Cairo

مساعي الولايات المتحدة لتوطين صناعة الرقائق الإلكترونية في تايوان وتداعياتها الاقتصادية

قائمة المحتويات

باحث اقتصاد مشارك من الخارج بمركز ترو للدراسات والتدريب

تشهد العلاقات الأمريكية–التايوانية مرحلة غير مسبوقة من التعقيد الاستراتيجي، حيث تتداخل فيها خيوط الاقتصاد والتكنولوجيا والسياسة والأمن القومي في مشهد واحد يعكس عمق التحولات التي يشهدها النظام الدولي. فقد أصبحت تايوان، الجزيرة الصغيرة الواقعة في قلب شرق آسيا، لاعبًا محوريًا في معادلة الاقتصاد العالمي بفضل هيمنتها شبه المطلقة على صناعة الرقائق الإلكترونية (أشباه الموصلات)، التي تمثل العمود الفقري للتطور الصناعي والرقمي في العالم — من الهواتف الذكية والسيارات الكهربائية إلى الذكاء الاصطناعي والأسلحة المتقدمة، حيث أعرب وزير التجارة الأمريكي في أواخر سبتمبر 2025، عن نية بلاده لتقديم اقتراح يدعو تايوان إلى نقل نصف إنتاجها من الرقائق الإلكترونية إلى الولايات المتحدة، في إطار خطة واشنطن لتحقيق “الاستقلال التكنولوجي” ضمن قانون الرقائق والعلوم (CHIPS and Science Act). وقد رفضت تايبيه هذا المقترح، في موقفٍ عكس اختلافًا جوهريًا في الرؤى الاستراتيجية حول مفهوم الأمن الاقتصادي، يأتي هذا المقال لتحليل التداعيات الاقتصادية والسياسية لرفض تايوان، من خلال دراسة تأثير القرار على سلاسل الإمداد العالمية ومدى تأثيره على الشراكة التكنولوجية بين الولايات المتحدة وتايوان، في ظل احتدام المنافسة بين واشنطن وبكين ، مع إبراز المكانة المحورية لتايوان في صناعة أشباه الموصلات ودورها في الحفاظ على التوازن الجيو–اقتصادي العالمي.

أولاً – العلاقات الأمريكية – التايوانية في مجال التكنولوجيا المتقدمة :

تعدّ العلاقات الأمريكية – التايوانية في مجال التكنولوجيا المتقدمة من أكثر الشراكات الاستراتيجية حساسية وتأثيراً في النظام الاقتصادي العالمي المعاصر. ويعود ذلك إلى الدور المحوري الذي تلعبه تايوان في صناعة أشباه الموصلات والرقائق الإلكترونية، وهي الصناعة التي تمثل العمود الفقري للتقدم التكنولوجي في مجالات الذكاء الاصطناعي، والاتصالات، والحوسبة، والصناعات العسكرية. ومن ثمّ، أصبحت تايوان شريكاً لا غنى عنه للولايات المتحدة في سعيها للحفاظ على ريادتها التكنولوجية في مواجهة المنافسة الصينية المتصاعدة.

  1. الدور المحوري لتايوان في صناعة أشباه الموصلات والرقائق الإلكترونية عالمياً:

تُعد تايوان القلب النابض لصناعة الرقائق الإلكترونية (Semiconductors) في العالم، وهي الصناعة التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد الرقمي العالمي الحديث، حيث تشكل الصناعة بأكملها 18% من الناتج المحلي الإجمالي لتايوان وتمثل 60% من صادراتها[1] ، حيث أدّى النقص العالمي في أشباه الموصلات خلال جائحة كورونا إلى إعادة تقدير الدور الحيوي الذي تلعبه تايوان في الاقتصاد العالمي. ووفقاً لوزيرة الشؤون الاقتصادية التايوانية السابقة وانغ مي هوا (Wang Mei-hua): بأنه تجري الغالبية العظمى من عمليات تصنيع أشباه الموصلات الأكثر تقدمًا في العالم داخل تايوان، وأي اضطراب في هذا القطاع داخل تايوان قد يُحدث تأثيرًا بالغًا على قطاع التكنولوجيا المتقدمة وعلى اقتصادات العالم بأسره. وهذا يبرز مدى ترابط تايوان مع الاقتصاد العالمي ويُظهر أهميتها الكبيرة.[2]

 تستخدم تايوان قوتها الاقتصادية والتكنولوجية الهائلة لتعزيز مكانتها كعنصر لا غنى عنه في الاقتصاد العالمي. وكما أشار تقرير حديث صادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS): بينما تظل القيم مهمة، فإن المصالح هي المحرك الأساسي وراء الدعم الدولي لتايوان في العديد من مناطق العالم.” وفي هذا السياق، تسهم استثمارات شركة تصنيع أشباه الموصلات التايوانية العملاقة (TSMC)، إلى جانب شركات التكنولوجيا المتقدمة الأخرى، في الولايات المتحدة واليابان في تعزيز الروابط الاقتصادية والسياسية مع هذه القوى الرئيسية. كما تجري تايوان مناقشات مع شركاء آخرين بشأن صفقات تكنولوجية متقدمة” في كندا وأوروبا وآسيا، وخاصة ألمانيا، بما يعزز مكانتها كمركز محوري في شبكة الاقتصاد التكنولوجي العالمي[3].

ويوضح الشكل التالي الحصة السوقية العالمية لمصانع إنتاج أشباه الموصلات (Foundries) خلال الربع الرابع من عام 2024:

1
Source: Created by GTI using data from Counterpoint Research, https://www.counterpointresearch.com/insights/global-semiconductor-foundry-market-share/

يوضح الشكل السابق التوزيع العالمي لحصص مصانع إنتاج أشباه الموصلات خلال الربع الرابع من عام 2024، حيث تتصدر شركة TSMC التايوانية المشهد بنسبة % 67من السوق العالمي، مما يؤكد هيمنة تايوان على صناعة الرقائق المتقدمة التي تُعدّ العمود الفقري للتكنولوجيا الحديثة. تليها شركة سامسونغ الكورية الجنوبية بنسبة 11%، بينما تتقاسم كل منFoundries Global الأمريكية وSMIC الصينية وUMC التايوانية حصة متقاربة تبلغ 5% لكل منها، في حين تمثل الشركات الأخرى مجتمعة نحو 8% فقط.

يعكس هذا التوزيع التركيز الجغرافي الحاد للإنتاج في شرق آسيا، لا سيما في تايوان التي أصبحت محورًا استراتيجيًا لسلاسل التوريد العالمية في مجالات الذكاء الاصطناعي والإلكترونيات والسيارات. حيث تسيطر تايوان على نحو 72% من السوق العالمي (TSMC + UMC)، ما يجعلها محورًا استراتيجيًا في الاقتصاد العالمي.

كما يبرز المخطط الأبعاد الاقتصادية والجيوسياسية لهذه الصناعة، إذ تسعى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لتقليل الاعتماد على تايوان في ظل التوترات المتصاعدة مع الصين، من خلال دعم الاستثمار في المصانع المحلية وتعزيز الأمن الصناعي والتكنولوجي. ولذا، فإن أي اضطراب في تايوان، سواء نتيجة توتر سياسي أو تهديد عسكري، يمكن أن يشل سلاسل التوريد العالمية ويُحدث أزمة اقتصادية عميقة على مستوى العالم. ومن هنا أصبحت تايوان ليست مجرد مركز صناعي، بل ركيزة أساسية في الأمن الاقتصادي والتكنولوجي العالمي

  1. قوة العلاقات التكنولوجية بين الولايات المتحدة الأمريكية وتايوان:

تتبع الحكومة الأمريكية منذ عام 1979 سياسة “صين واحدة”، التي تقضي بأن تحتفظ الولايات المتحدة بعلاقات رسمية مع جمهورية الصين الشعبية، وعلاقات غير رسمية مع تايوان. وكما هو الحال مع الإدارات السابقة، تصف الإدارة الثانية للرئيس ترامب هذه السياسة بأنها تسترشد بـ قانون العلاقات مع تايوان وقد حدد قانون العلاقات مع تايوان (TRA) أربعة مجالات رئيسية تشكل أساس السياسة الأمريكية تجاه تايوان. وتُعدّ هذه الأركان الأربعة الركائز الأساسية للشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، وهي: الأمن القومي، والمجال الدولي، والاقتصاد، والعلاقات بين الشعوب[4]، لكنها اتخذت في السنوات الأخيرة طابعًا تكنولوجيًا واستراتيجيًا متزايد الأهمية بالإضافة إلي البيانات المشتركة الثلاثة بين الولايات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية التي أُبرمت في السبعينيات وعام 1982، بالإضافة إلى الضمانات الست التي نقلها الرئيس رونالد ريغان إلى حكومة تايوان عام 1982.[5]

تُعد تايوان -بصفتها ديمقراطية رائدة وقوة تكنولوجية كبرى- شريكاً أساسياً للولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة لا تربطها علاقات دبلوماسية رسمية مع تايوان، فإنها تحتفظ بعلاقة غير رسمية قوية معها حيث ترتبط الولايات المتحدة وتايوان بروابط تجارية ومالية واقتصادية عميقة ومتنامية وعلاقات وثيقة بين الشعبين، وهي العناصر التي تشكّل الأساس المتين للصداقة بين الجانبين، وتشكل في الوقت ذاته دافعاً لتوسيع نطاق انخراط الولايات المتحدة مع تايوان.[6]
 تسهم تلك الروابط في تعزيز المصالح الأمريكية وتوفير فرص اقتصادية داخل الولايات المتحدة. ومنذ عام 2020، تعقد الولايات المتحدة وتايوان، تحت رعاية معهد أمريكان في تايوان (AIT) ومكتب تايبيه الاقتصادي والثقافي في الولايات المتحدة (TECRO)، حوار الشراكة من أجل تحقيق الازدهار الاقتصادي، بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية، بما في ذلك أمن وسلامة سلاسل الإمداد ومرونتها، وآليات فحص الاستثمارات، وقطاعات الصحة، والعلوم والتكنولوجيا، والاقتصاد الرقمي. وإدراكًا لأهمية تايوان كشريك تكنولوجي متطور، وقّعت الولايات المتحدة وتايوان في ديسمبر 2020 اتفاقية للتعاون في مجالي العلوم والتكنولوجيا [7]، وفي عام 2021، أطلقت وزارة التجارة الأمريكية إطار التعاون في مجالات التكنولوجيا والتجارة والاستثمار مع تايوان، لتوفير منصة لتطوير البرامج التجارية واستكشاف سبل تعزيز سلاسل الإمداد الحيوية[8]، وعُقد الاجتماع الثنائي الأول في مايو 2023. وقد جاء هذا الاتفاق ليُرسّخ التعاون القائم منذ عقود بين الجانبين في مجالات البحث العلمي والابتكار والتطور التقني، مع تركيز خاص على الذكاء الاصطناعي، والصحة، والطاقة النظيفة، والتصنيع المتقدم، وفي تجسيد عملي لأهمية هذه الشراكة العلمية والتكنولوجية، قامت العديد من الشركات الأمريكية العملاقة في مجال التكنولوجيا مثل مايكروسوفت، وAMD، وجوجل، وإنفيديا، وميتا (فيسبوك) بتأسيس مراكز أبحاث وتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي داخل تايوان. [9]كما اختارت شركة جوجل تايوان لتكون أكبر مركز أبحاث وتطوير للأجهزة الصلبة خارج الولايات المتحدة، مما يعكس المكانة العالمية المتصاعدة لتايوان كمركز محوري في منظومة الابتكار التقني.

كما تُعد تايوان مستثمرًا مهمًا داخل الولايات المتحدة، حيث تمثل شركة  TSMC في ولاية أريزونا – والتي تبلغ قيمتها عدة مليارات من الدولارات – مرحلة جديدة من الاستثمارات التايوانية في السوق الأمريكية.
ونظرًا لأهمية هذه الاستثمارات الحيوية للاقتصاد الأمريكي، تتجه الولايات المتحدة إلى تعزيز اتفاقياتها الاقتصادية مع تايوان لضمان استدامة هذه الشراكة الاستراتيجية الحيوية ويُعد هذا التعاون ركيزة أساسية لتوسيع وتعميق العلاقات الاقتصادية بين الجانبين[10]، إذ تتجاوز العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وتايوان حدود التجارة الثنائية، إذ تمتد لتشمل تدفقات استثمارية قوية ومتبادلة بين الجانبين. ففي عام 2024، بلغ رصيد الاستثمارات الأمريكية المباشرة في تايوان 20.1 مليار دولار، بينما بلغ رصيد الاستثمارات التايوانية المباشرة في الولايات المتحدة 14.8 مليار دولار، وفقًا لبيانات مكتب التحليل الاقتصادي الأمريكي (BEA)[11]، وبالتالي تعكس الأرقام المتعلقة بالاستثمارات المتبادلة بين الولايات المتحدة وتايوان في عام 2024 عمق الترابط الاقتصادي بين الجانبين، ، ما يشير إلى علاقة اقتصادية متوازنة تقوم على المصالح المشتركة والتكامل الصناعي والتكنولوجي.

لا تزال تايوان شريكًا أساسيًا للمصالح الاقتصادية الأمريكية، نظرًا لمساهماتها في سلاسل توريد التكنولوجيا المتقدمة العالمية. وقد مكّنت مساهمات تايوان في سلسلة توريد أشباه موصلات الشركات الأمريكية من تعظيم كفاءتها الإنتاجية[12]، حيث أعلنت شركة TSMC في مارس 2025 أنها ستستثمر مبلغًا إضافيًا قدره 100 مليار دولار أمريكي في مشروع فينيكس[13]. كما أعلنت شركات تايوانية أخرى متخصصة عن استثمارات كبيرة في الولايات المتحدة، منها استثمار شركة Global Wafers بقيمة 5 مليارات دولار في شيرمان بتكساس، وانضمام شركة UMC إلى إنتل في شراكة جديدة لإنتاج الرقائق الإلكترونية في منشأة إنتل في أريزونا.[14]

ولمساعدة إدارة العلاقة الاقتصادية الثنائية المزدهرة، يحافظ ما يقرب من نصف حكومات الولايات الأمريكية حالياً على مكاتب تمثيلية في تايوان[15].

فقد تحولت تايوان إلى مركز عالمي لصناعة أشباه الموصلات (الرقائق الدقيقة)، وهي المكوّن الحيوي الذي تعتمد عليه الصناعات الحديثة كافة، من الهواتف الذكية والسيارات الكهربائية إلى الأنظمة الدفاعية المتقدمة. وتعد شركة TSMC التايوانية المتصدرة للمشهد العالمي بإنتاج أكثر من 67% من الرقائق المتطورة في العالم، وهو ما جعلها عنصرًا أساسيًا في الأمن القومي الأمريكي، وأداة ضمن معادلة التوازن الجيوسياسي في شرق آسيا. غير أن هذا الاعتماد المفرط على تايوان في مجال حيوي كهذا أثار قلق واشنطن، خاصة في ظل تصاعد التوتر مع الصين واحتمال تعرض الجزيرة لأي تهديد عسكري قد يُعطل سلاسل الإمداد العالمية. ومن هنا بدأت الإدارة الأمريكية ، في انتهاج سياسة جديدة تهدف إلى إعادة توطين إنتاج الرقائق داخل الأراضي الأمريكية من خلال “قانون الرقائق والعلوم” (CHIPS Act)، الذي يقدّم حوافز ضخمة لجذب الاستثمارات التكنولوجية. حيث مارست إدارة ترامب ضغوطًا على تايوان لتوجيه جزء من استثماراتها وإنتاجها في مجال الرقائق الإلكترونية نحو الولايات المتحدة، بهدف أن يتم تصنيع 50% من الرقائق الإلكترونية المنتجة في تايوان محليًا. ويأتي هذا التوجه في ظل هيمنة تايوان على صناعة أشباه الموصلات المتقدمة عالميًا، لكن تايوان – ممثلة في TSMC – أبدت تحفظات على الطلب الأمريكي بإنتاج 50% من الرقائق داخل الولايات المتحدة، معتبرة أن نقل جزء كبير من تقنياتها المتقدمة إلى الخارج قد يُضعف ميزتها التنافسية ويعرّضها لمخاطر أمنية.

ثانياً –الدوافع الأمريكية لتوطين أشباه الموصلات في الولايات المتحدة:

(1) التفوق التايواني في صناعة أشباه الموصلات:

تُعَدّ تايوان مركزًا عالميًا لصناعة أشباه الموصلات المتقدمة، إذ تسيطر شركة TSMC وحدها على نحو %60 من سوق التصنيع العالمي للرقائق المتقدمة، وتُنتج أكثر من %90 من الرقائق المتطورة (أقل من 10 نانومتر) المستخدمة في الصناعات الأمريكية الحساسة، بما في ذلك الدفاع والذكاء الاصطناعي.
هذا الاعتماد الكبير يجعل استقرار تايوان مسألة أمن اقتصادي وتقني قومي للولايات المتحدة.[16]

ورغم المبادرات الأمريكية الحديثة لبناء مصانع أشباه الموصلات في الولايات المتحدة — مثل مشروع شركة TSMC في ولاية أريزونا — إلا أن الاعتماد على تايوان سيستمر على المدى القريب والمتوسط، ليس فقط بسبب القدرات الإنتاجية المتطورة الموجودة هناك، بل أيضاً بسبب بيئتها الصناعية المتكاملة التي تشمل آلاف الموردين وموارد بشرية متخصصة لا يمكن نقلها بسهولة أو استنساخها.[17]

(2) تأمين سلاسل الإمداد العالمية:

تعتبر واشنطن أن الحفاظ على استقرار تايوان ضروري لضمان استمرارية سلاسل الإمداد العالمية في التكنولوجيا المتقدمة، إذ إن أي نزاع أو حصار صيني لتايوان سيؤدي إلى أزمة إنتاج عالمية في الصناعات الإلكترونية والسيارات والطائرات.[18]

(3)  الردع الجيوسياسي للصين :

ترى الولايات المتحدة في دعم تايوان تكنولوجيًا واقتصاديًا وسيلة لـ ردع النفوذ الصيني المتصاعد في شرق آسيا، ولضمان استمرار نظام التجارة الدولي القائم على القواعد، فأي استحواذ صيني على القدرات التكنولوجية التايوانية سيمنح بكين هيمنة استراتيجية على سوق الرقائق العالمية، ما يُعد تهديدًا مباشرًا للتوازن الدولي في الابتكار العسكري والمدني [19].

 (4) الشراكة في الابتكار والبحث والتطوير:

تعمل الولايات المتحدة وتايوان على تطوير مشروعات بحثية مشتركة في الذكاء الاصطناعي، والاتصالات المتقدمة (G 6)، والتصميم الدقيق للرقائق. وتُعد تايوان جزءًا أساسيًا من شبكة الابتكار الأمريكية الممتدة عبر آسيا، حيث توفر بيئة علمية وتكنولوجية متقدمة تربط بين الجامعات والمصانع ومراكز التطوير.[20]

 (5) حماية الاقتصاد الأمريكي من الصدمات:

تشير التقديرات الاقتصادية إلى أن أي توقف في إنتاج الرقائق التايوانية لمدة عام واحد قد يؤدي إلى خسارة أكثر من 500 مليار دولار من الناتج المحلي الأمريكي، وانخفاض كبير في إنتاج الصناعات التقنية والعسكرية. لذا، تعتبر واشنطن استمرار التعاون مع تايوان خط دفاع اقتصادي حاسم ضد الأزمات العالمية[21].

ثالثاً  – دوافع تايوان لرفض تصنيع 50% من الرقائق في الولايات المتحدة:

يمكن تلخيص أبرز دوافع تايوان لرفض تصنيع 50% من الرقائق في الولايات المتحدة فيما يلي:

  1. التخوف من فقدان الميزة التنافسية:

رفض تايوان نابع مباشرة من رغبتها في إبقاء المعرفة التقنية المتقدمة داخل أراضيها، باعتبارها أحد أهم عناصر قوتها الاستراتيجية. نقل خطوط الإنتاج المتقدمة إلى الخارج قد يؤدي إلى تسرب التكنولوجيا أو فقدان السيطرة عليها، وهو ما يمثل خطرًا مباشرًا على أمنها الصناعي، مما قد يُفقدها الميزة التنافسية والاحتكار التكنولوجي الذي تتمتع به من خلال تفوق شركة TSMC في عمليات التصنيع الدقيقة، خصوصًا عند المستويات المتقدمة مثل 3 نانومتر. فهذه التقنيات تُعد سرًّا وطنيًا يمثل مصدر القوة الاقتصادية والسياسية للجزيرة، ومن ثم فإن نقلها قد يُعرّضها لمخاطر تسرب المعرفة أو فقدان السيطرة على التكنولوجيا.

  1. التخوف من فقدان مكانة تايوان في سلاسل التوريد العالمية:


تعتمد المكانة الدولية لتايوان على كونها مركزًا رئيسيًا لإنتاج الرقائق الإلكترونية المتطورة. أي تقليص لحجم الإنتاج المحلي يعني تراجعًا فوريًا في موقعها المحوري ضمن السوق العالمية لأشباه الموصلات، وبالتالي خسارة تأثيرها المباشر في تحديد اتجاهات الصناعة والتجارة العالمية.

  1. ضعف الجدوى التشغيلية لنقل التصنيع:


ترى الشركات التايوانية، وعلى رأسها TSMC، أن إنشاء مصانع بديلة في الولايات المتحدة سيواجه صعوبات تشغيلية فورية تتعلق بتكلفة الإنتاج العالية ونقص الكفاءات الفنية، مما يجعل المشروع غير مجدٍ من الناحية العملية على المدى القصير.

  1. الحفاظ على النفوذ الجيوسياسي لتايوان:


تمسّك تايوان بإبقاء صناعة الرقائق داخل أراضيها يعزز من قيمتها الاستراتيجية في المعادلة الدولية، إذ يجعل استقرارها أمرًا حيويًا للدول الكبرى. هذه المكانة تشكل أداة ردع غير مباشرة ضد أي تهديدات خارجية محتملة.

  1. تجنب التبعية الاقتصادية والسياسية:


نقل الإنتاج إلى الولايات المتحدة كان سيزيد من اعتماد تايوان على القرار الأمريكي في إدارة قطاع التكنولوجيا الحيوي، ما قد يُقيد استقلالها في تحديد سياساتها الصناعية والابتكارية على المدى الطويل.

  1. المحافظة على التوازن في العلاقات الدولية:


من خلال الرفض، تسعى تايوان إلى الحفاظ على توازن دقيق بين التعاون مع الولايات المتحدة كشريك أمني واستراتيجي، وبين تجنب الظهور كطرف تابع أو خاضع لتوجهاتها الصناعية، وهو ما قد يضعف موقعها التفاوضي في المستقبل.

رابعاً –  التداعيات الاقتصادية والسياسية لرفض تايوان نقل 50% من إنتاج الرقائق إلى الولايات المتحدة:

  1. التداعيات الاقتصادية علي الولايات المتحدة الأمريكية:

  • آثار اقتصادية مباشرة على سلاسل التوريد الأمريكية والعالمية:


رفض تايوان تحويل نصف إنتاج الرقائق إلى مصانع داخل الولايات المتحدة سيُبقي الاعتماد الأمريكي على مصادر خارجية متقدمة في أشباه الموصلات، مما يقلل من فاعلية جهود إعادة التوطين التي تهدف إلى تعزيز مرونة سلاسل التوريد وتقليل مخاطر التعطّل. ورغم التوسعات المعلنة لاستثمارات تايوانية في الولايات المتحدة (بما في ذلك خطط TSMC لزيادة استثماراتها الأمريكية بمبالغ كبيرة)، فإن استمرار تركّز القدرات الإنتاجية المتقدمة في جزيرة واحدة يجعل الولايات المتحدة عرضة لصدمات العرض والجغرافيا السياسية[22].

  • تأثير على الأمن القومي والقدرة التنافسية الصناعية للولايات المتحدة:

إبقاء معظم تقنيات الإنتاج المتقدمة في تايوان يعني أن الصناعة الأمريكية ستحتاج إلى فترات أطول وبنْية استثمارية أكبر لإغلاق الفجوات التقنية والقدرات الإنتاجية؛ وهذا قد يبطئ اعتماد تقنيات متقدمة محليًا في قطاعات حساسة (الذكاء الاصطناعي، الدفاع، السيارات الكهربائية). لذلك، سيُلحّ ذلك على صانعي السياسة الأميركية بالاعتماد على حوافز مثل CHIPS Act لتشجيع الاستثمارات، لكن نجاح هذه الحوافز يعتمد على مدى استعداد الشركات التايوانية للتنازل عن جزء من الاحتكار التقني ونقل المعرفة.[23]

  • انعكاسات على السياسة الصناعية الأمريكية:

سيُعيد الرفض رسم استراتيجيات واشنطن من سياسة الاعتماد الكلّي على توطين الإنتاج إلى مزيج من الحوافز المحلية والتعاون مع حلفاء إقليميين وبالتالي قد تدفع واشنطن إلى تقديم حوافز أوسع أو شروط أمنية وسياسية للمنتجين التايوانيين، أو إلى تشجيع إعادة تصميم السلاسل بحيث تُصنَّع أجزاء أقل حساسية داخل أمريكا بينما تظل عمليات التصميم والتصنيع المتقدم في تايوان.

  1. التداعيات الاقتصادية علي تايوان:

  • الحفاظ على التفوق الصناعي والتكنولوجي:

برفضها الطلب الأمريكي، تحتفظ تايوان بموقعها الريادي العالمي في إنتاج الرقائق، مما يمنحها نفوذًا تفاوضيًا قويًا في النظام الاقتصادي الدولي.

  • زيادة الاعتماد الأمريكي على تايوان:

الرفض يعزز من مركز تايوان كـ”درع سيليكون” لا يمكن الاستغناء عنه، مما يجعلها شريكًا استراتيجيًا لا يمكن الضغط عليه بسهولة.

  • مكاسب اقتصادية مقابل مخاطر استراتيجية:

يتيح لتايوان رفض نقل نسبة كبيرة من الإنتاج ولشركة TSMC على وجه الخصوص) المحافظة على ميزتها التنافسية والهوامش الربحية، كما يحافظ على مركزها الريادي في تكنولوجيا التصنيع المتقدمة. لكن هذا الموقف قد يفاقم الضغوط السياسية من شركاء مثل الولايات المتحدة، ويعرض تايوان لمقايضات سياسية واقتصادية (حوافز مقابل نقل تكنولوجي) قد تؤثر على قرارات الاستثمار المستقبلية[24].

  1. التداعيات علي الاقتصاد العالمي:
  • فرص لدول أخرى ومخاطر على التكامل العالمي:

ضعف نجاح محاولة إعادة التوطين الأمريكية في تحقيق نسبة 50% قد يفتح فرصة لدول ثانوية في آسيا وأوروبا لتعزيز إنتاجها الوسيط أو خطوات التغليف والبطاقات والتجميع، لكن التصنيع المتقدم يبقى مرتبطًا ببعض مراكز التوريد الرئيسة. على المدى المتوسط، قد يؤدي ذلك إلى استمرار تركّز إنتاج الأداء العالي في تايوان مع نشر قدرات أقل تقدماً في أماكن أخرى، مما يترك الاقتصاد العالمي بمنظومة إمداد غير متوازنة ومعرضة لمخاطر جيوسياسية محلية[25].

  • تقلبات في أسواق التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي:

أي اضطراب في إمدادات الرقائق سيؤثر على أسعار المنتجات التقنية عالمياً، من الهواتف الذكية إلى السيارات الكهربائية.

  • آثار على الأسواق والابتكار العالمي:

إبقاء التجميع المتقدم مركزًا في تايوان يضمن استمرار تدفق الابتكار والتكامل بين الشركات التايوانية والعملاء العالميين، لكنه يُبقي الأسعار والتوافر عرضة للتذبذب حال حدوث صدمة (مثل كارثة طبيعية أو أزمة جيوسياسية). مما قد يؤدي ذلك إلى زيادات مؤقتة في تكلفة الشرائح في سوق المستهلك والصناعات الوسيطة، وتأخير مشاريع تعتمد على شرائح متقدمة (مثل السيارات ذاتية القيادة والذكاء الاصطناعي الشامل).

  1. المخاطر والفرص في العلاقات الأمريكية–التايوانية في ظل أزمة الرقائق

تمثل أزمة الرقائق التايوانية نقطة تحول مزدوجة في العلاقات بين الولايات المتحدة وتايوان، حيث تتداخل فيها المخاطر الاستراتيجية مع الفرص الاقتصادية والتكنولوجية في آن واحد. فمن جهة، تكمن المخاطر في احتمالية تدهور العلاقات بين الجانبين إذا ما تزايدت الضغوط الأمريكية لنقل جزء كبير من التصنيع إلى أراضيها، وهو ما قد يُضعف استقلال القرار التايواني ويعرّض الجزيرة لخسارة ميزتها التنافسية كقلب التكنولوجيا العالمية. كما أن أي اضطراب سياسي أو عسكري في مضيق تايوان قد يؤدي إلى شلل في سلاسل الإمداد العالمية، ويُلحق خسائر فادحة بالاقتصادين الأمريكي والعالمي.

أما من جهة أخرى، فإن الأزمة تفتح أمام تايوان فرصًا استراتيجية غير مسبوقة لتعزيز مكانتها العالمية كطرف لا غنى عنه في الاقتصاد الدولي، ولبناء شراكات أوسع مع واشنطن والدول الحليفة في مجالات البحث والتطوير والاستثمار المشترك. كما تتيح هذه المرحلة للولايات المتحدة تطوير صناعة أشباه الموصلات المحلية بدعم من الشركات التايوانية، بما يحقق قدرًا من الأمن التكنولوجي دون تقويض الترابط الاقتصادي بين الجانبين.

وهكذا، فإن إدارة المخاطر والفرص في هذه العلاقة المعقدة تتطلب مقاربة متوازنة تقوم على الشراكة لا التبعية، وعلى التكامل لا الإملاء، لضمان استمرار تدفق الابتكار والتكنولوجيا ضمن منظومة عالمية أكثر استقرارًا وأقل هشاشة أمام الأزمات الجيوسياسية.

ومن المتوقع أن تتعامل الولايات المتحدة مع رفض تايوان نقل 50% من إنتاجها من الرقائق الإلكترونية إلى الأراضي الأمريكية بسياسة متزنة تمزج بين الضغوط الدبلوماسية والحوافز الاقتصادية، دون الإضرار بالعلاقة الاستراتيجية الوثيقة بين الجانبين. فمن الناحية السياسية، ستؤكد واشنطن أن هدفها ليس تقويض السيادة التايوانية أو سحب التكنولوجيا منها، بل إنشاء شبكة تصنيع آمنة تقلل من المخاطر الجيوسياسية المحتملة في حال تصاعد التوتر مع الصين. ومن المرجح أن تُكثف الإدارة الأمريكية قنوات الحوار الاستراتيجي مع تايبيه في مجالات العلوم والتكنولوجيا، وعلى الصعيد الاقتصادي، قد تقدم واشنطن حوافز مالية وتشريعية جديدة ضمن “قانون الرقائق والعلوم”، وتشجع إنشاء مشروعات مشتركة تجمع بين الكفاءة التايوانية والموارد الأمريكية بدلًا من نقل الإنتاج الكامل. وفي الوقت نفسه، ستعمل على تنويع مصادرها من الرقائق عبر تعزيز التعاون مع دول مثل كوريا الجنوبية واليابان والهند لتقليل الاعتماد النسبي على تايوان.

أما استراتيجيًا، فستضاعف الولايات المتحدة استثماراتها في البحث والتطوير لتعزيز قدرتها الذاتية في هذا القطاع الحيوي، مع إعادة هيكلة تحالفاتها التكنولوجية في آسيا بما يضمن استمرار دور تايوان دون أن تبقى اللاعب الوحيد في قلب المنظومة. وبهذا، فإن الرد الأمريكي المتوقع لن يكون تصعيديًا، بل براغماتيًا مرنًا يهدف إلى الحفاظ على التوازن بين حماية المصالح الاستراتيجية الأمريكية وصون المكانة التكنولوجية لتايوان ضمن النظام الاقتصادي العالمي.

ومن مجمل القول، فإن العلاقات الأمريكية–التايوانية تشهد مرحلة دقيقة تتقاطع فيها الاعتبارات الاقتصادية مع الحسابات الاستراتيجية. فالولايات المتحدة تسعى إلى تحقيق أمنها التكنولوجي وتقليل اعتمادها على الخارج بعد أزمات سلاسل التوريد، عبر نقل جزء من صناعة الرقائق إلى أراضيها وضمان السيطرة على التقنيات الحيوية التي تمثل عصب الاقتصاد الرقمي والدفاعي، أما تايوان، فترى في هذا التوجه تهديدًا مباشرًا لسيادتها الصناعية ومكانتها الاحتكارية في سوق الرقائق، التي تعدّ مصدر قوتها الجيوسياسية ووسيلتها للحفاظ على الدعم الدولي في مواجهة الضغوط الصينية. ومن ثمّ، فإن رفضها لمقترح نقل 50% من الإنتاج إلى الولايات المتحدة لم يكن خطوة اقتصادية فحسب، بل تعبيرًا عن تمسكها باستقلال قرارها الصناعي والتقني.

وهكذا، يتضح أن العلاقة بين الطرفين لم تعد تُقاس بحجم التبادل التجاري، بل بمدى السيطرة على التكنولوجيا والمعرفة. وبين سعي واشنطن إلى تأمين مستقبلها الصناعي، وحرص تايبيه على حماية موقعها الريادي، يظل التحدي الأكبر هو إيجاد صيغة تعاون متوازنة تحفظ مصالح الطرفين دون الإخلال بمبادئ السيادة الاقتصادية والاستقرار الجيوسياسي في شرق آسيا.

المراجع


[1] Gary Chen, “Silicon shield to ‘global TSMC’,” Taipei Times, March 10, 2025, https://www.taipeitimes.com/News/editorials/archives/2025/03/10/2003833151.

[2] “Economic Minister Wang accentuates Taiwan’s semiconductor prowess at CSIS event,” Taiwan Today, October 12, 2022,  https://taiwantoday.tw/news. php?unit=6&post=226440.

[3] Jude Blanchette, Lily McElwee, and Ryan Hass, “Building International Support for Taiwan,” Center for Strategic and International Studies, February 13, 2024,

https://www.csis.org/ analysis/building-international-support-taiwan.

[4] Derek Mitchell, Brent Christensen, Russell Hsiao and Adrienne Wu, Global Taiwan institute, US-Taiwan Relations: Advancing Four Pillars of the Strategic Partnership, April 2025, Available at :

https://globaltaiwan.org/wp-content/uploads/2025/04/OR_US_TW_Relations_Four_Pillars_FINAL.pdf

[5] CRS in Focus IF12503, Taiwan: The Origins of the U.S. One-China Policy, and CRS In Focus IF11665, President Reagan’s Six Assurances to Taiwan.

[6] U.S. Relations With Taiwan Bilateral Relations Fact Sheet Bureau May 28, 2022, available at :

https://2021-2025.state.gov/u-s-relations-with-taiwan

[7] Erik M. Jacobs, “US-Taiwan S&T Dialogue Meets as Collaboration Efforts Between US and Taiwan Expand,” Global Taiwan Brief, August 23, 2023,

https://globaltaiwan. Org/2023/08/us-taiwan-sampt-dialogue-meets-as-collaboration-efforts-between-us-and-taiwan-expand/.

[8] U.S. Relations With Taiwan Bilateral Relations Fact Sheet Bureau May 28, 2022, available at :

https://2021-2025.state.gov/u-s-relations-with-taiwan

[9] “Taiwan—Global AI Hub,” Reuters, 2021, https:// www.reuters.com/plus/taiwan-global-ai-hub; Cheng TingFang and Lauly Li, “Google to expand hardware R&D team in Taiwan,” Nikkei Asia, April 25, 2024, https://asia.nikkei. com/Spotlight/Supply-Chain/Google-to-expand-hardware-RD-team-in-Taiwan

[10]Derek Mitchell, Brent Christensen, Russell Hsiao and Adrienne Wu, Global Taiwan institute, US-Taiwan Relations: Advancing Four Pillars of the Strategic Partnership, April 2025, Available at :

https://globaltaiwan.org/wp-content/uploads/2025/04/OR_US_TW_Relations_Four_Pillars_FINAL.pdf

[11] Congressional Research Service, “U.S.-Taiwan Trade and Economic Relations,” (Washington, DC: Congressional Research Service, February 25, 2025), https://crsreports.congress.gov/product/pdf/IF/IF10256.

[12]  Center for strategic Silicon Island: Assessing Taiwan’s Importance to U.S. Economic Growth and Security

https://www.csis.org/analysis/silicon-island-assessing-taiwans-importance-us-economic-growth-and-security

[13] Asa Fitch, Meridith McGraw, and Yang Jie, “Trump, Chip Maker TSMC Announce $100 Billion Investment in U.S.,” The Wall Street Journal, March 3, 2025, https://www. wsj.com/tech/trump-chip-maker-tsmc-expected-to-announce100-billion-investment-in-u-s-02a44399.

[14] Joelle Anselmo, “$400M in CHIPS funding goes to GlobalWafers,” ManufacturingDive, July 18, 2024, https:// www.manufacturingdive.com/news/400-million-chips-funding-globalwafers-memc-texas-missouri-plants/721574/; “Intel and UMC Announce New Foundry Collaboration,” Newsroom, Intel, published January 25, 2024, https://www.intel. com/content/www/us/en/newsroom/news/ifs-manufacturing-news-2024.html#gs. j7yx87.

[15] CAN English News Staff, “Indiana becomes latest U.S. state to open government office in Taiwan,” Central News Agency, September 10, 2024, https://focustaiwan.tw/ politics/202409100017.

[16] U.S. International Trade Commission (USITC), U.S. Exposure to the Taiwanese Semiconductor Industry (2023).

[17]David Sacks Susan M. Gordon and Michael G. Mullen U.S.-Taiwan Relations in a New Era Responding to a More Assertive China ,task force report, no 81, Updated June 2023

https://www.cfr.org/task-force-report/us-taiwan-relations-in-a-new-era/findings?utm_source=chatgpt.com

[18] Semiconductor Industry Association (SIA), 2024 State of the U.S. Semiconductor Industry Report

[19] Council on Foreign Relations (CFR), U.S.-Taiwan Relations in a New Era: Responding to a More Assertive China (2023

[20] Project 2049 Institute & U.S.-Taiwan Business Council, U.S., Taiwan, and Semiconductors: A Critical Supply Chain Partnership (2023).

[21] USITC, Economic Impacts of Semiconductor Disruption Scenarios (2023)

[22]TSMC Intends to Expand Its Investment in the United States to US$165 Billion to Power the Future of AI, available at :

https://pr.tsmc.com/english/news/3210?utm_source=chatgpt.com

[23] Michelle Kurilla, Council foreign relation, What Is the CHIPS Act?

https://www.cfr.org/in-brief/what-chips-act?utm_source=chatgpt.com

[24] Helen Davidson and Chi-hui Lin in Taipei, The Guardian, How Taiwan secured semiconductor supremacy – and why it won’t give it up, available at :

https://www.theguardian.com/world/article/2024/jul/19/taiwan-semiconductor-industry-booming?utm_source=chatgpt.com

[25] Reuters, Taiwan’s Global Wafers to invest $5 bln in new silicon wafer plant in Texas,available at:

https://www.reuters.com/technology/taiwans-globalwafers-invest-5-bln-new-silicon-wafer-plant-texas-2022-06-28/?utm_source=chatgpt.com

باحث اقتصاد مشارك من الخارج بمركز ترو للدراسات والتدريب

الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وإيران وتداعياتها على مسار العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية
زيارة الرئيس السوري إلى روسيا: الأبعاد الجيوسياسية والاقتصادية للزيارة
التصعيد بين أفغانستان وباكستان الدوافع والمواقف الدولية
دور شركة أسيلسان للصناعات الدفاعية في تعزيز النفوذ الجيوسياسي لتركيا
نشر قوات الحرس الوطني
Scroll to Top