وقّع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في 17 يناير 2025، بموسكو معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والاتحاد الروسي، وذلك خلال زيارة رسمية قام بها الرئيس الإيراني إلى روسيا. وقد نصّت على أن الطرفين المتعاقدين يسعيان إلى الارتقاء بعلاقاتهما الودية إلى مستوى جديد من التعاون الشامل والطويل الأمد لمدة 20 عامًا ذات طابع استراتيجي، بما يعزز الأسس القانونية التي يقوم عليها هذا التعاون.
تُعدّ هذه المعاهدة محطة مفصلية في مسار العلاقات الروسية–الإيرانية، إذ نقلت مستوى التعاون بين البلدين من التنسيق الثنائي التقليدي إلى تحالف استراتيجي متعدّد الأبعاد يمتد على مدى العقود المقبلة. ولم تأتِ هذه الخطوة بمعزل عن السياق الدولي، بل جاءت نتيجة تراكم طويل لعوامل سياسية واقتصادية وأمنية مشتركة، في ظل سعي كلٍّ من موسكو وطهران إلى كسر العزلة الدولية المفروضة عليهما ومواجهة الضغوط والعقوبات الغربية المتواصلة، فضلًا عن بحثهما عن بدائل استراتيجية تعزز استقلال قراراتهما وتوسّع من مجالات نفوذهما الإقليمي والدولي.
وتكمن أهمية المعاهدة في أنها لا تقتصر على التعاون في مجالات الطاقة والتجارة والدفاع، بل تعبّر عن توجّه استراتيجي مشترك لبناء محور مضاد للغرب، يهدف إلى تعزيز الاستقلال في القرارين السياسي والعسكري، وإعادة رسم التوازنات الجيوسياسية في منطقتي الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. فمن جهة، تمنح الشراكة لإيران فرصة لتخفيف وطأة العقوبات الأمريكية والأوروبية وفتح أسواق جديدة لتصدير النفط والغاز والتكنولوجيا العسكرية، ومن جهة أخرى، تمكّن روسيا من ترسيخ نفوذها في منطقة تُعدّ مجالًا حيويًا للأمن الغربي، وتوفر لها شريكًا موثوقًا في ظل الصراع المحتدم مع الغرب منذ اندلاع الحرب الأوكرانية.
أما على الصعيد الدولي، فإن ما يجعل هذه المعاهدة محطّ اهتمام عالمي هو أنها تعبّر عن مسعى روسي إيراني لإعادة ترتيب موازين القوى الدولية بما يخدم مصالح الطرفين ويعزز حضورهما السياسي والعسكري في الساحتين الإقليمية والدولية. ولهذا، تتابع الولايات المتحدة هذه الشراكة بقلق واضح، إذ تراها تحالفًا تصعيديًا من شأنه أن يُعقّد ملفات الخلاف مع موسكو ويُضعف أدوات الضغط على طهران، لا سيّما في ظل تعثر مفاوضات الملف النووي الإيراني وتزايد التنسيق العسكري بين الجانبين.
وفي هذا السياق، تكتسب المعاهدة بُعدًا استراتيجيًا يتجاوز الإطار الثنائي، لتتحول إلى عامل مؤثر في إعادة تشكيل توازنات القوى الإقليمية والدولية، بما قد ينعكس على طبيعة العلاقات بين القوى الكبرى في مرحلة ما بعد الحرب الأوكرانية، وعلى مستقبل العلاقة بين الولايات المتحدة وكلٍّ من روسيا وإيران. و يسعى هذا المقال التحليلي إلى دراسة معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وإيران من زوايا متعددة، من خلال تحليل الغايات الروسية والأهداف الإيرانية الكامنة وراءها، وبيان مكاسب إيران من هذه الشراكة وانعكاسها على مسار التفاوض مع الولايات المتحدة، فضلًا عن تقييم تأثيرات المعاهدة على العلاقات الأمريكية الروسية واستشراف آفاق المستقبل لهذه الشراكة الاستراتيجية في ضوء التحولات الجيوسياسية الراهنة.
يَسعى هذا المقال التحليلي إلى مناقشة معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وإيران (2025) من خلال تناول أربعة محاور رئيسية: أولًا، مضمون المعاهدة وأهميتها الاستراتيجية في سياق التحولات الدولية الراهنة؛ وثانيًا، دوافع كلٍّ من إيران وروسيا لعقد هذه الشراكة وما تعكسه من تقاطع في المصالح السياسية والاقتصادية والأمنية؛ وثالثًا، المكاسب التي حققها الطرفان من خلال هذه المعاهدة على المستويين الثنائي والإقليمي؛ ورابعًا، استشراف السيناريوهات المحتملة لمسار الشراكة الروسية–الإيرانية في ظل المتغيرات الجيوسياسية المتسارعة إقليميًا ودوليًا.
أولا: مضمون وأهمية معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وإيران
- طبيعة العلاقات الروسية الإيرانية
مع سقوط نظام الشاه عام 1979 وقيام الجمهورية الإسلامية، دخلت العلاقات الروسية الإيرانية مرحلة جديدة اتسمت بقدر من الحذر المتبادل في بدايتها، نتيجة التباين الأيديولوجي بين النظام الثوري في طهران والدولة السوفيتية ذات الطابع الشيوعي. غير أن عزلة إيران عن الغرب بعد أزمة الرهائن واندلاع الحرب العراقية الإيرانية دفعتها إلى تبني سياسة أكثر براغماتية، فبدأت بالانفتاح التدريجي على موسكو التي رأت في طهران شريكًا يمكن توظيفه لموازنة النفوذ الأمريكي في الخليج. وفي تسعينيات القرن العشرين، تطورت العلاقات إلى تعاون عملي شمل مجالات الطاقة النووية والتسليح، حيث لعبت روسيا دورًا محوريًا في إنشاء مفاعل بوشهر النووي وتزويد إيران بالخبرات التقنية والعسكرية، رغم الضغوط الغربية المتكررة. ومع مطلع الألفية الجديدة، شهدت العلاقات نقلة نوعية في عهد الرئيس فلاديمير بوتين، إذ تبنت موسكو نهجًا أكثر انفتاحًا على طهران ضمن رؤيتها لإعادة التوازن في النظام الدولي ومواجهة التمدد الأمريكي في الشرق الأوسط، وهو ما مهّد الطريق لتحالف استراتيجي أعمق تجلى لاحقًا في الملفين السوري والنووي.[1]
لم تقتصر طبيعة العلاقات بين روسيا وإيران على المجال الدبلوماسي أو الاقتصادي، بل تجسّد عمق الشراكة بينهما في أحد أبرز مجالات التعاون، وهما الملفان السوري والنووي الإيراني، اللذان شكّلا محورًا مركزيًا لتنسيق المواقف وتبادل الأدوار خلال السنوات الأخيرة.
عمّق التنسيق بين روسيا وإيران بشكل ملحوظ في الملفين السوري والنووي الإيراني خلال العقد الأخير، إذ مثّل الملف السوري منذ عام 2011 ساحة اختبار حقيقية للشراكة بين الطرفين. فقد اتفقت موسكو وطهران على دعم نظام بشار الأسد باعتباره الضمانة الأساسية للحفاظ على نفوذهما في المشرق العربي، ومنع تمدد القوى الغربية والإقليمية المنافسة. ومع التدخل العسكري الروسي المباشر عام 2015، تطور التعاون إلى مستوى عملياتي غير مسبوق، حيث تولت روسيا إدارة العمليات الجوية والاستخباراتية، بينما دعمت إيران العمليات البرية من خلال الحرس الثوري والميليشيات الحليفة، مما أتاح للنظام السوري استعادة السيطرة على مناطق استراتيجية كمدينة حلب. كما أُنشئت غرف عمليات مشتركة في دمشق واللاذقية، وشاركت إيران وروسيا في مسار أستانة (2017) إلى جانب تركيا لإدارة التسوية السياسية. ورغم بعض التباينات حول مناطق النفوذ في سوريا، فإن الطرفين نجحا في تحويل الصراع إلى ساحة تنسيق مستدامة قائمة على تقاسم الأدوار وليس تصادم المصالح.[2]
أما في الملف النووي الإيراني، فقد لعبت موسكو دورًا أساسيًا في دعم طهران سياسيًا وتقنيًا منذ التسعينيات، بدءًا من بناء مفاعل بوشهر النووي وتزويده بالوقود، وصولًا إلى دعمها خلال مفاوضات الاتفاق النووي عام 2015 كأحد الأطراف الموقعة. وبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018، واصلت روسيا دعمها لإيران في مواجهة العقوبات الغربية، وسعت إلى إيجاد قنوات اقتصادية وتقنية بديلة للحفاظ على التزامات طهران النووية ضمن الإطار السلمي. هذا التنسيق المزدوج في الملفين السوري والنووي جعل من موسكو وطهران شريكين استراتيجيين في إدارة الأزمات الإقليمية ومواجهة الضغوط الأمريكية، ومهّد الطريق لتوقيع معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة عام 2025 التي كرّست التعاون العسكري والسياسي والاقتصادي بينهما لعقود مقبلة.[3]
وفي ذات السياق أعلنت روسيا مطلع عام 2021 عن نيتها تنظيم تدريبات بحرية مشتركة مع الصين وإيران في المحيط الهندي، استكمالًا لتجربة سابقة نهاية عام 2019. وقد سبق ذلك مشاركة إيران في مناورات “القوقاز الروسية” في سبتمبر 2020، حيث اتفقت طهران وموسكو على تنظيم مناورات بحرية منتظمة في بحر قزوين والخليج العربي ومضيق هرمز. كما عرضت إيران على روسيا استئجار ثلاث قواعد بحرية استراتيجية هي( تشابهار، وبندر، وعباس وبندر، وبوشهر)، بما يتيح لموسكو الوصول المباشر إلى الخليج العربي، إلى جانب بحث إمكان نقل التكنولوجيا النووية والفضائية الروسية إلى إيران، ونشر منظومات صواريخ متقدمة مثل “إس-300” أو صواريخ باليستية بعيدة المدى داخل الأراضي الإيرانية، وهو ما حظي بموافقة مبدئية من موسكو. واستمر التعاون العسكري بين الدول الثلاث في التوسع، حيث استضافت فنزويلا في أغسطس 2022 تدريبات بحرية روسية صينية إيرانية، أعقبتها مناورات مشتركة في خليج عُمان مطلع عام 2022، ثم في شمال المحيط الهندي في مارس 2023 تحت اسم “حزام الأمن البحري”، وهي المناورات التي أُعيد تنفيذها مجددًا في خليج عُمان في مارس 2024.[4]
ويعبّر الجانبان في نص المعاهدة عن قناعتهما بأن تطوير هذه الشراكة الاستراتيجية الشاملة يخدم المصالح الجوهرية لكليهما، مستندَين في ذلك إلى الروابط التاريخية العميقة بين الشعبين الإيراني والروسي، وما يجمع بينهما من تقارب ثقافي وروحي وأخلاقي، فضلاً عن روابط حسن الجوار المتينة، وتكامل المصالح، وإيمانًا منهما بضرورة تعزيز التعاون المشترك بما يسهم في دعم السلام والأمن الإقليمي والدولي، يؤكد الطرفان التزامهما بالمبادئ والقيم التي أرساها ميثاق الأمم المتحدة، وبالقواعد العامة للقانون الدولي التي تحكم العلاقات الودية والتعاون بين الدول، وبما نصّت عليه الاتفاقيات السابقة بينهما، ومنها: معاهدة الصداقة بين فارس والجمهورية السوفيتية الروسية الاشتراكية الاتحادية المؤرخة في 26 فبراير 1921،ومعاهدة التجارة والملاحة بين إيران والاتحاد السوفييتي المؤرخة في 25 مارس 1940،ومعاهدة أسس العلاقات المتبادلة ومبادئ التعاون بين جمهورية إيران الإسلامية والاتحاد الروسي المؤرخة في 12 مارس 2001،إضافة إلى الإعلان المشترك بين الجانبين بشأن تعزيز القانون الدولي الصادر في 16 يونيو 2020. كما يعبر الطرفان عن التزامهما بالمشاركة الفاعلة في بناء نظام عالمي جديد عادل ومتعدد الأقطاب، يقوم على المساواة بين الدول، والاحترام المتبادل للمصالح، والتعاون البنّاء في حل القضايا الدولية، وسيادة القانون الدولي، ونبذ استخدام القوة أو التهديد بها، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام السلامة الإقليمية لكل طرف. معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة.[5]
- الأهداف المعلنة لمعاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وإيران (2025):
المعاهدة تهدف إلى عدة مقاصد استراتيجية، من أبرزها:
- توسيع التعاون الشامل في المجالات السياسية، الدفاعية، الأمنية، الاقتصادية، والثقافية، بما يعكس التحول نحو شراكة متعددة الأبعاد وطويلة الأمد.
- التخفيف من أثر العقوبات الغربية على الاقتصادين الإيراني والروسي من خلال إنشاء آليات مالية بديلة، واستخدام العملات الوطنية، وتعزيز التجارة الثنائية والاستثمارات المشتركة.
- تطوير التعاون في مجالات الطاقة والنقل والبنية التحتية، بما في ذلك خطوط النقل الدولية والسكك الحديدية والربط اللوجستي بين البلدين عبر ممرات مثل ممر الشمال–الجنوب.
- تعزيز التعاون العلمي والتكنولوجي، عبر تبادل المعرفة والخبرات وتشجيع البحث العلمي والمشروعات المشتركة، إلى جانب توسيع التبادل الأكاديمي والثقافي بين الجامعات والمؤسسات العلمية.
- تعميق التنسيق الأمني والاستخباراتي في مواجهة التهديدات المشتركة، من خلال تبادل المعلومات ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وضمان الاستقرار الإقليمي.
- منع تقديم أي دعم للمعتدي الخارجي في حال تعرّض أحد الطرفين لعدوان، بما يرسّخ مبدأ عدم تصعيد الصراعات واحترام سيادة الدول.
- التركيز على مجالات التعاون الحديثة، بما يشمل التكنولوجيا والمعلومات، والأمن السيبراني، والطاقة النووية السلمية، ومكافحة غسل الأموال، وحماية البيئة.
- تعزيز التعاون الإعلامي المشترك لمواجهة التضليل والدعاية السلبية ضد البلدين، ودعم نشر المعلومات الصحيحة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
- تقديم المساعدة المتبادلة في مواجهة الكوارث الطبيعية أو من صنع الإنسان، وتطوير بنية دفاعية مستقلة عن الدول الثالثة، بما يعزز السيادة الأمنية للطرفين.
- تطوير مستويات التعاون العسكري والدفاعي، من خلال إجراء مناورات عسكرية مشتركة، وتبادل الوفود والخبراء، وتنسيق الجهود في مكافحة القرصنة والتهديدات البحرية.
- تعميق التعاون التجاري والاقتصادي، عبر زيادة الاستثمارات، وتسهيل المبادلات التجارية، وإنشاء مناطق اقتصادية حرة ومشروعات صناعية مشتركة.[6]
على الرغم من الأهمية الاستراتيجية البالغة التي يحملها الاتفاق، فإنه، مع ذلك، لا يتضمن بندًا خاصًا بالدفاع المشترك، كما أنه لا يتطرق صراحةً إلى القضايا الإقليمية الحساسة، وفي مقدمتها مسألة شبه جزيرة القرم. ومع ذلك، يشكّل الاتفاق إطارًا عمليًا يتيح لكلٍّ من موسكو وطهران الالتفاف على الضغوط الاقتصادية الغربية، كما يفتح المجال أمام بناء تحالفات جديدة في مجالات التجارة والطاقة والأمن، وهو ما يمثل استجابة حيوية للعقوبات المفروضة عليهما.
وفي هذا السياق، يُعد التعاون في قطاع الطاقة محورًا رئيسيًا في هذه الشراكة، إذ تلتزم روسيا بتزويد إيران بالغاز الطبيعي فضلًا عن المساهمة في تطوير بنيتها التحتية الطاقوية في ظل أزمة الطاقة الداخلية التي تواجهها طهران. في المقابل، تسعى موسكو من خلال هذا التعاون إلى تقليص اعتمادها على الأسواق الغربية ومن ثم تنويع قنواتها وفرصها في مجال الطاقة.[7]
- المحتوي العام لمعاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وإيران ( 2025)
تضمنت معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والاتحاد الروسي (2025) ديباجة تحتوي على (47) مادة تغطي مختلف مجالات التعاون السياسي والعسكري والاقتصادي والثقافي والعلمي، إلا أن أبرز بنودها وأكثرها دلالة على طبيعة الشراكة الجديدة تتمثل في:
- التعاون الأمني والعسكري
أكدت المعاهدة على تعزيز التعاون الأمني والدفاعي بين الطرفين باعتباره أحد الركائز الأساسية للشراكة الاستراتيجية. فقد نصّت المادة (5) على تطوير التعاون العسكري عبر تبادل الوفود والخبراء، وتنظيم تدريبات مشتركة، وتبادل طلاب وضباط الكليات العسكرية، والمشاركة في المعارض والفعاليات الدفاعية، إضافة إلى التعاون في مجالات البحث والإنقاذ البحري ومكافحة القرصنة. أما المادة (7)، فركّزت على مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والتهديدات العابرة للحدود، بما في ذلك مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والاتجار بالبشر، مع التأكيد على التنسيق داخل المنظمات الدولية مثل الإنتربول.
كما تناولت المادة (11) التعاون في مجال الأمن المعلوماتي الدولي، من خلال تبادل المعلومات والتصدي للهجمات السيبرانية وتعزيز السيادة الرقمية، مع الدعوة إلى إنشاء نظام دولي للأمن المعلوماتي تحت رعاية الأمم المتحدة. ويعكس هذا الإطار الأمني والعسكري المتقدم توجه البلدين نحو بناء محور دفاعي وتقني مشترك يضمن الاستقرار الإقليمي ويواجه التهديدات الخارجية بشكل منسق.[8]
- التعاون الاقتصادي والطاقوي واللوجستي
تضمّنت المعاهدة بنودًا اقتصادية واسعة تهدف إلى إنشاء بنية اقتصادية متكاملة بين موسكو وطهران. نصّت المادتان (18) و(20) على تطوير التعاون التجاري والصناعي والاستثمارات المشتركة، ومواجهة العقوبات الأحادية عبر إنشاء نظام دفع مستقل بالعملات الوطنية، وتوسيع البنية المصرفية المشتركة، وتعزيز المناطق الحرة والمشروعات الصناعية المشتركة. كما أكدت المادة (21) على التعاون في مجال النقل البري والبحري والجوي ، خاصة عبر ممر النقل الدولي الشمالي–الجنوبي الذي يربط روسيا بالمحيط الهندي مرورًا بإيران.
أما المادة (22)، فركّزت على التعاون في قطاعي النفط والغاز والطاقة النووية السلمية من خلال تبادل التقنيات والاستثمارات المشتركة في حقول الطاقة، ودعم مشاريع البنية التحتية لضمان أمن الطاقة العالمي، والتنسيق داخل أوبك+ ورابطة الدول المصدّرة للغاز. كما نصّت المادة (25) على تبسيط الإجراءات الجمركية وتبادل المعلومات لإنشاء ممرات تجارية آمنة وسلاسل إمداد موثوقة. تؤسس هذه المواد لمنظومة اقتصادية–طاقوية متكاملة تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز المرونة في مواجهة العقوبات الغربية.[9]
- التعاون العلمي والثقافي والتنموي
شددت المعاهدة في المواد (28) و(30) على تطوير التعاون في مجالات التعليم العالي، والبحث العلمي، والابتكار، والصحة العامة، من خلال تنفيذ مشاريع علمية مشتركة، وتبادل الطلبة والباحثين، وإنشاء قنوات تواصل بين الجامعات ومراكز الأبحاث في البلدين. كما أولت اهتمامًا خاصًا بالتعاون في الرعاية الصحية والطب الوقائي، وتطوير التقنيات الرقمية في الخدمات الطبية. وفي المادة (13)، تناولت المعاهدة التعاون في منطقة بحر قزوين بوصفها منطقة سلام خالية من القوات الأجنبية، وأكدت على الاستخدام المستدام لمواردها وتعزيز الشراكة بين الدول الساحلية. تجسّد هذه البنود رؤية الطرفين لتوسيع التعاون من المجال الأمني والاقتصادي إلى الإنساني والعلمي، بما يرسخ شراكة شاملة تقوم على التكامل في المعرفة والتنمية والبنية التحتية الإقليمية.[10]
بصورة عامة، يمكن القول إن هذه البنود تجسد تحول العلاقة الروسية–الإيرانية من شراكة ظرفية إلى تحالف استراتيجي هيكلي يهدف إلى كسر العزلة الغربية، وبناء نظام دولي متعدد الأقطاب يعيد رسم موازين القوى في الشرق الأوسط وآسيا وأوراسيا.
وفقًا للمادة (45) من المعاهدة، لا تدخل الاتفاقية حيّز التنفيذ إلا بعد مرور ثلاثين يومًا من تاريخ تبادل إشعارات التصديق الرسمية بين الطرفين. وقد صادق مجلس الدوما الروسي على المعاهدة في أبريل 2025، فيما أقرّها البرلمان الإيراني في مايو من العام نفسه، وبناءً عليه من المقرر أن تدخل المعاهدة حيّز النفاذ اعتبارًا من يونيو 2025، ودخلت حيز النفاذ بالفعل يوم 2 أكتوبر 2025 بعد استكمال الإجراءات الدستورية في كلا البلدين.
ورغم جاهزية المعاهدة منذ فترة سابقة، فقد تأخر توقيعها النهائي وتنفيذها نتيجة الوفاة المفاجئة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في مايو 2024، وهو ما أشار إليه السفير الإيراني لدى موسكو، موضحًا أن الاتفاق كان مكتمل الصياغة لكن رحيل رئيسي حال دون التوقيع في موعده. كما ساهمت توجهات الرئيس الجديد مسعود بزشكيان، الساعية إلى قدر أكبر من الانفتاح تجاه الغرب، في إبطاء وتيرة استكمال المعاهدة خلال الأشهر الأولى من ولايته. وإلى جانب ذلك، تأثرت طهران بتجربتها غير الناجحة مع اتفاقية التعاون الاستراتيجي مع الصين (2021)، التي لم تُفعَّل فعليًا، ما دفعها إلى اعتماد نهج أكثر حذرًا تجاه الاتفاق مع موسكو، وإعادة دراسة بنوده وآليات تنفيذه لتجنّب تكرار تجربة الاتفاق الصيني الذي بقي دون تطبيق ملموس.[11]
ثانيا: دوافع إيران وروسيا لعقد الشراكة الاستراتيجية الشاملة (2025) .
- دوافع روسيا وإيران في إعادة رسم التوازنات الدولية والاقليمية
تمثّل المعاهدة الاستراتيجية بين روسيا وإيران خطوة متقدمة نحو إعادة رسم التوازنات الإقليمية والدولية، في ظلّ تراجع النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط وتصاعد التنافس بين القوى الكبرى على النفوذ العالمي. وتسعى موسكو وطهران من خلال هذه الشراكة إلى بناء محور تعاون سياسي دولي يقوم على دعم نظام عالمي متعدد الأقطاب، يحدّ من الهيمنة الغربية ويمنح الدولتين مساحة أوسع للمناورة في القضايا الإقليمية والدولية. وتأتي هذه الشراكة في إطار تعزيز التنسيق السياسي والدبلوماسي بين الجانبين داخل المنظمات الدولية والإقليمية، ولا سيّما منظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة بريكس، بهدف توحيد المواقف إزاء القضايا العالمية الحساسة وتوسيع مجالات التعاون مع القوى الآسيوية الصاعدة.
كما تسعى الدولتان عبر هذه الشراكة إلى مواجهة العقوبات الغربية المفروضة عليهما من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وذلك من خلال تنسيق المواقف الاقتصادية والمالية وتبادل الدعم في المحافل الدولية، بما يعزّز قدرتهما على مقاومة الضغوط الخارجية والحفاظ على استقلال قرارهما السياسي. وبذلك، لا تُعدّ الشراكة الروسية–الإيرانية مجرّد اتفاق ثنائي، بل تمثل أداة استراتيجية لإعادة صياغة موازين القوى على المستويين الإقليمي والدولي بما يخدم المصالح المشتركة للطرفين.[12]
- الدوافع الاقتصادية لعقد الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وإيران
شكّلت العقوبات الغربية المشدّدة والتحركات الأمريكية ضد كلٍّ من روسيا وإيران ولا سيما في قطاعي النفط والغاز اللذين يشكّلان العمود الفقري لاقتصادي البلدين دافعًا قويًا لتقارب استراتيجي بين موسكو وطهران. فقد أدّت هذه الضغوط إلى إدراك متبادل لدى الطرفين بأن استمرار الاعتماد على الأسواق الغربية أو على النظام المالي الدولي الخاضع للهيمنة الأمريكية لم يعد خيارًا مستدامًا، ما دفعهما إلى انتهاج سياسة رفع سقف التعاون الاقتصادي وتخفيف حدة المنافسة في المجالات الحيوية المشتركة، خصوصًا الطاقة والنقل والتجارة.
بالنسبة لإيران، فإن التنسيق مع روسيا يمثّل وسيلة حيوية لتفادي الحصار الاقتصادي الأمريكي وتجاوز القيود المفروضة على صادراتها النفطية والمصرفية. ومن خلال هذا التعاون، تحاول طهران إيجاد منافذ جديدة لتسويق منتجاتها البتروكيميائية وتبادل السلع والخدمات عبر أنظمة مالية بديلة تعتمد على العملات المحلية أو المقايضة المباشرة، متجنّبةً بذلك القيود المفروضة على استخدام الدولار ونظام “SWIFT”.
أما بالنسبة لروسيا، فقد ازدادت حاجتها إلى إيران كجسر استراتيجي نحو الأسواق الآسيوية والخليجية بعد تقليص صادرات الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا عقب اندلاع الحرب الروسية–الأوكرانية عام 2022، وفرض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على قطاع الطاقة الروسي. ومن ثمّ، ترى موسكو في التعاون مع طهران فرصةً لتعويض خسائرها من الأسواق الأوروبية عبر الوصول إلى مياه الخليج العربي وإنشاء مسارات تصدير جديدة، مثل ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب (INSTC) الذي يربط روسيا بإيران والهند مرورًا بالقوقاز وبحر قزوين.
ويعكس هذا التوجه إدراكًا متبادلًا بأن التحديات الغربية تمثل مهددًا بنيويًا مشتركًا، ما يحفّز البلدين على بناء منظومة اقتصادية تكاملية تسهم في تنويع الأسواق وتخفيف آثار العقوبات. كما يُلاحظ أن موسكو وطهران تعملان على تعزيز التعاون في مشاريع الطاقة النووية المدنية، وتبادل التكنولوجيا، وإقامة شراكات استثمارية في قطاعات البنية التحتية والصناعة الدفاعية، بما يرسّخ نهجًا جديدًا يقوم على “الاعتماد المتبادل في مواجهة العزلة الغربية”.
- الدوافع الأمنية لعقد الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وإيران
شكّلت الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022 وما تبعها من دعم عسكري ومالي واسع النطاق من الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين لأوكرانيا نقطة تحوّل محورية في إدراك كلٍّ من موسكو وطهران لطبيعة التهديدات المحيطة بهما. فقد أدرك الطرفان أن البيئة الأمنية الإقليمية والدولية تتجه نحو مزيد من الاستقطاب، ما يستدعي تطوير شراكة أمنية واستراتيجية متعدّدة الأبعاد لمواجهة هذه التحولات.[13] وفي هذا السياق، برزت أحداث منطقة القوقاز، ولا سيما نتائج الحرب الأذربيجانية الأرمينية الأخيرة 27 سبتمبر 2020، بوصفها مصدر قلق مشترك لروسيا وإيران. فكلتاهما تنظران بقلق إلى الدور التركي المتنامي في دعم أذربيجان عسكريًا وسياسيًا، وما قد يترتب على ذلك من توسّعٍ للنفوذ التركي حتى حدود روسيا الجنوبية وإيران الشمالية.
تخشى إيران على وجه الخصوص من أن يؤدي الدعم التركي لأذربيجان إلى إحياء النزعات الانفصالية أو القومية الأذرية داخل شمال إيران، بينما ترى موسكو أن التمدد التركي بوصف أنقرة عضوًا فاعلًا في حلف شمال الأطلسي (الناتو) يشكّل تهديدًا مباشرًا لمجالها الأمني التقليدي في القوقاز وآسيا الوسطى.[14] ويضاف إلى ذلك، القلق الإيراني من الحضور الإسرائيلي في أذربيجان والذي يتزايد من خلال التعاون العسكري والاستخباراتي بين باكو وتل أبيب، إذ ترى طهران في هذا الوجود تهديدًا أمنيًا مزدوجًا يأتي من بوابتها الشمالية بدعم تركي وغربي ضمني. كما تتقاطع هذه المخاوف مع تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، خاصةً بعد اندلاع حرب غزة (2023–2025) والتوترات المستمرة في لبنان، إلى جانب السيناريو المحتمل لسقوط نظام الأسد في سوريا الذي يُعدّ آخر معاقل النفوذ الروسي في المشرق العربي. في ظل هذه التغيرات، تخشى موسكو من تقلّص مجال نفوذها الإقليمي لحساب المحور التركي الأمريكي الإسرائيلي، بينما تنظر طهران إلى هذه التطورات بوصفها محاولة لتطويقها جيوسياسيًا.[15]
- الدوافع العسكرية لعقد الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وإيران
رغم أن روسيا تُعدّ قوة عسكرية كبرى تمتلك ترسانة متقدمة من الأسلحة الاستراتيجية، بما في ذلك الأسلحة النووية، فإن طول أمد الحرب الروسية–الأوكرانية وتعقيد طبيعتها التي لا تزال تُدار إلى حدٍّ كبير كحرب تقليدية، فرض على موسكو حاجة ملحّة إلى أنظمة تسليح تتناسب مع متطلبات الميدان.
وفي هذا السياق، برزت الطائرات المسيّرة والصواريخ متوسطة المدى كعناصر حاسمة في تكتيكات الحرب الحديثة، وهي المجالات التي تمتلك فيها إيران خبرة متراكمة وقدرات إنتاجية واسعة. فقد اتجهت موسكو إلى الاستعانة بالمنظومات الإيرانية، وخاصة طائرات “شاهد” المسيّرة، التي أثبتت فاعليتها في الاستطلاع والضربات الدقيقة منخفضة التكلفة، لتُسهم في تعزيز القدرات الروسية الميدانية في أوكرانيا، خصوصًا في ظل القيود الغربية المفروضة على توريد التقنيات العسكرية إلى روسيا.
من ناحية أخرى، جاءت إيران إلى هذه الشراكة بدوافع أمنية دفاعية بالأساس. فبعد سلسلة من الأحداث الأمنية الحساسة أبرزها المواجهات المباشرة مع إسرائيل، واغتيال إسماعيل هنية في طهران، إلى جانب استهداف مواقع إيرانية حساسة في سوريا ومقتل عدد من ضباط الحرس الثوري الإيراني أدركت طهران وجود ثغرات في منظومتها الدفاعية الجوية، خاصة بعد نجاح الطائرات الإسرائيلية في اختراق عمق الأجواء الإيرانية وتنفيذ هجمات داخل مدن رئيسية مثل طهران وأصفهان. وقد زاد من حدة القلق الإيراني التهديدات المتكررة من الإدارة الأمريكية المحتملة بقيادة دونالد ترامب بشن عمليات عسكرية ضد إيران أو وكلائها الإقليميين، ما دفعها إلى البحث عن مظلة ردع قوية تضمن حماية سيادتها ومنشآتها الحيوية، ولا سيما النووية منها.[16]
ثالثا: مكتسبات أطراف معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة
- المكتسبات المحتملة لإيران من الشراكة الاستراتيجية الشاملة
- المكتسبات السياسية والدبلوماسية
تمثّل الشراكة الاستراتيجية بين إيران وروسيا خطوة محورية في مسار تحقيق أهدافهما الجيوسياسية المشتركة في مواجهة الهيمنة الغربية، كما تُعدّ محطة مفصلية في تحوّل السياسة الخارجية الإيرانية نحو الشرق في ظل استمرار التوترات مع الولايات المتحدة وحلفائها. فإيران ترى في هذه المعاهدة وسيلة لتعزيز مكانتها السياسية وكسر عزلتها الدولية، بينما تنظر موسكو إلى طهران بوصفها شريكًا ضروريًا في صياغة توازنات جديدة للقوة في الشرق الأوسط وكبح النفوذ الأمريكي.
لقد أتاح هذا التحالف للطرفين تعميق التعاون السياسي والعسكري، الذي برز بوضوح خلال الحرب الروسية–الأوكرانية من خلال دعم طهران لموسكو بالطائرات المسيّرة والصواريخ الموجّهة، كما منح إيران غطاءً سياسيًا قويًا عبر الارتباط بقوة كبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن، ما عزّز من شرعيتها وقدرتها على مواجهة الضغوط والعقوبات الغربية. وعلى الصعيد الإقليمي، مكّنت الشراكة طهران من توسيع نفوذها السياسي والعسكري في ملفات الشرق الأوسط، خاصة بالتنسيق مع موسكو في الأزمة السورية، ما سمح لها بتقديم نفسها كقوة موازنة للتحالفات الغربية–الخليجية.[17]
ويمتد الاتفاق لعشرين عامًا، ليشكّل إطارًا مؤسسيًا لتعاون متصاعد في مجالات الدفاع والطاقة والتجارة والتكنولوجيا، ويُرسّخ محورًا مضادًا للنفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. وقد أسهم هذا التحالف في تعزيز استقلال القرار الإيراني، وتوفير بديل استراتيجي عن الغرب، بما يُضعف من تأثير الضغوط الأمريكية عليها. كما كرّس اصطفاف طهران مع المعسكر الشرقي الذي يضم روسيا والصين، ضمن ما تصفه واشنطن بـ«تحالف المعزولين» المناهض للنظام الدولي الذي تقوده، وهو ما عمّق من تدهور الثقة السياسية واتساع الفجوة الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران.[18]
تعزيز الموقف التفاوضي مع الولايات المتحدة: يُنظر إلى تفعيل الاتفاقية الاستراتيجية بين إيران وروسيا بوصفه تطورًا محوريًا في خضم التغيرات الجيوسياسية الراهنة، إذ يأتي الإعلان عنها في ظل تصاعد الأزمات الدولية واستمرار الضغوط الاقتصادية على البلدين. فإيران تواجه منذ سنوات عقوبات دولية صارمة، كان آخرها تفعيل “آلية الزناد” بموجب القرار الأممي رقم (2231)، نتيجة اتهامها بعدم الامتثال لبنود الاتفاق النووي الشامل (JCPOA) الموقع في 15 يوليو 2015. وفي المقابل، تتعرض روسيا لضغوط سياسية واقتصادية متزايدة من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بسبب استمرار الحرب في أوكرانيا. ومن هذا المنطلق، ترى موسكو وطهران في هذه الشراكة وسيلة لتعزيز قدرتهما على الصمود أمام العقوبات الغربية وتخفيف آثار الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تواجههما.
ويعتقد بعض الخبراء، أن دخول الاتفاقية حيز التنفيذ يوفّر لإيران طبقة من الحماية الاقتصادية والسياسية، بما يتيح لها هامشًا أوسع للمناورة في مواجهة الضغوط الغربية، ويؤمّن في الوقت نفسه مظلة دعم غير مباشر من روسيا دون أن يصل الأمر إلى التزامات دفاعية متبادلة على غرار حلف شمال الأطلسي (الناتو). ولفتوا إلي أن التعاون الوثيق بين طهران وموسكو في هذه المرحلة الحرجة يحمل أبعادًا استراتيجية بالغة الأهمية، إذ يُرسل رسالة واضحة إلى الغرب، ولا سيما إلى الولايات المتحدة، مفادها أن سياسة الضغط الأقصى وعزل إيران قد فشلت، وأن لدى طهران بدائل وخيارات جدية أخرى في إطار تحالفات جديدة مع قوى شرقية صاعدة.[19]
- المكتسبات الاقتصادية
تُمثّل المكتسبات الاقتصادية وقطاع الطاقة أحد أهم أركان الشراكة الاستراتيجية بين إيران وروسيا، إذ وفّرت المعاهدة وسيلة فعّالة للتحايل على العقوبات الأمريكية التي كبّلت الاقتصاد الإيراني لسنوات، وساهمت في بناء شبكة اقتصادية موازية تعزز استقلال القرار المالي لطهران. فقد نص الاتفاق على تفعيل آليات مالية وتجارية مشتركة تعتمد على التعامل بالعملات المحلية (الريال والروبل) لتقليص الاعتماد على الدولار والحدّ من القيود المفروضة على النظام المصرفي الإيراني. كما فتحت موسكو أمام طهران أسواقًا بديلة لتصدير النفط والغاز عبر قنواتها التجارية أو بأسعار تفضيلية إلى الأسواق الآسيوية، خاصة الصين والهند، مما ساعد في الحفاظ على تدفّق العائدات النفطية وتقليص أثر العقوبات الغربية على قطاع الطاقة الإيراني.[20]
وعلى مستوى البنية التحتية الإقليمية، جاء التعاون في إطار مشروع ممر النقل الدولي الشمال–الجنوب (INSTC) ليعزّز الدور الجغرافي لإيران كممر رئيسي يربط الخليج العربي بروسيا والهند مرورًا بالقوقاز وآسيا الوسطى، وهو ما منحها موقعًا محوريًا في التجارة العابرة بين آسيا وأوروبا. كما توسّع التعاون في مجال الطاقة النووية السلمية من خلال استكمال مراحل مشروع مفاعل بوشهر 2 و3 ونقل الخبرات الروسية في إدارة المنشآت النووية.
وفي مجال الاستثمار المشترك، فتحت المعاهدة الباب أمام دخول الشركات الروسية إلى قطاعات استراتيجية داخل إيران، تشمل النفط والغاز والبتروكيماويات والنقل والسكك الحديدية، بما ساهم في تعزيز القدرات الإنتاجية وتحديث البنية الاقتصادية للدولة. وبهذا، أرست الشراكة الروسية–الإيرانية أسس محور اقتصادي شرقي متنامٍ بقيادة موسكو وبكين، يمنح طهران هامشًا واسعًا للمناورة في مواجهة الضغوط والعقوبات الغربية.[21]
تعاني إيران من عجز غازي بنسبة 25% وانقطاعات كهربائية متكررة، وانخفاض في الإنتاج الصناعي بنسبة 45% في قطاع الصلب بسبب نقص الطاقة. سعى الشراكة مع روسيا إلى إصلاح البنية التحتية للطاقة، لكن المنافسة بين الغازين الإيراني والروسي، إضافة إلى العقوبات، تجعل التعاون صعب الاستدامة.
- المكتسبات الأمنية والعسكرية:
شهدت الشراكة الأمنية والعسكرية بين إيران وروسيا تطورًا لافتًا في السنوات الأخيرة، حيث زوّدت موسكو طهران بتقنيات عسكرية متقدمة، شملت طائرات مقاتلة من طراز Su-35، وأنظمة دفاع جوي متطورة، فضلًا عن دعمها في مجال الأقمار الصناعية والاستطلاع الفضائي، الأمر الذي عزز من قدرات الدفاع الجوي الإيرانية ورفع كلفة أي عمل عسكري أمريكي محتمل ضدها. كما امتدّ التعاون بين الجانبين إلى المجالين الاستخباراتي والاستراتيجي، خاصة في مناطق النزاع مثل سوريا والبحر الأحمر والخليج العربي، ما أضفى على التنسيق الأمني بينهما طابعًا أكثر فاعلية وأثار قلق واشنطن وحلفائها الإقليميين. ومع تصاعد مستوى التنسيق العسكري، باتت الولايات المتحدة تنظر إلى هذا التقارب بوصفه نواةً محتملة لتشكيل محور ردع إقليمي تقوده موسكو وطهران، يمكن أن يهدد توازنات القوى التقليدية ويقوّض النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط.[22]
- المكتسبات المحتملة لروسيا من الشراكة الاستراتيجية الشاملة
- المكتسبات السياسية والدبلوماسية
تعميق الانقسام في النظام الدولي: يُظهر الاتفاق بين روسيا وإيران اتجاهًا واضحًا نحو تعميق الانقسام في النظام الدولي، إذ يرسّخ محاور بديلة للنفوذ العالمي ويعزّز قدرة البلدين على التحرّك بعيدًا عن التأثير الاقتصادي والدبلوماسي الأمريكي والأوروبي. ونتيجة لذلك، تصبح محاولات الولايات المتحدة لعزل موسكو أو طهران أكثر صعوبة من الناحية العملية والسياسية.[23]
وفي الوقت نفسه، يُسهم الاتفاق في كسر العزلة الدولية المفروضة عليهما؛ فالشراكة مع إيران تُظهر أن روسيا ليست معزولة كما يسعى الغرب إلى تصويرها، بل تمتلك تحالفات راسخة مع دول تواجه الضغوط ذاتها. كما أن هذا التعاون يتكامل مع تنسيقها المتنامي مع الصين، بما يؤدي إلى تشكّل محور ثلاثي (روسيا–إيران–الصين) قادر على موازنة النفوذ الأمريكي وإعادة تشكيل موازين القوى في النظام الدولي.[24]
تعزيز أوراق الضغط على الغرب: وجود إيران إلى جانب روسيا يمنح موسكو ورقة ضغط في مفاوضاتها مع واشنطن وأوروبا، خاصة في ملفات الطاقة والملف النووي الإيراني. كما يُستخدم التحالف كورقة لتقويض محاولات الغرب توحيد الجبهة ضد روسيا في الحرب الأوكرانية.[25]
ضغط دبلوماسي أكبر على واشنطن: روسيا بإمكانها الآن تشغيل شراكة مع إيران لتقليل تأثير الضغوط الغربية وهذا يجعل إدارة علاقات واشنطن بموسكو أكثر تعقيداً لأن أي خطوة عقابية قد تندرج في سياق مواجهة مع شبكة أوسع من الشركاء.
قد تلجأ واشنطن إلى تصعيد دبلوماسي وقانوني في المحافل الدولية لمواجهة تعاظم الشراكة الروسية–الإيرانية، من خلال عرقلة أي تحركات مشتركة تهدف إلى تقويض قرارات الأمم المتحدة أو تعطيل آليات العقوبات الدولية. وفي هذا الإطار، يُتوقّع أن تستخدم الولايات المتحدة منابرها داخل مجلس الأمن والمؤسسات الأوروبية لتسليط الضوء على ما تعتبره عمليات تهريب أو تعاونًا عسكريًا غير مشروع بين موسكو وطهران، في محاولةٍ لفرض ضغوط سياسية وقانونية إضافية تحدّ من قدرة البلدين على الالتفاف على النظام الدولي القائم..[26]
تعزيز موقف روسيا التفاوضي: الشراكة تزيد قدرة روسيا على المماطلة والاستمرار في العمليات المسلحة لأن لديها مصادر إمداد بديلة، ما يقلّل من حوافز التسوية السريعة أو الضغوط الاقتصادية التي قد كانت تُسرّع التسوية. بالمقابل، هذا قد يدفع أطرافاً أخرى (أوروبا، تركيا، الصين) لإعادة توازن سياساتها تجاه كلا البلدين.[27]
- المكتسبات الاقتصادية
- تنويع الأسواق وتقليل الاعتماد على أوروبا بعد حظر صادرات النفط والغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي، تسعى موسكو إلى فتح منافذ بديلة نحو آسيا والشرق الأوسط عبر الأراضي والموانئ الإيرانية.
- إتاحة إمكانية وصول روسيا إلي منطقة الخليج عبر إيران من خلال ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب (INSTC) الذي يربط روسيا بإيران والهند، يمكّن موسكو من الوصول إلى الخليج العربي والمحيط الهندي دون المرور عبر الممرات الخاضعة للرقابة الغربية. هذا الممر يقلّل تكلفة النقل بنسبة 30–40% ويختصر زمن الشحن من 40 إلى نحو 20 يومًا.
- التعاون في قطاع الطاقة من أبرز ركائز الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وإيران، إذ تمتلك طهران واحدًا من أكبر احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم، ما يجعلها شريكًا أساسيًا لموسكو في تنسيق سياسات الإنتاج والأسعار في مواجهة الأسواق الغربية. وقد حصلت شركات الطاقة الروسية، مثل غازبروم ولوك أويل، على امتيازات واسعة للاستثمار في حقول الغاز الإيرانية، إلى جانب تبادل الخبرات في مجالات تسييل الغاز ونقله.
- أبرم الجانبان اتفاقيات لتوريد الغاز الروسي إلى إيران مقابل منتجات صناعية وزراعية، الأمر الذي أتاح لروسيا قنوات تصدير مرنة خارج النظام الغربي، وفي الوقت نفسه عزّز قدرة إيران على تجاوز العقوبات وتطوير قطاعها الطاقوي ضمن إطار تعاون اقتصادي متبادل يخدم مصالح الطرفين.
- التعاون الصناعي (نقل أجزاء، إقامة خطوط إنتاج طائرات مسيّرة أو تقاسُم خبرات الصيانة) يساعد روسيا على تأمين إمدادات بديلة وتقليص الاعتماد على أسواق غربية أو الموردين الذين تقيّدهم عقوبات. هذا يطيل أمد القدرة القتالية الروسية ويصعّب محاولة تقويضها عبر مقاطعة تكنولوجيا محددة.[28]
- المكتسبات العسكرية والأمنية
- الحصول على تقنيات وأسلحة غير غربية بما أن إيران تُعدّ رائدة في مجال الطائرات المسيّرة والصواريخ قصيرة المدى منخفضة التكلفة، وهو ما استفادت منه روسيا في الحرب الأوكرانية لتعويض نقص إنتاجها المحلي. تم تطوير خطوط إنتاج مشتركة للطائرات المسيّرة الإيرانية في روسيا، ما يعزّز الاكتفاء الذاتي الروسي في سلاح الجو التكتيكي.[29]
- تزويد روسيا بالطائرات المسيّرة (drones) وأنماط من الذخائر أدى إلى تغيّر ملموس في القدرات العملياتية الروسية (زيادة انتهاكات الأجواء، هجمات على بنى تحتية، وعمليات عبر الحدود). تقارير وتحليلات أمنية توثّق أعداداً كبيرة من الطائرات الإيرانية المرسلة وعمليات إنتاج التجميع داخل روسيا.[30] هناك أيضاً تقارير عن نقل صواريخ قصيرة المدى وتقنيّات أخرى من إيران إلى روسيا، ما وسّع مجموعة القدرات التكتيكية الروسية.[31]
- تزويد القدرات واللوجستيات العسكرية: وجود منصات استطلاع وهجمات جوية (طائرات مسيّرة انتحارية) من صنع أوتعديل إيراني أعطى روسيا أدوات إضافية لتنفيذ ضربات دقيقة أو للمضايقة الجوية، مما أثر على دفاعات أوكرانيا وكوّن تحديات جديدة لأنظمة مضادة للطائرات الصغيرة والـEW. هذا أدى أيضاً إلى تحرّك حلفاء أوكرانيا لتقديم أنظمة دفاع جوي متقدمة أو برامج مضادة للطائرات المسيّرة.[32]
رابعا: السيناريوهات المحتملة لمسار هذه الشراكة في ظل التحولات الجيوسياسية.
السيناريو الأول: تعميق التحالف الاستراتيجي
يُعد هذا السيناريو الأكثر ترجيحًا على المدى القصير والمتوسط، إذ تدفع التهديدات المشتركة والضغوط الغربية المتصاعدة كلًّا من موسكو وطهران نحو تعزيز التعاون في مختلف المجالات. فمن المتوقع أن يشهد هذا المسار توسيعًا في مجالات التعاون العسكري والتكنولوجي، لا سيما في تطوير الطائرات المسيّرة وأنظمة الدفاع الجوي، إلى جانب تبادل الخبرات الميدانية المستفادة من الحربين في أوكرانيا وسوريا. كما يُتوقَّع زيادة مستوى التكامل الاقتصادي والمالي عبر اعتماد أنظمة تسوية بالعملات الوطنية لتجاوز العقوبات الأمريكية، مع توسيع استخدام الممر الدولي للنقل “الشمال–الجنوب” بهدف تعزيز حركة التجارة بين روسيا وإيران والهند. إضافةً إلى ذلك، يُرتقب تفعيل أطر التنسيق السياسي بين الجانبين داخل المنظمات الإقليمية مثل منظمة شنغهاي للتعاون ومنظمة بريكس، بما يعزز من مكانتهما في النظام الدولي المتعدد الأقطاب. ومع ذلك، فإن استمرار هذا السيناريو يبقى مشروطًا بعدم حدوث تفاهم روسي–غربي مفاجئ قد يؤدي إلى تراجع اعتماد موسكو على طهران ويُضعف ديناميكية هذا التقارب الاستراتيجي.
السيناريو الثاني: الشراكة التكتيكية (البراغماتية)
يفترض هذا السيناريو أن تظل العلاقة بين روسيا وإيران قائمة على التقاطع المرحلي للمصالح دون أن تتطور إلى تحالف استراتيجي شامل، حيث تبقى أولويات موسكو الأمنية متركزة في أوكرانيا والفضاء الأوروبي، في حين تركز إيران على مصالحها الإقليمية في الشرق الأوسط والخليج. وضمن هذا الإطار، يستمر التعاون العسكري والاقتصادي بين الجانبين في حدود الضرورة، دون التزام استراتيجي طويل الأمد، بينما تسعى موسكو إلى موازنة علاقاتها بين طهران من جهة ودول الخليج وإسرائيل من جهة أخرى، حفاظًا على نفوذها في الشرق الأوسط دون الانحياز الكامل لإيران. ويعكس هذا السيناريو نهجًا واقعيًا تتبناه القوى الكبرى عندما تتقاطع مصالحها مع أطراف أخرى دون أن تصل إلى مستوى التطابق الكامل أو التحالف العميق.
السيناريو الثالث: التراجع النسبي للشراكة
ينطلق هذا السيناريو من احتمال تغير البيئة الدولية أو الإقليمية بما يحدّ من دوافع التقارب الروسي–الإيراني، وهو ما قد يتحقق في حال حدوث انفراجة دبلوماسية بين إيران والغرب، مثل إحياء الاتفاق النووي بشروط جديدة تخفف العقوبات، أو نتيجة تحول في أولويات روسيا بفعل ضغوط الحرب في أوكرانيا أو رغبتها في تحسين علاقاتها مع القوى الأوروبية الكبرى. وفي هذه الحالة، من المتوقع أن تتراجع مستويات التعاون الاقتصادي والعسكري بين الجانبين تدريجيًا، مع الإبقاء على قنوات محدودة للتنسيق السياسي. ويتميّز هذا السيناريو بما يمكن تسميته الاستقرار البارد، حيث لا تشهد العلاقات تدهورًا جذريًا، لكنها في الوقت ذاته تفقد زخمها الاستراتيجي وتتحول إلى شراكة محدودة النطاق والتأثير.
خلاصة القول: يتضح أن الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وإيران تمثل أحد أبرز التحولات الجيوسياسية في العقدين الأخيرين، إذ نجحت الدولتان في تحويل علاقتهما من إطار التعاون الظرفي إلى شراكة متعددة الأبعاد تستند إلى تلاقي المصالح في مواجهة الضغوط الغربية وتحديات النظام الدولي. لقد أظهرت معاهدة التعاون طويلة الأمد بين موسكو وطهران أن الطرفين يسعيان إلى إعادة صياغة موازين القوى الإقليمية والدولية من خلال بناء شبكة مصالح متبادلة تشمل مجالات الطاقة، والدفاع، والتكنولوجيا، والتجارة العابرة للحدود. كما أن التحالف الروسي–الإيراني تجاوز كونه مجرد رد فعل على العقوبات أو العزلة الدولية، ليصبح أداة لإعادة تموضع استراتيجي في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، مع سعي كل طرف إلى تحقيق مكاسب داخلية وخارجية في ظل بيئة دولية مضطربة. ومع ذلك، فإن هذه الشراكة تبقى تحالفًا براغماتيًا أكثر منها أيديولوجيًا، يقوم على المصلحة المشتركة لا على وحدة الرؤية أو الهوية السياسية. ومن المتوقع أن تستمر العلاقة في المدى القريب ضمن إطار تعميق التحالف الاستراتيجي، مدفوعة بتشابك المصالح العسكرية والاقتصادية، غير أن استمرارها على المدى الطويل سيظل رهنًا بعدة عوامل؛ أهمها مستقبل الصراع الروسي الغربي، واتجاهات السياسة الأمريكية تجاه إيران، فضلًا عن توازن القوى داخل الشرق الأوسط نفسه.
وبناءً على ذلك، يمكن القول إن الشراكة الروسية–الإيرانية تمثل ركيزة أساسية في إعادة تشكيل النظام الإقليمي، لكنها في الوقت ذاته تبقى قابلة للتكيّف أو التراجع بحسب تغير موازين المصالح الدولية. إنها شراكة قائمة على الضرورة الاستراتيجية، لكنها مرشحة لأن تتحول في حال استمرار الضغوط الغربية إلى تحالف طويل الأمد يعيد رسم خريطة التحالفات العالمية في مرحلة ما بعد أوكرانيا.
المراجع
[1] هبة الله محسن، ” العلاقات الإيرانية الروسية في ضوء نظرية تحول القوة”، مجلة البحوث المالية والتجارية، المجلد 20، العدد4، أكتوبر،2019، متاح على الرابط التالي: https://jsst.journals.ekb.eg/article_83749.html، تاريخ الدخول: 12 أكتوبر،2025.
[2] عمار جلو، ” علاقة روسيا بإيران في سوريا”، 10 مارس، 2024، مركز الدراسات العربية الأوراسية، متاح على الرابط التالي: https://eurasiaar.org/%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7-%D8%A8%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7/، تاريخ الدخول: 12 كتوبر،2025.
[3] المرجع السابق.
[4] عمار جلو، ” تطور العلاقات الروسية الايرانية بعد الحرب الأوكرانية”، 20 مايو،2025، مركز الدراسات العربية الأوراسية، متاح على الرابط التالي: https://eurasiaar.org/%D8%AA%D8%B7%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7/#_ftn15، تاريخ الدخول: 13اكتوبر،2025.
[5]“ Full text of Iran-Russia Comprehensive Strategic Partnership Treaty”، Islamic Republic News Agency (IRNA)، Available at the following link: https://ar.irna.ir/news/85722497/%D9%86%D8%B5-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%87%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D8%A7%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D9%85%D9%84%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7.
[6] IPD، “Full text of Iran-Russia Comprehensive Strategic Partnership Treaty” ،P4-18.
[7]Nigel Li, “Russia-Iran Strategic Partnership Treaty Highlights Bilateral Priorities,” Caspian Policy Center, January 28, 2025, https://www.caspianpolicy.org/research/category/russia-iran-strategic-partnership-treaty-highlights-bilateral-priorities.
[8] Ibd
[9] Ibd
[10] Ibd
[11] المرجع السابق.
[13]Julian G. Waller، “The Evolving Russia-Iran Relationship Political, Military, and Economic Dimensions of an Improving Partnership” ، JANUARY 2025، CNA،
[14] حمد جاسم، ” الشراكة الاستراتيجية بين ايران وروسيا قراءة في الاسباب والنتائج”، 19 يناير2025، مركز الدراسات الاستراتيجية، متاح على الرابط التالي: https://kerbalacss.uokerbala.edu.iq/wp/blog/2025/01/19/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D8%A7%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A/.
[15] المرجع السابق، ص2.
[16] حمد جاسم، مرجع سابق.
[17] VALDIMIR،”Russia and Iran sign a partnership treaty to deepen their ties in the face of Western sanctions”، ”، ، Available at the following link: https://apnews.com/article/russia-putin-iran-pezeshkian-treaty-partnership-71a20990373851741d1fe76a81699036?utm_.com.
[18] Hamidreza Azizi، “ Strategic Transactionalism :The Iran-Russia Partnership”، ، Available at the following link: https://mecouncil.org/publication/strategic-transactionalism-the-iran-russia-partnership/?utm.com.
[19] تطوير العلاقات الاقتصادية بين روسيا وايران فرصة ذهبية لتقويض هيمنة أمريكا، وكتالة الانباء الصوت الافغاني، متاح على الرابط التالي: https://www.avapress.com/ar/note/332446/%D8%AA%D8%B7%D9%88%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%81%D8%B1%D8%B5%D8%A9-%D8%B0%D9%87%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%AA%D9%82%D9%88%D9%8A%D8%B6-%D9%87%D9%8A%D9%85%D9%86%D8%A9-%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%A7،
[20] Daniyal Ranjbar Meshkin،”Iran and Russia on the path to building a comprehensive, principled partnership”، Available at the following link: https://www.resear/publication/389434770_Iran_and_Russia_on_the_path_to_building_a_comprehensive_principled_partnership.
[21] Nikita Smagin،” New Russia-Iran Treaty Reveals the Limits of Their Partnership”، Available at the following link: https://carnegieendowment.org/russia-eurasia/politika/2025/01/russia-iran-strategic-agreement?lang=en&utm.com.
[23]Eugene Rumer،”Russia’s Enduring Presence in the Middle East”، https://carnegieendowment.org/research/2024/11/russias-middle-east-diplomacy-relationship?lang=en
[24]Umud Shokri،”The Russia-Iran Strategic Partnership Pact: Energy Geopolitics and Shifting Global Alliances”، 14 Jul 2025، https://trendsresearch.org/insight/the-russia-iran-strategic-partnership-pact-energy-geopolitics-and-shifting-global-alliances/?srsltid=AfmBOopYTs9FUoxCHz1F5zFosE1E2PbyNybnOB6ysg6Ary5RbEDHPFjd&utmt.com.
[25] Elis Gjevori، “Analysis: Russia, Iran strengthen alliance after Syria setback”، https://www.aljazeera.com/news/2025/1/18/iran-russia-analysis-syria-setback?utm_com
[26]Julian Walle، “The Evolving Russia-Iran Relationship
Political, Military, and Economic Dimensions of an Improving Partnership”، https://www.cna.org/analyses/2025/01/the-evolving-russia-iran-relationship?utm.com.
[27] Umud Shokri،” The Russia-Iran Strategic Partnership Pact: Energy Geopolitics and Shifting Global Alliances،14 Jul 2025، https://trendsresearch.org/insight/the-russia-iran-strategic-partnership-pact-energy-geopolitics-and-shifting-global-alliances/?srsltid=AfmBOopYTs9FUoxCHz1F5zFosE1E2PbyNybnOB6ysg6Ary5RbEDHPFjd&utm_.com
[28] Julian Walle،Ibd.
[29] Ipd.p2.
[30]“ Iran smuggled drones into Russia using boats and state airline, sources reveal”، https://www.theguardian.com/world/2023/feb/12/iran-uses-boats-state-airline-smuggle-drones-into-russia?utmcom
[31] Fabian Hinz”، Iranian missile deliveries to Russia: escalating military cooperation in Ukraine،”IISS، https://www.iiss.org/online-analysis/missile-dialogue-initiative/2024/09/iranian-missile-deliveries-to-russia-escalating-military-cooperation-in-ukraine/?utm_.com
[32] Iran smuggled drones into Russia using boats and state airline, sources reveal،Ibd.
باحث في العلاقات الدولية بمركز ترو للدراسات والتدريب