولوجية غير معروفة سابقًا، مما يشكل تهديدًا جديدًا للأمن العالمي.[10]

  • استخدام الإرهاب البيولوجي في التهديدات السياسية للدول.

تؤثر التغيرات في السياسات الداخلية والدولية، على العلاقات بين الدول وداخل المجتمعات، فعلى الصعيد الداخلي قد تجد الحكومات نفسها مضطرة إلى فرض إجراءات طارئة وقوانين جديدة تهدف إلى تعزيز الأمن البيولوجي وحماية الصحة العامة، هذه الإجراءات قد تشمل فرض قيود على السفر، وزيادة الرقابة على الحدود، وتطبيق سياسات حجر صحي صارمة. قد يؤدي ذلك إلى تقييد بعض الحريات المدنية وإثارة القلق بين السكان حول تجاوزات السلطة.

يُسهم الإرهاب البيولوجي أيضًا في عدم الاستقرار السياسي، حيث تكافح الحكومات للرد بفاعلية على الهجمات، مما يؤدي إلى إعادة تخصيص الموارد بعيدًا عن قطاعات أخرى مثل التعليم والرعاية الصحية. وقد تضطر الحكومات أيضًا إلى تطوير وتحديث البنية التحتية الصحية لتكون قادرة على التعامل مع التهديدات البيولوجية، مما يتطلب استثمارات كبيرة في مجال البحث العلمي والتكنولوجي.[11]

  • استخدام التكنولوجيا الحيوية في تتغيير في الاستراتيجيات العسكرية.

إن استخدام التكنولوجيا يساهم في تغير وتحديث وتطوير الاستراتيجيات العسكرية لتشمل التهديدات البيولوجية كجزء من الحروب غير التقليدية والاستعداد والتأهب من خلال تطوير وتحديث أنظمة الكشف والإنذار المبكر لتحديد وتتبع مصادر التهديدات البيولوجية، وتعزيز قدرات الاستجابة السريعة والفعالة في حالة الهجوم البيولوجي، بالإضافة إلى التأثير على الموارد والتكتيكات العسكرية مثل الحاجة إلى استثمار موارد كبيرة في البحث وتطوير الأدوية واللقاحات للحماية من العوامل البيولوجية، فضلًا عن تطوير تكتيكات عسكرية تأخذ في الاعتبار الهجمات البيولوجية وتأثيرها المحتمل. وهذا يؤثر على الحروب التقليدية بسبب استخدام الأسلحة البيولوجية التي قد تؤدي إلى تغيير قواعد الحرب التقليدية وإدخال أبعاد جديدة في الصراعات.[12]

  • استخدام التكنولوجيا الحيوية في ادعاءات ملكية الأرض.

الاستناد إلى الدراسات الجينية في تحديد الأصول العرقيةقد تُستخدم اختبارات الحمض النووي لربط مجموعة بشرية معينة بأرض ما عبر إثبات استمرارية جينية مع شعوب قديمة عاشت في تلك المنطقة. مثل: دراسات “الحمض النووي القديم” (aDNA) التي تقارن بين سكان المنطقة الحاليين وبقايا بشرية أثرية، من خلال تحليل “الكروموسوم Y” أو “الميتوكوندرا” لتتبع الهجرات التاريخية. مثل استخدام بعض السكان الأصليين (مثل بعض قبائل الأمريكيين الأصليين أو الماوري في نيوزيلندا) أدلة جينية لدعم مطالبهم الترابية. وبالتالي،يمكن استخدام التكنولوجيا الحيوية، مثل تحليل الحمض النووي، لدعم ادعاءات مجموعة بشرية بأحقيتها في أرض معينة من خلال إثبات الصلة الجينية بالسكان القدامى. ومع ذلك، فإن هذه الأدلة وحدها غير كافية، إذ تتداخل عوامل التاريخ والثقافة والقانون، كما أن تفسير البيانات الجينية قد يكون خاضعًا لأجندات سياسية أو اجتماعية. لذلك، يجب التعامل بحذر مع هذه الأدلة، ودمجها مع أدلة أثرية وتاريخية وثقافية، مع احترام حقوق المجتمعات وتجنب اختزال الهوية في الجينات فقط. و شهدت هاواي حالة مثيرة للجدل حيث لجأ بعض أفراد المجتمع الأصلي (Native Hawaiians) إلى تحاليل الحمض النووي لإثبات حقوقهم التاريخية في الأرض، حيث قام باحثون بمقارنة الحمض النووي للسكان الحاليين مع عينات مأخوذة من رفات أثرية تعود لسكان ما قبل الاستعمار، وأظهرت النتائج استمرارية جينية تدعم مزاعمهم بأحقيتهم في الأرض. ومع ذلك، فإن هذه الأدلة الجينية وحدها لم تكن حاسمة، إذ ترفض المحاكم الأمريكية الاعتماد عليها منفردة، وتفضل الرجوع إلى السجلات التاريخية والمعاهدات مثل قرار اعتذار الكونجرس الأمريكي عام 1993.[13] يواجه هذا النهج انتقادات كبيرة من علماء وقادة مجتمعيين، حيث يحذرون من تبسيط النتائج الجينية لأغراض سياسية، مؤكدين أن الهوية الثقافية وحقوق الأرض لا يمكن اختزالها في مجرد جينات. كما يعترض بعض قادة المجتمع الأصلي على هذا المنهج، معتبرين أن هويتهم تقوم على أسس تاريخية وثقافية وليست بيولوجية بحتة. تبرز هذه الحالة كيف يمكن للتكنولوجيا الحيوية أن تقدم أدلة مساندة في النزاعات الترابية، لكنها تظل أداة محدودة يجب استخدامها بحذر إلى جانب الأدلة التاريخية والثقافية والقانونية، مع تجنب أي محاولة لاختزال الحقوق المعقدة في مجرد بيانات جينية.[14]

ثالثا: التوظيف الاقتصادي للتكنولوجيا الحيوية.

يشهد قطاع التكنولوجيا الحيوية نموًا مطردًا بتوقعات تصل إلى نسبة 11.8% في الفترة بين 2025-2034، وبلغ حجم سوق التكنولوجيا الحيوية نحو1.77 تريليون دولار في عام 2025، ومن المتوقع في 2026أن يصل إلى 2.02 تريليون دولار، وهذا ما يوضحه الشكل التالي، حيث يعتمد نمو القطاع بصورة رئيسية على مجالات الطب الحيوي، واستخدام التقنيات الحيوية في الزراعة، والتطبيقات المستخدمة للغابات.

1
شكل رقم (1) https://www.precedenceresearch.com/biotechnology-market

ويعكس تطور القطاع نموه الملحوظ على مستوى العالم، حيث سيطرت منطقة أمريكا الشمالية على الحصة السوقية الأكبر بنسبة 37.82% في عام 2024، وهذا ما يوضحه الشكل التالي، بينما ساهمت منطقة آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 24.19% خلال العام نفسه، أما من حيث التطبيقات، فقد شكّلت تطبيقات الصيدلة الحيوية التي تقوم بوظيفة دراسة الأدوية التي تنتج بواسطة التقنية الحيوية الحصة الأكبر في السوق بنحو 41.73%.[15]

2
شكل رقم (2). https://www.precedenceresearch.com/biotechnology-market

وقد نمت الإيرادات السنوية للتكنولوجيا الحيوية في الفترة بين  2022إلى 2024، حيث تصدرت التطبيقات الصيدلانية النمو في إيرادات الدول الرائدة في هذه التكنولوجيا، وبلغت 507.557 مليار دولار مع نهاية عام 2022، في مقابل 652.56 مليار دولار فقط في 2024، كما يظهر في الجدول التالي.[16]

202420232022Application
652.56575.26507.57Bio-pharmacy
376.75335.41298.88Bio-industries
107.3899.3091.91Bio-services
324.06286.43253.40Bio-agriculture
93.0482.2372.55Bio-informatics

شكل رقم (3). https://www.precedenceresearch.com/biotechnology-market

وتوظف التكنولوجيا الحيوية في الاقتصاد من خلال:

  1. التكنولوجيا الحيوية وخلق فرص العمل والتوظيف

تشكل التكنولوجيا الحيوية أحد أهم محركات خلق الوظائف في الاقتصاد الحديث، حيث توفر مجموعة واسعة من الفرص الوظيفية عالية التخصص في مجالات متعددة مثل الأبحاث الطبية، الصناعات الدوائية، الزراعة الحديثة، وإدارة البيئة. وفقًا لأحدث التقارير، يستوعب هذا القطاع ملايين الوظائف المباشرة حول العالم، بدءًا من العلماء والباحثين في المختبرات، مرورًا بالفنيين والمهندسين المتخصصين في العمليات الحيوية، ووصولًا إلى الكوادر الإدارية والتسويقية في الشركات العاملة في هذا المجال.[17] ولا يقتصر الأثر التوظيفي على الوظائف المباشرة فحسب، بل يمتد ليوفر سلسلة من الفرص الوظيفية غير المباشرة في القطاعات المرتبطة مثل الرعاية الصحية، الصناعات الغذائية، وقطاعات الطاقة المتجددة. تتميز الوظائف في هذا القطاع بمستويات أجور تنافسية ومعدلات نمو وظيفي مرتفعة، مما يجعله خيارًا استراتيجيًا للدول التي تسعى لبناء اقتصاد قائم على المعرفة وتوفير فرص عمل مستدامة ذات قيمة مضافة عالية.

ومع التطورات التكنولوجية المتسارعة والاستثمارات المتزايدة في هذا المجال، يتوقع الخبراء أن يصبح قطاع التكنولوجيا الحيوية أحد أكبر مزودي الوظائف عالية المهارة خلال العقد القادم، مما يعزز دوره المحوري في تحقيق النمو الاقتصادي الشامل.[18]

  • دور التكنولوجيا الحيوية في تطوير القطاع الزراعي.

أحدثت التكنولوجيا الحيوية الزراعية ثورة في القطاع الزراعي من خلال تطوير محاصيل معدلة وراثيًا ذات إنتاجية عالية، ومقاومة للآفات والأمراض، وقادرة على التكيف مع التغيرات المناخية. هذه التقنيات المتقدمة ساهمت بشكل كبير في تعزيز الأمن الغذائي العالمي من خلال زيادة الغلال الزراعية، مع تقليل الاعتماد على المدخلات الكيميائية مثل المبيدات والأسمدة، مما خفض تكاليف الإنتاج ورفع دخل المزارعين. كما لعبت دورًا محوريًا في تحقيق التنمية الاقتصادية والازدهار الزراعي، خاصة في ظل التحديات المتزايدة لتغير المناخ وندرة الموارد. ومن المتوقع أن يستمر نمو هذا القطاع ليصل إلى 287 مليار دولار بحلول 2033، مدعومًا بالابتكارات التكنولوجية والطلب المتزايد على الحلول الزراعية المستدامة.[19]

  • التكنولوجيا الحيوية والتطوير الصناعي والابتكار.

تساعد التكنولوجيا الحيوية الصناعية في تطوير الصناعات وتحفيز الابتكار في تصنيع منتجات جديدة ومتطورة، كما تقدم التكنولوجيا الحيوية الفرص لاستخدام المواد الحيوية والعمليات الحيوية في الصناعات الحديثة، بالإضافة إلى تحسين جودة المنتجات حيث تساهم التكنولوجيا الحيوية الصناعية في تطوير منتجات ذات قيمة مضافة عالية، مما يساهم في تعزيز تنافسية الشركات وتلبية احتياجات العملاء بشكل أفضل. وعلى الجانب الآخر تسهم التكنولوجيا الحيوية في توفير الموارد الحيوية مثل الوقود الحيوي والمواد القابلة للتحلل.[20]

  • التكنولوجيا الحيوية في القطاع الطبي.

تُعتبر صناعة الأدوية من أبرز القطاعات المستفيدة من التطورات في مجال التكنولوجيا الحيوية، حيث أسهمت الأبحاث المتقدمة في هذا المجال في ابتكار أدوية فعّالة ولقاحات متطورة وعلاجات مُخصصة ساهمت في إنقاذ حياة الملايين. وقد كشفت جائحة كوفيد-19 عن الدور الحيوي للابتكارات المعتمدة على التكنولوجيا الحيوية، مثل لقاحات mRNA وهو لقاح الحمض النووي الريبوزي وهو نوع من اللقاحات التي تعتمد في تكوينها على المادة الوراثية، التي كانت عاملاً أساسيًا في التصدي للجائحة وتخفيف آثارها. كما أدى نجاح هذه الحلول الطبية الحديثة إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي من خلال تقليل العبء الصحي على المجتمع ورفع كفاءة القوى العاملة، مما انعكس إيجابًا على التنمية الاقتصادية الشاملة.[21]

ومن المهم الإشارة إلى أن المخاطر والسلبيات المباشرة لهذه التكنولوجيا ما زالت محدودة حتى الآن، حيث لم تسجل حتى اللحظة أضرار جسيمة ناتجة عن تطبيقاتها على المستوى العالمي، لكن الخطر الحقيقي يكمن في تعميق الفجوة التكنولوجية والاقتصادية بين الدول، مما يحرم اقتصادات كثيرة من فرص النمو والتنمية التي توفرها هذه التكنولوجيا الواعدة، ويحد من إمكانية مساهمتها في حل مشكلات ملحة في مجالات مثل الصحة والأمن الغذائي والبيئة.

رابعا: النماذج التطبيقية في تحقيق التميز في مجال التكنولوجيا الحيوية.

تتصدر الولايات المتحدة والصين السباق العالمي في مجال التكنولوجيا الحيوية، حيث تسعى كل منهما إلى تعزيز مكانتها كقوة رائدة في هذا القطاع الحيوي. وتبرز الولايات المتحدة بشكل خاص من خلال عدد من المبادرات الاستراتيجية التي تركز على جوانب متعددة، مثل الأمن القومي، والقدرة التنافسية، والتعاون الدولي، وتنمية القوى العاملة، والاعتبارات الأخلاقية، وتبادل البيانات. كما تهدف واشنطن من خلال هذه الخطوات إلى معالجة القضايا المعقدة بشكل استباقي، مع الحفاظ على موقعها الريادي في المشهد العالمي للتكنولوجيا الحيوية. كما تعمل على ضمان أن يكون الابتكار في هذا المجال مسؤولًا وآمنًا، بما يتوافق مع المعايير الأخلاقية والعلمية الدولية. ومن خلال هذه الجهود، تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز التعاون مع الحلفاء والشركاء، مع التركيز على تحقيق التقدم التكنولوجي دون إغفال المخاطر المحتملة. وحققت الصين أيضا العديد من النجاحات المبكرة للابتكار الصيني في هذا المجال من خلال الوصول إلي علاج خلوي واعد لسرطان الدم. [22]

  1. النموذج الأمريكي.
  2. مبادرات الولايات المتحدة في مجال التكنولوجيا الحيوية

وقّع الرئيس الأمريكي السابق “جو بايدن” في سبتمبر 2022، أمرًا تنفيذيًا يهدف إلى تعزيز البحث والتطوير في مجال التكنولوجيا الحيوية والتصنيع الحيوي. يأتي هذا الأمر في إطار سعي الولايات المتحدة لتعزيز ريادتها التكنولوجية، مع التركيز على تطبيقات هذه التقنيات في مجالات حيوية مثل الصحة والزراعة والطاقة والأمن القومي، أي التركيز على عدة أهداف استراتيجية، منها دعم الابتكار في القطاعات الحيوية لتعزيز الأمن والاقتصاد القومي.[23]

تُستخدَم التكنولوجيا الحيوية في قطاعات حيوية متعددة؛ ففي القطاع الصحي تُسهم في تطوير علاجات مبتكرة، وفي القطاع الزراعي تعمل على تحسين الإنتاجية وتعزيز الأمن الغذائي، كما تُطَبَّق في مجال الطاقة النظيفة للمساهمة في مكافحة تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يهدف هذا التوجه إلى تعزيز مرونة سلاسل التوريد وتقليل الاعتماد على الخارج في المجالات الاستراتيجية. ومن بين التقنيات التي يحفزها الأمر التنفيذي تقنية “كريسبر” (CRISPR) للتعديل الجيني، التي تُستخدم في مجالات متعددة مثل الزراعة والطب. كما تشمل هذه التقنية التوجه نحو الرعاية الصحية الرقمية، التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات لتحسين التشخيص والعلاج. بالإضافة إلى ذلك، يدعم الأمر تطوير الأغذية المعدلة جينيًا لزيادة الإنتاجية وتحسين القيمة الغذائية.[24]

  • البنية التحتية للتصنيع الحيوي في الولايات المتحدة

شهد قطاع التصنيع الحيوي في الولايات المتحدة تحولًا استراتيجيًا يركز على تطوير قوى عاملة متخصصة قادرة على تسخير العمليات البيولوجية الطبيعية لإنتاج مواد ومنتجات مبتكرة. وتعمل الإدارة الأمريكية حاليًا على تأمين الموارد اللازمة لتوسيع البنية التحتية للتصنيع الحيوي، رغم التحديات التي تواجهها في تأمين التمويل الكافي لهذه المبادرة. ويرى البيت الأبيض أن تعزيز القدرات المحلية في هذا المجال سيحقق فوائد مزدوجة تشمل خفض الأسعار وتعزيز أمن سلاسل التوريد، كما يأتي هذا التوجه في إطار المنافسة التكنولوجية مع الصين التي أطلقت بدورها خطة خمسية طموحة (2021-2025) لتعزيز اقتصاد التصنيع الحيوي، مع التركيز بشكل خاص على تطوير التقنيات الحديثة في مجالات الرعاية الصحية والزراعة والوقود الحيوي، مما يعكس سباقًا عالميًا نحو الريادة في هذا القطاع الواعد.[25]

  • مشروع “الجينوم المرجعي” المعدل (20192023).

أطلقت المعاهد الوطنية للصحة (NIH) مشروعًا لإنشاء جينوم مرجعي بالولايات المتحدة  أكثر دقة وتنوعًا، وهو عبارة عن مبادرة تهدف إلي إنشاء نسخة محدثة ومحسنة من الجينوم البشري، يعتمد على مجموعات سكانية مختلفة. ويهدف هذا المشروع إلى تحسين التشخيص الطبي وفهم الاختلافات الجينية بين الأعراق. بالإضافة إلى الطب الدقيق وصنع علاجات الجينية، حيث أن الولايات المتحدة استخدمت بيانات الجينوم لتطوير علاجات شخصية للأمراض مثل السرطان (مثل علاجات CAR-T) وبعض الأمراض النادرة. وافقت إدارة الغذاء والدواء (FDA) على عشرات الأدوية والعلاجات الجينية، مثل: علاج فقر الدم المنجلي باستخدام تقنية كريسبر (CRISPR)، وعلاجات السرطان المستندة إلى الطفرات الجينية. ورغم ذلك تواجه الولايات المتحدة بعض المعوقات التي تحد من الإمكانات الأمريكية في هذا القطاع ومنها:

1- صعوبة إنشاء قواعد بيانات يمكن استخدامها في التجارب والمشاريع التكنولوجية الهادفة لعدد من العوامل، منها، نظام الرعاية الصحية المجزأ وحقوق الخصوصية وحقوق الملكية.

2- الافتقار لإطار عمل سياسي مناسب يحمي بعض البيانات المهمة للمستهلكين التي تحصل عليها الشركات الخاصة مقابل تقديم خدمات “مجانية”، كما لا تتيح هذه الشركات أنواعًا أخرى من البيانات للمنظمات غير الربحية المسؤولة عن تطوير الشأن العام داخل البلد.

  • صعوبة مشاركة بيانات العملاء المعنية بقطاع التكنولوجيا الحيوية مع دول الحلفاء مثل الاتحاد الأوروبي، والذي تخضع بياناته للوائح حماية البيانات العامة (GDPR).[26]
  • النموذج الصيني.
  • مبادرات وخطط الصين في مجال التكنولوجيا الحيوية
  • مبـادرة الطـب الدقيـق الصينيـة لعام 2016: تسـعى بكيـن إلى الاسـتفادة مـن قـدرات الدولـة الضخمـة في البيانـات الطبيـة الحيويـة مـن أجـل تصميـم علاجـات مصممـة خصيصًـا للأفـراد، واستكشـاف الأمـراض المسـتوطنة فيهـا. وصممـت المبـادرة عـلى غـرار مبـادرة مشـابهة أطلقتهـا الولايـات المتحـدة في عـام 2015.
  • الخطـة الخمسـية الخاصـة الثالثـة عـشرة لعام 2017: لتطويـر الاندمـاج العسـكري المـدني في العلـوم والتكنولوجيـا حيث ركـزت هذه الخطة عـلى التبـادل بيـن التكنولوجيـا العسـكرية والمدنيـة في مجـالات لا ينظَـر إليهـا عـلى أنهـا «قضايـا أمـن قومـي»، مثـل علـوم الأعصـاب والتكنولوجيـا الحيويـة.[27]
  • الخطـة الخمسـية الثالثـة عـشرة (20162020): اسـتعرضت أهميـة الـذكاء الاصطناعـي للتكنولوجيـا الحيويـة وتقدمهـا، والتصميـم التجريبـي، والطـب الدقيق، وأكـدت أهمية البيانـات الجينوميـة للتكنولوجيـا الحيويـة مـن أجـل التقدم فيهـا. كما وضعت أساسًا قويًا لتحول الصين إلى قوة عالمية في التكنولوجيا الحيوية، مما مهد الطريق لاستراتيجيات لاحقة مثل “صنع في الصين 2025” والخطط الخمسية اللاحقة مثل الخطة الرابعة عشرة 2021-2025 التي ركزت أكثر على الاكتفاء التكنولوجي والرقمنة.
  • الخطـة الخمسـية الرابعـة عـشرة (20212025): تؤكـد أهميـة دمج الـذكاء الاصطناعي والتكنولوجيــا الحيويــة، والحاجــة إلى الدعم المــالي والســياسي في مجــالات بحوثهــا وتطويرهـا، وزيـادة حجـم الاقتصـاد الحيـوي وقوتـه.[28]
  • التقدم الصيني في أبحاث الأدوية العالمية:

شهدت الصين تحولًا جذريًا في مجال التكنولوجيا الحيوية خلال السنوات الأخيرة، حيث قفز عدد الأدوية المبتكرة قيد التطوير من 160 مركبًا فقط عام 2015 إلى أكثر من 1250 دواءً عام 2023، متجاوزة بذلك الاتحاد الأوروبي، وأيضًا تقترب بسرعة من الولايات المتحدة التي تضم نحو 1440 دواءً في مرحلة التطوير. ويعود هذا النمو السريع إلى الإصلاحات التنظيمية التي بدأتها الصين عام 2015، بالإضافة إلى دعم خطة “صنع في الصين 2025” التي ركزت على تطوير الصناعات عالية التقنية، بما في ذلك القطاع الدوائي.

ويؤكد الخبراء أن الصين لم تعد تنافس الولايات المتحدة فحسب، بل تسير بوتيرة متسارعة قد تمكنها من التفوق في السنوات القليلة المقبلة. وقال “دانيال تشانسلور”، نائب رئيس الريادة الفكرية في شركة “نورستيلا” المتخصصة في حلول تحليل معلومات قطاع الأدوية: “لم تعد الصين على قدم المساواة مع الولايات المتحدة فقط، بل إنها تشهد مسار نمو متسارعًا، ولن يكون من المبالغة القول إنها قد تتفوق عليها قريبًا من حيث عدد الأدوية الجديدة. ويمثل القطاع عامل جذب مهم أيضًا للاستثمار الأجنبي، وذلك في أعقاب التحركات الأخيرة التي اتخذتها الصين لفتح قطاعها الصناعي في مجال التكنولوجيا الحيوية أمام الشركات الأجنبية. والجدير بالذكر أن أكثر من عُشر الاستثمارات الناشئة التي قامت بها شركة الإنترنت تنسنت (Tencent) على مدار السنوات الخمس الماضية كانت في مجال الرعاية الصحية – منها نحو 72% داخل أراضي الصين وهونج كونج – بينما تحقق مجموعة علي بابا (Alibaba) وجي دي دوت كوم (JD.com) تقدمًا أيضًا في هذا المجال.[29]

ومن بين النجاحات المبكرة للابتكار الصيني في هذا المجال علاج خلوي واعد لسرطان الدم، طورته شركة “ليجند بيوتيك” الصينية، ثم حصلت عليه “جونسون آند جونسون” لتسويقه عالميًا بعد أن أثبت تفوقه على علاجات أمريكية منافسة. يوضح هذا النموذج كيف تتحول الصين من دولة تعتمد على تقليد الأدوية إلى لاعب رئيسي في الابتكار الدوائي العالمي، مما يجعل التكنولوجيا الحيوية ساحة جديدة للتنافس بين القوى العظمى، إلى جانب الذكاء الاصطناعي والمركبات الكهربائية، بالإضافة إلى أنه من بين الشركات الخمسين التي أنتجت أكبر عدد من المرشحين للأدوية المبتكرة بين عامي 2020 و2024، كانت 20 منها صينية مقارنة بخمس شركات في السنوات الخمس السابقة.[30]

  • التقدم الصيني في التجارب السريرية:

 أحد أبرز المميزات التي أسهمت في تعزيز صعود شركات التكنولوجيا الحيوية الصينية هو قدرتها على إجراء الأبحاث بتكلفة أقل وسرعة أكبر في جميع المراحل، بدءًا من التجارب المعملية والتجارب على الحيوانات، وصولًا إلى التجارب السريرية على البشر. فمن المتعارف عليه أن تطوير دواء جديد من الصفر عملية مكلفة وتستغرق وقتًا طويلًا، غير أن وفرة المرضى في الصين وشبكتها المركزية من المستشفيات ساهما في تسريع العملية بشكل كبير.

 وتُظهر تحليلات لمراحل اختبار الأدوية أن الأطباء في الصين قادرون على إيجاد المشاركين في التجارب بسرعة تفوق مثيلتها في الولايات المتحدة الأمريكية، ففي التجارب المبكرة لعلاج السرطان والسمنة، يمكنهم إنهاء تسجيل المرضى في نصف المدة تقريبًا مقارنة بالأمريكيين.[31]

نستنتج مما سبق أنه مع اسـتمرار تصاعـد التنافس الجيوسياسـي بـين الولايات المتحـدة والصيـن، وفي انعكاس لمـا باتـت تمثلـه التكنولوجيـا الحيويـة مـن مصلحـة وطنيـة، قـدم أعضـاء في الكونجـرس مــشروع قانــون الأمــن البيولوجــي الأمريـكـي (2024)، الــذي يهــدف إلى منــع تعامــل الـشركات الأمريكيـة العاملـة في التكنولوجيـات الحيويـة مـع الـشركات الصينيـة. ويشـمل مـشروع القانـون أربـع شركات صينيـة، مـن بينهـا (BGI)، التـي أدرجتهـا سـابقًا وزارتـا الدفـاع والتجـارة الأمريكية في القائمـة السـوداء، وشركـة (WuXi AppTec)، بصفتهـا تهديـدًا لأمنها القومـي؛ بسـبب علاقاتهـا بالجيـش الصينـي، ومشـاركتها في تطويـر التكنولوجيات.

خامسا: استشراقات مستقبلية حول التكنولوجيا الحيوية في ضوء التنافس الأمريكي الصيني.

السيناريو الأول: الهيمنة الثنائية و التقسيم التكنولوجي.

يرى هذا السيناريو أن واشنطن وبكين سيستمرا في الهيمنة معا على قطاع التكنولوجيا الحيوية، لكن مع تبني معايير وسلاسل توريد منفصلة، إذ تُطور كل منهما أنظمة حيوية مغلقة مثل جينومات مرجعية مختلفة، لقاحات بتقنيات متباينة. أما من الناحية الاقتصادية، فينقسم السوق العالمي إلى كتلتين (بقيادة أمريكا والصين)، مع تقييد تبادل البيانات والمواد الخام. ومن الناحية الأمنية، فإن الدول التي تستخدم التكنولوجيا الحيوية تعمل على جعلها سلعة تستخدم كأداة للضغط الجيوسياسي مثال: حظر تصدير لقاحات أو تقنيات تعديل جيني. ولذلك وفقًا لهذا السيناريو، لا تقوم دولة من الدولتين بالتقدم أو التفوق على حساب الدولة الأخرى وسيظل التنافس موجود بين الدولتين، في إشارة إلى تحقيق حالة توازن قوة في هذا المجال. ولكن هذا السيناريو مستبعد بسبب ظهور دول أخرى متقدمة في هذا المجال مثل أوروبا واليابان وغيرهم وفق هذا السيناريوا من الصعب تحقيق الهيمنة الثنائية.

السيناريو الثاني: التفوق الأمريكي والقيادة التقليدية.

تحافظ الولايات المتحدة على ريادتها في هذا السوق عبر التفوق في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية من خلال شركات Moderna في اللقاحات، CRISPR Therapeutics في التعديل الجيني. بالإضافة إلى استقطاب العقول العلمية عبر برامج الهجرة (مثل تأشيرات H-1B، من خلال تحالفات مع الاتحاد الأوروبي واليابان لتعزيز المعايير الغربية. ومن مؤشرات هذا السيناريو تسعى الولايات المتحدة إلى سيطرة الشركات الأمريكية على أكثر من 50% من سوق الأدوية الحيوية بحلول 2035.

السيناريو الثالث: الصعود الصيني والاكتفاء الذاتي.

تسعى الصين لتحقيق الاكتفاء التكنولوجي عبر خطط خمسية تركز على التصنيع الحيوي (مثل مشاريع BGI في التسلسل الجيني)، ودمج الذكاء الاصطناعي مع البيانات الحيوية (باستخدام قاعدة بيانات 800 مليون جينوم صيني)، بالإضافة إلى تقليل الاعتماد على الغرب عبر استثمارات محلية في الرقائق الحيوية (Biochips) والأدوية. وتحاول الصين أن تكون أكبر سوق للطب الدقيق بحلول 2040، وتسعي إلى تطوير “أسلحة بيولوجية ذكية” (مثل فيروسات تستهدف مجموعات جينية محددة). ومن مؤشرات هذا السيناريو أن الصين تمتلك أكبر قاعدة بيانات جينية، واتباع سياسة الاكتفاء الذاتي في صناعة الرقائق الحيوية، بالإضافة إلى الدعم الحكومي للخطة الخمسية. ولذلك هذه المؤشرات تزيد من احتمالية تحقيق هذا السيناريو، خاصة في ظل الاستراتيجيات الحالية للصين والتحديات الجيوسياسية التي تدفعها نحو تعزيز سيادتها التكنولوجية.

السيناريو الرابع: الحرب الباردة البيولوجية

يشير هذا السيناريو إلي تصاعد االتنافس نحو سباق تسلح بيولوجي مثل فيروسات معدلة جينيًا كأسلحة، وحروب بيانات جينية مثل اختراق قواعد بيانات صحية لسرقة معلومات وراثية، وفرض عقوبات على تصدير معدات حيوية (مثل أجهزة PCR أو إنزيمات CRISPR). ويعتبر هذا السيناريو من أقرب السيناريوهات حدوثًا بسبب العوامل التالية: التسارع الكبير في التطوّر التكنولوجي الحيوي، والصراع الدولي المحتدم على السيطرة على البيانات الجينية، وغياب ضوابط دولية فاعلة قادرة على تنظيم هذا المجال الحيوي ومنع تحوّله إلى ساحة صراع.

وختامًا، تُشكّل التكنولوجيا الحيوية في العقد الحالي حجر الزاوية في التنافس الاستراتيجي بين القوى العظمى، ولا سيما الولايات المتحدة والصين، حيث تجاوزت دورها التقليدي كمجال للبحث العلمي لتصبح أداة جيوسياسية فاعلة وركيزة أساسية للقوة الشاملة في القرن الحادي والعشرين. لقد كشف هذا التحول عن عدة حقائق جوهرية، وهي تحول مفهوم القوة والسيادة، إذ لم تعد القوة الوطنية تقاس فقط بالجيوش والاقتصادات التقليدية، بل أصبحت القدرة على تطوير لقاح في وقت قياسي، أو تعديل المحاصيل وراثيًا لمواجهة المجاعة، أو تحليل البيانات الجينية لشعب بأكمله، مؤشرًا حاسمًا على القوة. لقد أعادت التكنولوجيا الحيوية تعريف الأمن القومي ليشمل الأمن الصحي والغذائي والبيولوجي، وأضفت بعدًا جديدًا على مفهوم السيادة يتمثل في “السيادة التكنولوجية الحيوية”و صعود “السياسة الحيوية” إلى الواجهة كما تنبأ الفيلسوف ميشيل فوكو، “أن أصبح الجسد البشري وحياته ساحة للسلطة والسيطرة. لقد حوّلت التكنولوجيا الحيوية نظريات “السياسة الحيوية” إلى ممارسات واقعية”، من خلال أنظمة التتبع الصحي أثناء الجائحة، والتحكم في الخصائص الجينية عبر تقنيات مثل كريسبر، والهيمنة على الموارد الغذائية عبر البذور المعدلة وراثيًا. أصبحت السيطرة على الحياة البيولوجية نفسها أداة للسلطة، والاقتصاد الحيوي محرك للتنافس المستقبلي ويشهد الاقتصاد القائم على التكنولوجيا الحيوية نموًا هائلاً، متجاوزًا حاجز التريليونات من الدولارات. هذا النمو لا يخلق ثروات ووظائف فحسب، بل يمنح الدول التي تتحكم في تقنياته ومخرجاته نفوذًا اقتصاديا وسياسيا غير مسبوق، ويمكن توظيفها كورقة ضغط في العلاقات الدولية، كما رأينا في سباق اللقاحات خلال جائحة كوفيد-19 ثنائية التنافس الأمريكي الصيني وتعددية الفاعلين. وبينما يتركز الضوء على التنافس المحتدم بين واشنطن وبكين، الذي يتخذ أبعادًا اقتصادية وأمنية وعسكرية، إلا أن الساحة لم تعد حكرًا عليهما. فالاتحاد الأوروبي يحافظ على مكانته عبر أطر تنظيمية صارمة وبحوث رفيعة، بينما تبرز قوى مثل الهند وروسيا في سعيها للاكتفاء الذاتي الصحي. كما أن دولًا مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان تتصدر الابتكار في مجالات متخصصة مثل الطب الدقيق، مما يجعل المشهد العالمي للتكنولوجيا الحيوية متعدد الأقطاب وإن كان يقوده عملاقان.


 [1] ايمان حسير، ” دراسة تخصص التكنولوجيا الحيوية”، 22 سبتمبر،2024، متاح على الرابط التالي: https://www.hotcourses.ae/study-abroad-info/subject-info/biotechnology/، تاريخ الدخول:6أغسطس،2025.

[2] عامر ناصر، ” مفهوم السياسة الحيوية بين ميشيل فوكووجورجيو اغمامبيبن”، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، مجلد 10، العدد40،2022 ، ص94.متاح على الرابط التالي: https://search.mandumah.com/Record/1272857.

[3] هبة جمال الدين، ” السياسة الحيوية ومراجعة أركان الدولة الثلاثة: الشعب والاقليم والسيادة والأمن القومي”، مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، مجلد25، العدد1،2024 ، متاح على الرابط التالي: https://jpsa.journals.ekb.eg/article_334045.html#:~:text.

[4] المرجع السابق.

[5] “معلومات الوزراء يستعرض الفرص الواعدة للتكنولوجيا الحيوية ومؤشرات السوق العالمية والإقليمية لها، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار”،17 ابريل،2024، متاح على الرابط التالي: https://www.idsc.gov.eg/News/details/17799، تاريخ الدخول: 7 اغسطس،2025.

[6]  المرجع السابق.

[7]  Roland De Marco,”The role of biosensors in the detection of emerging infectious diseases”،WILET online Library،16 June،2023، Available at the following link: https://onlinelibrary.wiley.com/doi/abs/10.1002/9783527837946.ch1 Date Of Entry:10/9/2025.

[8]” Science & Tech Spotlight: Genomic Sequencing Of Infectious Pathogens، GAO”،30 March2021، Available at the following link: https://www.gao.gov/products/gao-21-426sp، Date Of Entry:10/9/2025.

[9] Morial Shalah،” Genetic Warfare: Super Humans and the Law”،29 October،2020، Available at the following link: https://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=3689923، Date Of Entry:10/9/2025.

[10] “التكنولوجيا الحيوية: القيمة والتأثير الاقتصادي، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية”، متاح على الرابط التالي: https://www.ecssr.ae/ar/research-products/periodic-studies-1/3/200677، تاريخ الدخول: 10 أغسطس، 2025.

[11]” Bioterrorism Threats to Our Future: The Role of the Clinical Microbiology Laboratory in Detection, Identification, and Confirmation of Biological Agents” Nutional Library Of Medicine،2001، Available at the following link: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK565023/، Date Of Entry:10/9/2025.

[12] مريم عبد السلام، ” تأثير تطور الإرهاب البيولوجي على الأمن القومي “، الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، العدد6، السنة الثالثة، يوليو،2025، متاح على الرابط التالي: https://journals.ekb.eg/article_434575.html، تاريخ الدخول: 10 اغسطس، 2025.

[13]Debbie Kennett، ” How can DNA tests determine ethnicity?”،28Novamber،2023، Available at the following link: https://www-whodoyouthinkyouaremagazine-com.translate.goog/tutorials/dna/what-do-dna-test-results-mean?، Date Of Entry:10/9/2025.

[14] Ibid، P2.

[15] IBID، “Bioterrorism Threats to Our Future: The Role of the Clinical Microbiology Laboratory in Detection, Identification, and Confirmation of Biological Agents Nutional Library Of Medicine” ،P:3.

[16]” Biotechnology Market Size and Forecast 2025 to 2034″،15JUL،2025، Precedence Research، Available at the following link: https://www.precedenceresearch.com/biotechnology-market

[17] “مجالات عمل التكنولوجيا الحيوية”، كلية العلوم ، جامعة المنصورة،22 أكتوبر،2024، متاح على الرابط التالي: https://scifac.mans.edu.eg/index.php/biotechnology-work#:~:text=%D9%85%D8%AC%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%20%D8%B9%D9%85%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%83%D9%86%D9%88%D9%84%D9%88%D8%AC%D9%8A%D8%A7%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D9%88%D9%8A%D8%A9%20*%20%D9%85%D8%AC%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%20%D8%B9%D9%85%D9%84,%D8%B9%D9%86%20%D8%AA%D8%B7%D9%88%D9%8A%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B2%D8%B1%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%AA%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D9%88%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9، تاريخ الدخول:8 أغسطس،2025.

[18] “Impact of Biotechnology on Economic Growth and Business Development،  UPPCS MAGAZINE، Empowering Minds”, Shaping Futures، 22، October،2025. Available at the following link: https://uppcsmagazine-com.translate.goog/impact-of-biotechnology-on-economic-growth-and-business-development/?_x_tr_sl=en&_x_tr_tl=ar&_x_tr_hl=ar&_x_tr_pto=sge،Date Of Entry:8/9/2025.

[19]” Agriculture Biotechnology Market By Organism (Plants, Animals, Microbes), By Technology”, By Application – Global Industry Outlook, Key Companies، DMR،24 September 2024، Available at the following link: https://dimensionmarketresearch.com/report/agriculture-biotechnology-market/،،Date Of Entry:8/9/2025.

[20] منار، “العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية الصناعية”، 5 يناير،2025، متاح على الرابط التالي: https://newsbusiness.net/%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%a9-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b0%d9%83%d8%a7%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b5%d8%b7%d9%86%d8%a7%d8%b9%d9%8a-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%83%d9%86%d9%88/، تاريخ الدخول:10 أغسطس،2025.

[21] “تأثير التكنولوجيا الحيوية على النمو الاقتصادي وتنمية الأعمال”، مجلة UPPCE، 10 مارس،2025، متاح على الرابط التالي: https://uppcsmagazine-com.translate.goog/impact-of-biotechnology-on-economic-growth-and-business-development/?_x_tr_sl=en&_x_tr_tl=ar&_x_tr_hl=ar&_x_tr_pto=sge، تاريخ الدخول:10 مارس،2025.

[22] “التكنولوجيا الحيوية: القيمة والتأثير الاقتصادي”، مرجع سابق، ص16.

[23] مرجع سابق، ” العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية”، ص3.

[24]“حرب التكنولوجيا بين الولايات المتحدة والصين تهدد التقدم العلمي”، المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 25 يونيو،2025، متاح على الرابط التالي: https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/9570/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8-%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%83%D9%86%D9%88%D9%84%D9%88%D8%AC%D9%8A%D8%A7-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D9%87%D8%AF%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%82%D8%AF%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%8AK ، تاريخ الدخول:10 اغسطس،2025.

” [25]بايدن يسعي لتوسيع التصنيع الحيوي في أمريكا ومنافسة الصين”، 11 سبتمبر،2022، الشرق الأخبارية، متاح على الرابط التالي: https://asharq.com/politics/39114/%D8%A8%D8%A7%D9%8A%D8%AF%D9%86-%D9%8A%D8%B3%D8%B9%D9%89-%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B5%D9%86%D9%8A%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D9%88%D9%8A-%D9%81%D9%8A/، تاريخ الدخول:11 أغسطس،2025.

[26] “تحرير الجينات: الفجوات الأمريكية الصينية في سباق التكنولوجيا الحيوية”، المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 29 اغسطس،2022، متاح على الرابط التالي: https://futureuae.com/ar–3/Mainpage/Item/7572/%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AC%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%83%D9%86%D9%88%D9%84%D9%88%D8%AC%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D9%88%D9%8A%D8%A9، تاريخ الدخول:11 أغسطس،2025.

[27] مرجع سابق، التكنولوجيا الحيوية: القيمة والتأثير الاقتصادي، ص19.

[28] “ما هي الخطة الخمسية ال14 للصين؟”، 10 نوفمبر،2020، CCTN، متاح على الرابط التالي: https://arabic.cgtn.com/n/BfJAA-CcA-CIA/EbbDEA/index.html، تاريخ الدخول:9 اغسطس، 2025.

[29]” تقمد صيني مذهل في مجالالتكنولوجيا الحيوية ومهم والولايات المتحدة تعمل على كبحه بشتي الطرق”، 15 يوليو،2025، متاح على الرابط التالي: https://www.adenvoice.net/news/AA7CUKH2-TZZ457-1180، تاريخ الدخول:11 أغسطس،2025.

[30] “تقدم صيني مذهل في التكنولوجيا الحيوية يغير خريطة تطوير الأدوية العالمية”، 19 يوليو،2025، الشرق، متاح على الرابط التالي: https://www.adenvoice.net/news/AA7CUKH2-TZZ457-1180، تاريخ الدخول: 11 أغسطس، 2025.

[31] “الفرصة المزدوجة في مجال التكنولوجيا الحيوية الصحية الصيني”، 24 فبراير،2025، متاح على الرابط التالي: https://equitiesfirst.com/ae-ar/articles/the-double-opportunity-in-chinese-healthtech/، تاريخ الدخول: 11 اغسطس،2025.

باحث في العلاقات الدولية بمركز ترو للدراسات والتدريب

الاستقالات الوزارية في هولندا وتداعياتها على الموقف الأوروبي من إسرائيل
الميتافيزيقا السياسية للسلطة في فلسطين
رؤية جون ميرشايمر لحربي إسرائيل وروسيا ومستقبل النظام الدولي
WhatsApp Image 2025-08-30 at 16.38
مخرجات قمة ألاسكا بين ترامب وبوتن
Scroll to Top