Cairo
تجدد الصراع بين الهند وباكستان في السابع من الشهر الجاري، على خلفية مقتل سياح في الجزء الخاضع لسيطرة الهند بإقليم كشمير في 22 أبريل؛ حيث تذرعت الهند بوقوف باكستان وراء ذلك الهجوم لتقوم بشن هجمات جوية داخل العمق الباكستاني. واستمرت الهجمات المتبادلة بين الطرفين لأربعة أيام إلى أن أعلن الرئيس الأمريكي ترامب عن التوصل لوقف إطلاق نار يتسم بالهشاشة حتى اللحظة في ظل اتهامات من الطرفين بخرق الاتفاق.

المواجهة الأخيرة بين الهند وباكستان: اختبار لقوة السلاحين الغربي والصيني

قائمة المحتويات

باحث علاقات دولية بمركز ترو للدراسات

تجدد الصراع بين الهند وباكستان في السابع من الشهر الجاري، على خلفية مقتل سياح في الجزء الخاضع لسيطرة الهند بإقليم كشمير في 22 أبريل؛ حيث تذرعت الهند بوقوف باكستان وراء ذلك الهجوم لتقوم بشن هجمات جوية داخل العمق الباكستاني. واستمرت الهجمات المتبادلة بين الطرفين لأربعة أيام إلى أن أعلن الرئيس الأمريكي ترامب عن التوصل لوقف إطلاق نار يتسم بالهشاشة حتى اللحظة في ظل اتهامات من الطرفين بخرق الاتفاق.[1]

تفاوت الميزانيات الدفاعية والردع النووي

ووفقًا لتصنيف القوة العسكرية لعام 2025 الصادر عن جلوبال فاير باور، تأتي الهند في المركز الرابع بينما تحل باكستان في المركز الثاني عشر عالميًا. وتبلغ ميزانية الدفاع الهندية 86 مليار دولار في حين تبلغ ميزانية الجيش الباكستاني 10،2 مليار دولار فقط للعام المالي 2024 -2025، وذلك بعد أن كانت ميزانية الدفاع الهندية قد وصلت إلى 72،94 مليار دولار في 2020، كما كانت ميزانية الجانب الباكستاني في ذلك الوقت 7 مليار دولار؛ أي أن الفارق الكبير بين البلدين ليس بالشيء الجديد. ولكن لا يجب إغفال أن كليهما يمتلك رؤوسًا نووية؛ فوفقاً لتقديرات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، تمتلك الهند 172 رأساً نووياً، بينما تمتلك باكستان 170 رأساً نووياً.[2]

تباين مصادر التسليح

تتباين طبيعة التسليح ومصادره بين الجانبين بشكل يعكس توجهاتهم والدول الداعمة لهم. تميل الهند نحو التكنولوجيا الغربية بعد أن اعتمدت لعقود على السلاح الروسي، فتعتبر فرنسا والولايات المتحدة وإسرائيل أكبر موردين سلاح للهند، بينما تعتمد باكستان على الصين كمصدر رئيس للسلاح وأقل تكلفة، وأكثر كفاءة كما ظهر في الاشتباكات الأخيرة؛ فالمقاتلات الصينية التي تملكها باكستان تمكنت من إسقاط طائرات هندية من طراز رافال وميج 29 وسو 30، بخلاف تحييدها مسيرات إسرائيلية الصنع من طراز هاروب، في أكبر خسارة للهند منذ عقود. ومن المتوقع أن ينعكس ذلك على سياسة التسلح الهندية مستقبلًا بعد أن تمكنت باكستان من فرض معادلات ردع جديدة وأفضلية جوية، هذا بالرغم من امتلاك الهند 513 مقاتلة، بينما تملك باكستان 328 مقاتلة.[3]

وتعتبر الصين المورّد الرئيسي للأسلحة إلى باكستان، حيث زوّدتها بما يقارب 80 في المائة من احتياجاتها العسكرية خلال السنوات الأربع الماضية، مقارنة بنسبة 38 في المائة فقط في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام. كما تستورد باكستان بعض الأسلحة والمعدات من تركيا وإيران، وذلك بعد أن ظلت الولايات المتحدة المورد الرئيسي للأسلحة إلى باكستان. في الجانب الآخر، تعتبر باريس وواشنطن من أبرز مورّدي الأسلحة إلى الهند وتشكل صادراتهما معاً نحو 46 في المائة من واردات الهند الدفاعية. وكانت الهند قد تراجعت بشكل كبير عن اعتمادها على الأسلحة الروسية؛ حيث شكلت الأسلحة الروسية بين عامي 2006 و2010، نحو 80 في المائة من واردات الأسلحة الهندية، لكن هذه النسبة انخفضت إلى نحو 38 في المائة خلال السنوات الأربع الماضية.[4]

القاعدة  الصناعية الدفاعية للهند وباكستان

وفيما يتعلق بالتصنيع المحلي، أعلنت الهند عام 2020، عن خطة طموحة لتقليل اعتمادها على واردات الأسلحة الأجنبية. وأصدرت وزارة الدفاع قائمة تحتوي على 310 معدات عسكرية وأنظمة دفاعية من المقرر تصنيعها في الهند بين عامي 2020 و2027، من ضمنها مروحيات قتالية مُتعددة المهام، وإلكترونيات طيران، وأسلحة خفيفة، ومعدات حماية الشخصية، ورادارات، وصواريخ متوسطة المدى مضادة للسفن، وطائرات بدون طيار، وقطع مدفعية، ودبابات. وتأتي هذه الخطوة بسبب التوترات المحيطة بالهند، فضلًا عن العجز الذي يواجه الهند بين الواردات والصادرات العسكرية، حيث تصدر بما قيمته 1.1 مليار دولار، فيما تستورد بقيمة 3.1 مليار دولار سنويًّا.[5] على الجانب الآخر، بلغت صادرات باكستان العسكرية 415 مليون دولار في العام المالي 2022-2023، وتشكل صناعات الذخائر والقذائف الجزء الأكبر لقاعدة الصناعات الدفاعية لباكستان، ولكنها في الوقت عينه تقوم بتصنيع مسيرات، فضلًا عن التصنيع المشترك مع الصين للمقاتلة JF-17 Thunder. [6]

أسباب التفوق الباكستاني

ويُعزّي بعض الخبراء العسكريين التفوق الباكستاني إلى الكفاءة العالية التي أظهرها السلاح الصيني بجانب الجاهزية العالية للطيارين الباكستانيين في مقابل الأخطاء البشرية أو انخفاض مستوى التدريب لدى الجيش الهندي الذي يتفوق على نظيره الباكستاني في العتاد والعديد، ولكن بغض النظر عن ذلك؛ ستؤدي تلك النجاحات التي حققها السلاح الصيني في مواجهة السلاح الغربي إلى ارتفاع أسهمه لدى الدول المستوردة للسلاح بعد أن تم اختباره في ميدان المعركة للمرة الأولى.[7]

ويعكس ما سبق من تحولات في تدفق السلاح تحالفات القوى الكبرى والتغيرات الجذرية في المشهد الجيوسياسي في جنوب آسيا؛ فالولايات المتحدة تعتبر الشريك الأهم للهند في مواجهة النفوذ الصيني المتصاعد بباكستان، مما يضيف بعدًا أكثر تعقيدًا للصراع الإقليمي الذي مر بأربعة حروب سابقة ويزيد من احتمالات التصعيد العسكري.[8]

ختامًا، تسعى الولايات المتحدة إلى الحفاظ على وقف إطلاق النار بسبب الخسائر الكبيرة التي تكبدتها الهند، فضلًا عن دعوة رئيس الوزراء الباكستاني هيئة القيادة الوطنية المسؤولة عن الإشراف على برنامج الصواريخ والأسلحة النووية للاجتماع في خطوة أقلقت الهند. وفي ضوء ذلك، سيناقش قائدا العمليات العسكرية في الهند وباكستان في 12 مايو، الخطوات التالية من أجل إعادة الهدوء إلى الحدود وتجنب المزيد من التصعيد.


[1] Christian Edwards, “India-Pakistan ceasefire raises hopes that the worst fighting in decades is over. Here’s what to know,” CNN, May 11, 2025. https://edition.cnn.com/2025/05/10/asia/india-pakistan-ceasefire-explainer-latam-intl

[2]من الطائرات المسيّرة إلى الرؤوس النووية: مقارنة للقدرات العسكرية بين الهند وباكستان،” BBC، 9  مايو 2025، https://www.bbc.com/arabic/articles/ce801g5ljr8o

[3]الهند وباكستان… تنوع مصادر التسليح لمن منح الأفضلية؟” الشرق الأوسط، 9 مايو 2025. الهند وباكستان… تنوع مصادر التسليح لمن منح الأفضلية؟

[4]  نفس المرجع السابق

[5]الصناعات العسكرية الهندية.. تطور ملحوظ وتحديات صعبة،” مركز الدراسات العربية الأوراسية، 25 أكتوبر 2023. الصناعات العسكرية الهندية.. تطور ملحوظ وتحديات صعبة – مركز الدراسات العربية الأوراسية

[6] Pakistan’s Defense Industries; Obstacles and Future Prospect, IESS, Oct 14, 2024. https://www.iess.ir/en/analysis/3835/

[7]الهند وباكستان… تنوع مصادر التسليح لمن منح الأفضلية؟” الشرق الأوسط، 9 مايو 2025. الهند وباكستان… تنوع مصادر التسليح لمن منح الأفضلية؟

[8]

باحث علاقات دولية بمركز ترو للدراسات

رؤية جون ميرشايمر لحربي إسرائيل وروسيا ومستقبل النظام الدولي
التكنولوجيا الحيوية كأداة للقوة التنافس السياسي والاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين في سباق الهيمنة العالمية
تأتي الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ أكتوبر2023 لتشكل محطة فارقة في المشهدين السياسي والاقتصادي على المستويين المحلي والإقليمي، لما أفرزته من آثار عميقة تتجاوز الجانب الإنساني إلى إحداث تغييرات ملموسة في المؤشرات الاقتصادية في الاقتصاد الإسرائيلي. فعلى الرغم من استقرار الاقتصاد الإسرائيلي، إلا أن طول أمد الصراع واتساع نطاق العمليات العسكرية، إلى جانب الانعكاسات الأمنية والسياسية، أثر على قطاعات حيوية مثل السياحة، والاستثمار الأجنبي، وحركة الصادرات والواردات، فضلاً عن ارتفاع تكاليف الدفاع وتراجع ثقة الأسواق. ومن ثم، فإن دراسة التداعيات الاقتصادية لهذه الحرب تمثل مدخلاً مهماً لفهم طبيعة التأثيرات قصيرة وطويلة الأمد على الاقتصاد الإسرائيلي، ورصد مدى قدرته على الصمود أو التكيف في ظل هذه التحديات."
مخرجات قمة ألاسكا بين ترامب وبوتن
في خضم التحولات الجيوسياسية التي يشهدها الإقليم، يبرز توقيع اتفاق تصدير الغاز بين أذربيجان وسوريا كحدث لافت يعكس إعادة تمركز بعض الفاعلين الإقليميين في مسارات جديدة من التعاون، تتجاوز الحسابات التقليدية للتحالفات والانقسامات.
Scroll to Top